الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

أبو مسلم الخولاني .. فقيه اليمن

13 أغسطس 2015 21:55
أحمد مراد (القاهرة) عندما ثقل المرض على رسول الله صلى الله عليه بعد حجة الوداع، زعم رجل في اليمن يدعى الأسود العنسي أنه نبي مرسل من عند الله، وكان قد أتقن الكهانة والشعوذة في الجاهلية، فصيح اللسان، انتشرت دعوته في اليمن انتشاراً واسعاً، وكثر أتباعه، ولما استتب له الأمر، ودانت له البلاد، نشط في تتبع معارضيه، ممن آتاهم الله إيماناً راسخاً بدينه القويم، ويقيناً ثابتاً بنبيه الكريم، فجعل يبطش بهم، و كان في طليعة هؤلاء عبدالله بن ثوب المكنى بأبي مسلم الخولاني. عنيد في الحق وكان أبو مسلم قوياً في إيمانه، عنيداً في الجهر بالحق، فأعرض عن الدنيا وزينتها، زهد في زخرف العيش ومتاعه، ونذر حياته لطاعة الله والدعوة، وقد أراد الأسود العنسي أن يبطش بأبي مسلم، فأمر بالحطب في ساحة بصنعاء، وأن تضرم فيه النار، ودعا الناس إلى أن يشهدوا استتابة فقيه اليمن وعابدها الأول أبي مسلم الخولاني، وإقراره بنبوته، وقيد إليه أبو مسلم الخولاني على مرأى من الناس، فلما صار بين يديه نظر إليه الطاغية الكذاب، وقال: أتشهد أن محمداً رسول الله، قال: نعم، أشهد أنه عبد الله ورسوله، وأنه سيد المرسلين، وأنه خاتم النبيين، فقال: وتشهد أني رسول الله؟ فقال: إن في أذني صمم فلا أسمع ما تقول، فقال: إذاً أقذفك في هذه النار، فقال: أبو مسلم إن فعلت اتقيت بهذه النار التي وقودها الحطب ناراً وقودها الناس والحجارة، عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، فقال الأسود: لن أعجل عليك، وسأتيح لك الفرصة لتراجع عقلك، ثم أعاد عليه السؤال، فقال: أتشهد أن محمداً رسول الله؟ فقال: نعم أشهد أنه عبد الله ورسوله، وأنه أرسله بدين الهدى ودين الحق، وختم برسالته الرسالات، فازداد الأسود حنقاً، وقال: وتشهد أني رسول الله؟ قال أبو مسلم: أما أخبرتك أن في أذني صمماً، فلا أسمع مقالتك هذه، فاستشاط الأسود العنسي غيظاً، وهم بأن يأمر به فيلقى في النار، عندئذ تقدم منه رجل من أتباعه، وهمس في أذنه قائلاً: إن الرجل كما عرفت طاهر النفس، مستجاب الدعوة، وإنك إن ألقيته في النار ونجاه الله منها هدمت كل ما بنيته في لحظة واحدة، ودفعت الناس إلى الكفر بنبوتك دفعاً، وإن أحرقته النار ازداد الناس به إعجاباً وإكباراً، ورفعوه إلى مصاف الشهداء، فمُّن عليه بإطلاق سراحه، وانفِه من البلاد، وأخذ الأسود بمشورة هذا الرجل وأمر الخولاني بمغادرة البلاد. عودة المخدوعين اتجه إلى المدينة، وكان يتمنى لقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو قد آمن به قبل أن يراه، لكن توفي الرسول قبل أن يصل، وعندما وصل قصد مسجد الرسول، وفرغ من صلاته توجه نحوه عمر بن الخطاب حتى صار أمامه. وقال له: ممن الرجل؟ فقال: من اليمن، فقال: ما فعل الله بصاحبنا الذي سجر له عدو الله النار فأنجاه الله منها، فقال: هو بخير من الله ونعمة، فقال: نشدتك الله أنت هو؟ فقال: بلى، فقال عمر: أتدري ما فعل الله بعدو الله وعدوك؟ فقال: كلا فقد انقطعت أخباره عني منذ غادرت اليمن، فقال: قتله الله على أيدي البقية الباقية من المؤمنين الصادقين وأزال دولته، فقال: الحمد لله الذي لم يخرجني من الدنيا حتى قرت عيني بمصرعه، وعودة المخدوعين من أهل اليمن إلى أكناف الإسلام، فقال له عمر: وأنا أحمد الله الذي أراني في أمة محمد من فُعل به كما فُعل بخليل الرحمن إبراهيم عليه السلام، ثم أخذه من يده ومضى به إلى أبي بكر، فلما دخلا عليه سلم عليه وبايعه، فأجلسه الصديق بينه وبين عمر. أقام بالمدينة، ولزم مسجد رسول الله، وأخذ العلم على أيدي الصحابة، من أمثال أبي عبيدة بن الجراح وأبي ذر الغفاري وعبادة بن الصامت ومعاذ بن جبل وعوف بن مالك الأشجعي، ثم رحل إلى بلاد الشام، واتخذها مقاماً حتى مات.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©