الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

يوميات صائم

19 أكتوبر 2006 23:55
في ضيافة عقبة بن نافع أن تكون في تونس قصة جميلة بحد ذاتها، وأن تقضي بضعة أيام من رمضان فتلك قصة أخرى، فقد اقتضت ظروف العمل أن أزور هذه البلاد في ذلك الشهر الكريم· ففي هذه البلاد الجميلة التي حباها الله من الخضرة الكثير، ومن جمال البشر ما هو أكثر، قضيت أياما أو بالأصح ليالي رمضانية لا تنسى، في أجواء روحانية تعبق أصالة وتاريخا، بعكس ما أراد البعض تصويره من تأثير المدنية الحديثة على تركيبة المجتمع التونسي· لم تكن تلك زيارتي الأولى لهذا البلد الشقيق، وإنما تجربة قضاء أيام رمضانية هي الأولى· وعندما ترد أي مجتمع عربي أو مسلم في هذا الشهر الفضيل تتاح لك فرصة اكتشاف حقيقته، هكذا مجردة من دون تصنع و رياء، فهو الشهر الذي تتطهر فيه ، وتكون الروح فيه شفافة نقية الى أبعد الحدود· ذات صباح وقد تخففنا وصحبي من مسؤوليات العمل الرسمية، أشار علينا مضيفونا بأن نقضي سحابة نهارنا الجميل المعتدل الطقس في القيروان، وما أدراك ما القيروان؟· إنها مدينة قائد الفتح الاسلامي إلى شمال أفريقيا عقبة بن نافع، و العلامة الفاصلة في تاريخ الحضارة الاسلامية في بلاد المغرب العربي· وفي هذه المدينة التاريخية التي لا تبعد عن العاصمة التونسية سوى 160كيلومترا،العديد من مآثر الحضارة الإسلامية الخالدة· والمزارات التي تنقلك الى أجواء تلك العهود العظيمة حينما أشرقت شمس هذه الحضارة على تلك البقاع في طريقها الى أوروبا· كان الدليل السياحي يحدثنا ونحن من خلفه كالمسحورين بروعة المكان وعظمة المعلم والأثر· ففي تلك البقاع هتف القائد الفاتح عقبة بن نافع وهو عند أطراف الاطلسي '' اللهم اشهد أني بلغت المجهود، و لولا هذا البحر لمضيت في البلاد أقاتل حتى لا يعبد أحد من دونك''· ودعا ربه أن يمنع جبابرة الأرض عن مدينته الجديدة، ويملأها فقها وعلما، ويجعلها عزا للإسلام والمسلمين''· وكانت القيروان من بعده كما دعا ربه قاعدة انطلاق للفتوحات الإسلامية التي امتدت إلى الأندلس وأوروبا· وبعد أن زرنا جامع عقبة، وأدينا صلاة الظهر في موقع يجاور المكان الذي دفن فيه الصحابي الجليل أبو زمعة البلوي·خرجنا نحو أسواق المدينة، حيث محال بيع الزرابي التي قال أحد أصحابها إلا وجود لكلمة السجاد في لغة القرآن· وعند أحد الأزقة التي تقود الى زقاق أوسع التقينا شيخا جليلا أصر علينا أن نفطر في داره بمجرد ان عرف اننا عابرو سبيل بمدينته· وبعد جهد كبير نجحنا في إقناعه قبول اعتذارنا عن تلبية دعوته·· ابتسم مستسلما، وهو يقول لقد أضعتم على أنفسكم فرصة التعرف على أصحاب القلوب العامرة بحب الضيوف، والعامرة موائدهم أيضا بأطايب تونس، ولكن الإنسان خلق عجولا· وطيلة الطريق ونحن عائدون إلى تونس العاصمة لم نكن نفكر إلا في أولئك الرجال الذين بنوا كل تلك المآثر الخالدة· علي العمودي
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©