الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تظاهرات إيران.. اختبار لإدارة ترامب

3 يناير 2018 22:25
تضع التظاهرات التي عمّت أرجاء إيران الرئيس دونالد ترامب أمام اختبار حقيقي للعهد الذي قطعه من أنه سيتخذ موقفاً أكثر تصلباً معها من الذي تبناه سلفه باراك أوباما، أثناء متابعته لما يجري في هذا البلد، وستكون تلك الأحداث أيضاً بمثابة الامتحان الحقيقي لرغبة إدارته في تغيير النظام القائم. وتأتي هذه التظاهرات التي اندلعت الأسبوع الماضي بسبب الإحباط الذي أصاب المجتمع الإيراني من تردّي الوضع الاقتصادي، وما لبثت أن تحولت إلى احتجاجات على الانحرافات السياسية للسلطة، بعد شهرين ونصف من إعلان ترامب عن استراتيجية جديدة لمواجهة إيران والالتفاف على النهج المتراخي لإدارة الرئيس باراك أوباما في التعامل معها. وفي نهاية شهر يناير الجاري (2018)، سوف تتسنى له فرصة تجاوز التوقف عند الخطاب الحاد وعبارات التهديد عندما يقرر ما إذا كانت إيران ملتزمة بالفعل بالاتفاقية النووية لعام 2015 أم لا. ولكن، هناك نقطة اختلاف ينبغي التوقف عندها هذه المرة تكمن في أن التظاهرات الحالية تطرح تساؤلات جدية أمام سياسات الإدارة الأميركية حول طريقة التعامل مع هذه الانتفاضة المفاجئة التي اندلعت وفق إيقاع جديد مغاير لما شهدناه أثناء التظاهرات التي عمّت إيران عام 2009 احتجاجاً على التزوير الانتخابي، ومن حيث المبدأ، يمكن القول إن الرئيسين (ترامب وأوباما) استخدما خطاباً متطابقاً وشعارات سياسية متماثلة. مساء يوم الجمعة الماضي، وعلى حسابه في موقع «تويتر»، جاء رد الفعل الأول لترامب حيث قال: «أجمعت معظم التقارير حول التظاهرات السلمية التي أطلقها مواطنون إيرانيون على أنها تأتي على خلفية حالة الفساد وتبديد الثروات الوطنية في تمويل الإرهاب الخارجي. وينبغي على الحكومة الإيرانية أن تحترم حقوق مواطنيها بما في ذلك حق التعبير عن آرائهم، إن العالم يراقب الآن ما يجري هناك». ويكاد هذا الطرح يتطابق تماماً مع موقف اتخذه أوباما بعد ثلاثة أيام فقط من الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية السابقة التي أثارت الكثير من الجدل والاحتجاج، وخلال مؤتمر صحفي أعلن عن احترامه للسيادة الإيرانية، ولكنه عبّر أيضاً عن «قلقه العميق» من الموقف العنيف للحكومة الإيرانية ضد المتظاهرين. وأضاف الرئيس الأميركي: «وأقول لهذا الشعب الذي عقد آماله وجنّد طاقاته في الرهان على نجاح العملية السياسية، بأن العالم يراقب ما يحدث، وهو منبهر بمشاركته بتلك التظاهرات بغض النظر عن النتائج التي أتت بها الانتخابات. وعلى الإيرانيين أن يعلموا أن العالم يراقب ما يحدث». ولقد تمكنت الحكومة الإيرانية من قمع مظاهرات عام 2009، وليس من الواضح الآن ما إذا كانت موجة المظاهرات الحالية سوف تضع النظام تحت خطر أكبر، في عام 2009، خرجت مظاهرات شارك فيها ملايين الإيرانيين وخاصة في طهران. وكان يقودهم السياسي القوي الذي خسر الانتخابات، أما الآن فإن التظاهرات تنتشر عبر أرجاء البلاد كلها على الرغم من أنها اجتذبت أعداداً أقل من المتظاهرين، وهي تقوم الآن بلا قائد سياسي بارز، ومن دون شعارات وأجندات سياسية محددة. وتقول باربارا سلافين، رئيسة «مبادرة مستقبل إيران» في مركز مجلس الأطلسي للعلاقات الدولية: «يبدو للوهلة الأولى أن الأمر يتعلق بالطبقة العاملة التي كانت ذات مرة تشكل الأساس الذي قامت عليه الثورة الإسلامية، ووفقاً لبعض الاعتبارات المهمة، أصبح الأمر أكثر خطورة مما كان عليه عام 2009 عندما كانت النخب السياسية في طهران تتساءل: أين ذهبت أصواتنا الانتخابية؟. وبطريقة ما، يمكن القول إن التظاهرات الحالية أكثر قدرة على تهديد النظام». وهناك عامل جديد لا يمكن غضّ الطرف عنه، وهو الاستخدام واسع النطاق للهاتف الذكي في إيران هذه الأيام، فلقد كانت تلك الأجهزة غير شائعة الاستخدام عام 2009، على الرغم من أن وزارة الخارجية الأميركية طلبت في ذلك الوقت من شركة «تويتر» عدم إجراء عمليات الصيانة والتحديث على موقعها، وبحيث يواصل العمل خلال أيام النهار في إيران، وبحيث يمكن استغلاله في نشر المعلومات حول التظاهرات الإيرانية على أوسع نطاق. ومنذ وقت طويل، عبّر بعض المحللين عن اعتقادهم بأن الظروف باتت مناسبة لأن تتحول التظاهرات إلى انتفاضة ثورية عارمة، وبالرغم من اللهجة القاسية لدونالد ترامب إزاء إيران، فإن حكومة الولايات المتحدة لم تفعل شيئاً يستحق الذكر في هذا الصدد. وقالت «ريزا ماراشي» مديرة البحوث في المجلس الوطني الإيراني الأميركي، الذي كان يمثل المركز الرئيس في وزارة الخارجية الأميركية المتخصص بمتابعة تظاهرات عام 2009 في إيران: «إن الدروس المستقاة من أحداث عام 2009 تنطبق بشكل كبير على ما حدث أواخر عام 2017، التظاهرات الراهنة تتواصل من دون زعيم يقودها، وهناك دائماً مشكلة عندما تريد أن تخلق ثورة بلا قيادة تتولى توجيهها»، وليس من المتوقع أن تنجح «تغريدات» ترامب وحدها في حثّ الإيرانيين على توسيع مدى انتفاضتهم، وفقاً لما يقوله بعض الخبراء. * محللة سياسية أميركية ** صحفية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©