الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

«الملك لويس» لاعب الكرة الذي ضل طريقه إلى الفورمولا-1

«الملك لويس» لاعب الكرة الذي ضل طريقه إلى الفورمولا-1
26 نوفمبر 2018 01:16

عمرو عبيد (القاهرة)

«أشعر بأن الناس يتوقعون مني الفشل، لذلك، أتوقع من نفسي الفوز»، كلمات كانت بمثابة خطة عمل لبطل العالم الأشهر في سباقات الفورمولا-1 لويس هاميلتون وتُلخّص هذه المقولة أسلوب ومسيرة حياة بطل العالم خمس مرات، لأن طفولته المتواضعة لم تعكس إمكانية ميلاد نجم عالمي أسطوري، يصنفه كثيرون على أنه أفضل سائق سيارات فورمولا عبر التاريخ.
نشأ هاميلتون بين والدين منفصلين وهو في عمر الثانية، ويبدو أن لويس الخامس، كما يُطلَق عليه، اعتاد حياة التنقل والترحال منذ نعومة أظفاره، إذ عاش أغلب فترات طفولته متنقلاً بين والديه، بعدما وُلِد لهما عام 1985 في مقاطعة ستيفيناج الصغيرة الواقعة في شرق إنجلترا، وحمل هاميلتون البشرة السمراء عن والده، الذي لم ينتقل للعيش معه إلا بعدما أتم عامه الـ 12، إلا أن تأثير والده، أنتوني، بدا واضحاً في بداية ارتباطه بالسيارات، حيث أهدى إليه في عامه السادس، سيارة تعمل بالتحكم عن بُعد، ويقول بطل العالم، إن والده ظل يشجعه كثيراً ويدعمه فيما يتعلق بمجال سباقات السيارات، لكنه، أي والده، ربط دعمه لابنه بضرورة التفوق في دراسته !
المثير أن مراحل طفولة هاميلتون وصباه، تعكس حقيقة امتلاك هذا البطل للعديد من المواهب المتنوعة، بجانب شخصيته القوية المقاتلة التي جعلته يعشق التفوق والنجاح والبحث الدائم عن الإنجازات، وفي أحد تصريحاته الشهيرة، قال لويس: «لطالما أردت أن أكون الأفضل بما أقوم به»، وهو ما حدث بالفعل خلال سنوات عمره الـ 33، حيث ذكر في إحدى المناسبات أنه كان من الممكن أن يصبح لاعب كرة قدم مميزاً، لو لم يحترف سباقات الفورمولا، ويُشار إلى أنه لعب كرة القدم بالفعل في سن صغيرة خلال سنوات الدراسة الأولى، وزامل النجم الإنجليزي الشهير، آشلي يونج، كما لعب الكريكيت والكاراتيه قبل أن يتم عامه السادس، ولم يخلف لويس وعده لوالده فيما يتعلق بدراسته، حيث حقق فيها نجاحاً ملحوظاً، خاصة عندما التحق بجامعة كامبريدج العالمية الشهيرة.
ووصف هاميلتون سباقات الفورمولا- 1 بأنها خطيرة ومثيرة في آنٍ واحد، ولأنه حسب قوله يعشق المخاطرة، فقد اقتحم هذا المجال في الثامنة من عمره، على المستوى المحلي، وفي عام 1995، أصبح أصغر سائق يمكنه الفوز في بطولات السيارات الصغيرة في بريطانيا، برغم أن خبرته في هذا المجال لم تتجاوز العامين آنذاك، لكنه لفت الأنظار بشدة، خاصة رون دينيس مدير فريق ماكلارين، الذي ظل يتابع تطور لويس بشغف واضح، لدرجة أنه ضمه إلى الفريق بعد 3 سنوات فقط من بداية دخول بطل العالم مجال السباقات، بل إن عقده تضمن إمكانية مشاركة الطفل صاحب الـ 13 عاماً في سباقات الفورمولا- 1، إذا رغب في ذلك!.
ورغم هذا النجاح الباهر في البدايات، إلا أن البطل الموهوب ابتعد عن منصات التتويج النهائية لمدة 6 سنوات، بسبب العديد من الأزمات التي تعرض لها على المستوى الشخصي أو المهني، لا سيما ما قام به الجمهور الإسباني من إيذاء عنصري واضح تجاه هاميلتون، بسبب صراعه ومنافسته الشرسة مع بطل بلادهم ألونسو، ويرى المتابعون أن عامي 2009 و2011، هما الأسوأ في مسيرة البطل، وخلال تلك الفترة، قرر النجم الإنجليزي الرحيل عن فريق ماكلارين والانتقال إلى مرسيدس 2013، ليحلق مجدداً في سماء البطولات بعد عام واحد فقط من الالتحاق بفريق مرسيدس، وعاد الإنجليزي البطل إلى التتويج في عام 2014، قبل أن يضم ألقاب 2015 و2017 إلى رصيد إنجازاته الضخم.

هذا الطفل سيصل إلى القمة
تطور مستوى هاميلتون كثيراً خلال الفترة بين 1999 و2001، واستطاع أن يصبح بطلاً على المستوى الأوروبي في عام 2000، ما منحه جائزة أفضل رياضي صاعد في العام ذاته، بالتأكيد كان عام 2001 مميزاً بالنسبة للبطل الشاب وقتها، عندما تسابق مع الأسطورة الألماني مايكل شوماخر، وحل بعده بـ 4 مراكز فقط، ليصفه شوماخر بأنه يمتلك قوة ومهارة غير عادية في هذا السن، وكان وقتها قد أتم 16 عاماً، وأردف شوماخر: «هذا الطفل سيصل إلى القمة العالمية بالتأكيد، لأنه يمتلك عقلية وموهبة قائد سيارات حقيقي في سن صغيرة جداً».
وتحققت نبوءة أسطورة الفورمولا -1 بعد 7 سنوات فقط، عندما بلغ هاميلتون عامه الـ 23، وتُوّج بأول ألقابه العالمية عام 2008، لكن المؤشرات كانت تؤكد قرب حدوث هذا التتويج العالمي، إذ شارك في السباقات الكبرى عام 2007 للمرة الأولى في مسيرته، وسجل أرقاماً قياسية كانت مذهلة في ذلك الوقت، نظراً لصغر سنه وقلة خبرته في مشاركته الأولى، إذ حقق 4 انتصارات في سباقات الجائزة الكبرى على حساب الصاروخ الإسباني فيرناندو ألونسو، بطل العالم مرتين متتاليتين في 2005
و2006، لكنه لم يتمكن من تحقيق اللقب في نهاية الأمر، إلا أنه عاد في 2008 ليسجل اسمه كأصغر بطل للعالم في سباقات الفورمولا -1 في عامه الثالث والعشرين.

ريمونتادا سبتمبر وأكتوبر
حصد هاميلتون لقبه العالمي الخامس، ليقفز إلى المرتبة الثانية في قائمة الأكثر تتويجاً عبر تاريخ سباقات الفورمولا - 1، متساوياً مع الأرجنتيني خوان فانجيو، المعروف بلقب المايسترو والذي يُعد أيقونة الفورمولا في خمسينيات القرن الماضي، وبات لويس على مقربة من اللحاق برقم الأسطورة الألماني شوماخر، الحاصل على اللقب العالمي 7 مرات كان آخرها في عام 2004.
وجاءت بداية سباقات العام الجاري في صالح غريمه الألماني سباسيتان فيتل، الذي حصد المركز الأول في أول جولتين، في حين احتل لويس المراكز الثاني والثالث والرابع في أول 3 جولات، إلا أن الإنجليزي نفذ انتفاضة كبرى في جولتين متتاليتين في أذربيجان و إسبانيا، ثم عاد للتراجع بين الجولات السادسة حتى العاشرة، وعاد هاميلتون للتفوق في سباقي ألمانيا والمجر خلال يوليو الماضي، قبل أن يتوهج نجم مرسيدس الأول في 4 سباقات متتالية بين سبتمبر وأكتوبر، بدأها في إيطاليا وأنهاها في اليابان، ثم شهدت البرازيل في بداية نوفمبر الجاري اللمسات الأخيرة للنجم الإنجليزي، التي منحته عدداً من النقاط أمنت له الفوز باللقب الخامس التاريخي، بمجموع نقاط بلغ 383 نقطة، قبل خوض السباق الأخير في أبوظبي، علماً أنه انطلق من المركز الأول بعدما تصدر جميع التجارب التأهيلية، وهي المرة الـ 83 التي يقود فيها هاميلتون السباقات في تاريخه الحافل.

رفاهية بلا حدود وملك هوليوود
أما فيما يتعلق بحياته الشخصية، فوصفها هاميلتون في إحدى المقابلات عندما قال: «لا أطمح في أن أكون كباقي اللاعبين، أرغب في أن أكون مميزاً بطريقتي الخاصة»، ما لم يقتصر على مسيرته المهنية بالفعل، حيث يوصف لويس الخامس بأنه يعيش حياة النجوم والمشاهير العالميين، ما أثار غيرة وحنق منافسيه في وقت سابق، عندما ألمح بعضهم إلى صعوبة فوز النجم الإنجليزي بسباق عام 2017، بسبب حياة الرفاهية التي يعيشها حسب وصف بعضهم، إلا أن هاميلتون رد عليهم داخل مضمار السباق بالفوز بذلك اللقب، قبل أن يتبعه بالتتويج في العام الحالي قبل نهاية آخر سباق في أبوظبي.
واعتاد لويس الظهور في المناسبات العامة العالمية الشهيرة، مثل حضور حفلات هوليوود، وعرض أزياء نيويورك وباريس وما شابه ذلك، ويمتلك بطل العالم منازل عدة في مدن عالمية مختلفة، بجانب العديد من السيارات الفارهة وطائرة خاصة، ولا يتوقف عن حضور الحفلات الغنائية، بجانب امتلاكه للعديد من الأصدقاء في الوسط الفني العالمي، وظهر مؤخراً في مسابقات التزلج على الجليد الترفيهية، وبرغم هذه الحياة الحافلة الصاخبة، التي تثير دهشة منافسيه، الذين يبذلون قصارى الجهد للتفوق عليه، لكن هاميلتون يظهر في سباقات الفورمولا - 1 بكامل لياقته الذهنية والفنية والجسدية!

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©