الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سوريا... وصمت «الجنائية الدولية»

سوريا... وصمت «الجنائية الدولية»
17 أغسطس 2011 01:04
مازال القمع المتواصل للمحتجين على الديكتاتورية "البعثية" في سوريا يرتكب الفظاعة تلو الفظاعة في وقت تقوم فيه الحكومات الغربية المرتبكة، التي تملك أوراقاً قليلة لتلعبها ضد نظام عاقد العزم على ما يبدو على التمسك بالسلطة مهما كلف الأمر، بمراقبة الوضع وسط شعور بالعجز في الغالب. وقد فرضت الولايات المتحدة عقوبات على بشار الأسد وبعض من أقرب حلفائه؛ ودعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بلداناً أخرى إلى أن تحذو حذوها يوم الخميس. ومن جانبها، استدعت السعودية، سفيرها من دمشق رداً على قتل مئات المحتجين خلال شهر رمضان الكريم. وفي الولايات المتحدة، هناك دعوات متزايدة إلى أوباما لمطالبة الأسد بالتنحي عن السلطة. غير أنه إذا كان ثمة شيء واضح في ما قام به الأسد خلال الأشهر الأخيرة، فهو أن نطق "كلمات الديمقراطية السحرية" من قبل أوباما (مثلما يسميها بعض مؤيدي سياسته المتمثلة في الإبقاء على السفير روبرت فورد في دمشق) لن يغيّر النظام بها. ولكن أكثر ما فاجأني، بالنظر إلى الأدلة المتزايدة على أن سوريا تقوم بشكل متعمد بتحويل أجزاء من المدن المضطربة إلى مناطق حرب وتعذب المحتجين حتى الموت أثناء اعتقالهم، ومن بينهم مراهقون، هو جمود المحكمة الجنائية الدولية. فيوم الخميس فقط، قُتل 17 محتجاً على أيدي قوات الأمن عبر البلاد، مثلما أفادت بذلك وسائل الإعلام. وفي حماة، وهي مدينة مضطربة كان والد الأسد، الرئيس السابق، قد أمر بقتل الآلاف فيها في مطلع الثمانينيات لأنهم انتفضوا ضده، يقول نشطاء محليون إن 200 شخص قُتلوا منذ بداية شهر رمضان واعتقل أكثر من ألف شخص. وقد مضت خمسة أشهر على بداية الانتفاضة في سوريا، وقتل أكثر من 2000 شخص حتى الآن. هذا في حين قامت المحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيق رسمي مع القذافي وبعض قادته العسكريين بعد مرور ثلاثة أسابيع فقط على بدء الانتفاضة؛ وطلب المدعي العام في المحكمة "لويس مورينو أوكامبو" مذكرات اعتقال في السادس عشر من مايو، والتي منحت له في السابع والعشرين من يونيو الماضي. غير أن اللافت أن "مورينو أوكامبو"، الذي كان قوياً ونشطاً في شكواه بخصوص الجرائم في ليبيا، التزم الصمت عموماً بخصوص سوريا. والحال أن العنف في سوريا، كان بالقدر نفسه من السوء الذي كان في ليبيا، إن لم يكن أكثر، ومن الواضح أنه ينفذ كجزء من حملة منظمة. فرغم الادعاءات التي تقول بأنه في كل مرة توجه فيها اتهامات، يتم البعث برسالة إلى مجرمي حرب حاليين ومقبلين، وأن المحكمة الجنائية الدولية لديها تأثير رادع لسلوك أنظمة تقاتل من أجل بقائها، إلا أن سوريا تمثل تذكيراً على أن ليس كل جرائم الحرب متساوية. فالسياق مهم – من أنت، ومن هم أصدقاؤك، وإلى أي مدى تخاف القوى الكبرى من العواقب. وكانت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" أفادت هذا الأسبوع بأن "حكومة غربية" ستدفع المال من أجل إجراء تحقيق يهدف إلى أن يؤدي إلى توجيه اتهامات (الصحيفة لم توضحها)، وأن بعض الحكومات الأجنبية، وفي مقدمتها المملكة المتحدة، دعت المجتمع الدولي إلى اتخاذ تدابير أقوى وأشد. ولكن حتى الآن، لم يتم اتخاذ أي تدابير، وخلال هذا الأسبوع، ذكّرت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة "سوزان رايس" الصحافيين بأن عمل المحكمة الجنائية الدولية يتطلب دعماً من مجلس الأمن الدولي إذ قالت: "أعتقد أننا كنا نتحدث عما إن كان ذلك سيكون قريباً. وعليّ أن أقول بصراحة إنني أشك في ذلك". ورغم أنها لم تقل ذلك، إلا أنه من الواضح أن أعضاء في مجلس الأمن الدولي مثل الصين وروسيا قلقون بشأن نوع القضايا التي تنظر فيها المحكمة الجنائية الدولية. وفي هذا السياق، جادل "ستيوارت باتريك"، من مجلس العلاقات الخارجية في وقت سابق من هذا الأسبوع، بأن الصين وروسيا خائفتان لأنه "إذا كان مخولاً لمجلس الأمن الدولي التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان واستعمال القوة ضد الحكومات الوطنية، فإنه قد يتخذ خطوة ما بخصوص غضب قديم من انتهاكات حقوق الإنسان في دولتيهما". ولئن كان توجيه اتهام للأسد لن يؤدي إلى شيء ذي بال ربما، فإنه سيمثل خطوة أكثر قوة، وسيمثل تهديداً حقيقياً لتحركات الأسد المستقبلية ووضعه في العالم – شيء سيدفع العديد من حلفائه بلا شك إلى التوقف والتساؤل حول ما إن كان الدور سيكون عليهم في المرة المقبلة. وبالطبع، فإن توجيه المحكمة الاتهام إلى القذافي لم يدفعه إلى التزحزح عن مواقفه؛ ولكن توجيه الاتهام إلى الأسد سيشكل حقاً خطوة دولية عازلة وموحدة، خلافاً لقطع لكل العلاقات بشكل أحادي من قبل أوباما، وهو ما من شأنه أن يترك الولايات المتحدة لا تعلم شيئاً عن الأوضاع في سوريا في وقت يواصل فيه الأسد العلاقات مع دول أخرى. بيد أن الحالة الليبية مقارنة مع سوريا مفيدة بخصوص إلى أي مدى يمكن أن تكون مواقف المحكمة الجنائية الدولية غير منسجمة عندما يتعلق الأمر باتخاذ إجراء ما، وهو مؤشر يتأثر بالسياسة الدولية مثلما يتأثر بالرغبة في توفير العدالة. وإذا كان إجماع عالمي وإقليمي واسع قد ظهر ضد القذافي بسرعة عقب بدء انتفاضة ذلك البلد في فبراير الماضي، فإن حالة سوريا الأكثر تعقيداً - حيث يوجد خوف واضح من اندلاع قتال طائفي في مرحلة ما بعد سقوط النظام ومخاوف من أن المشاكل هناك، يمكن أن تزعزع استقرار جيران مثل لبنان - خلقت صورة دولية أكثر تشويشاً. دان مرفي محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©