الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قصتــان قتيل ذمار

قصتــان قتيل ذمار
19 أكتوبر 2006 23:53
كان بذمار فتى من حمير من أهل بيت شرف، يقال له زرعة بن رقيم، وكان جميلاً شاعراً لا تراه امرأة إلا صبت إليه، وكان في ظهر ذمار رجل شيخ كثير المال، وكانت له بنت تسمى مفداة، بارعة الجمال حصيفة اللب، ذات لسان طلق، تفحم البليغ وتخرس المنطيق، وكان زرعة يتحدث إليها في فتية من الحي، وكان ممن يتحدث إليها فتى من قومها يقال له حيي، وهو ذو جمال وعفاف وحياء، فكانت تركن إلى حديثه، وتشمئز من زرعة لرهقه، فساء ذلك زرعة وأحزنه، فاجتمعا ذات يوم عندها، فرأى إعراضها عنه وإقبالها على حيي فقال: صدود وإعراض وإظهار بغضة عـــــــــلام ولِمَ يا بنت آل الـــــعذافر؟ فقال حيي: جمالك يا زرع بــــــن أرقــــــم إنما تناجي القلوب بالعيون النـــــواظر فقال زرعة: فإن يك مما خس حظي أنـــــــــني أصابي فتصبيني عيون القصائر فإني كـــــــــــــــريم لا أزن بــــــــــريبة ولا يعتري ثوبــــــــي ريــــــن المــــعاير فقالت المفداة: كذاك فكن يسلم لك العرض إنه جمال امرئ أن يرتدي عرض طاهر فقال حيي: حـــــــياء كـــــــما لا تعصياه فـــــإنما يكون الحياءُ مـــــــن تـــوقى المــــــعايــــــر فانصرف زرعة وقد خامره من حبها ما غلب على عقله، فغبر أياماً عنها، وامتنع عن الطعام والشراب والقرار، وأنشأ يقول: أيــــــا بغية أهدت إلى القلب لوعة لقد خبئت لي منك إحدى الدهارس وما كنت أدري والبلايا مـــــظلة بأن حمامي تحت لحظ مخالــــــــــــــس حبست على مكتوبة القلب طائعاً فيا طوع محبوس لأعنف حابس فشاع هذا الشعر في الحي، وبلغ المفداة فاحتجبت عنه، وامتنعت من محادثة الرجال، فامتنع من الحركة والطعام، فغبر على ذلك حول· ومات عظيم من عظماء القبائل، فبرز مأتم النساء، فبلغ زرعة أن المفداة في المأتم، فاحتمل حتى تناءى نشزاً، واجتمع إليه لداته يفندون رأيه ويعذلونه· فأنشأ يقول: لم يلم في الوفاء من كتم الحبب وأغــــــــضى عــــــلـــــى فؤاد لـــــــهـــيـــــد صابنا ذاك لاسم من جلب السقم عــــــــــليه ونــــــــــــــفسه في الـــــــــــــوريد ثم شهق فمات، وتصايح أصحابه ونساؤه، وبلغ المفداة خبره، فقامت نحوه حتى وقفت عليه وقد تعفر وجهه وأهله ينضحونه بالماء، فهمت أن تُلقي نفسها عليه، ثم تماسكت وبادرت خباءها، فسقطت به تائهة العقل، تكلم فلا تجيب سحابة يومها، فلما جن عليها الليل رفعت عقيرتها فقالت: بنفسي يا زرع بن أرقم لوعة طويت عليها الـقلب والسر كــــــــــــاتم لئن لم أمت حزناً عليه فإنني لألأم مــــــــن نيطت عـــــــليه التــــــمائــــــم لئن فتني حياً فلست بــــفائتي جــوارك ميتاً حيث تــــــــبلى الرمائــم ثم تنفست نفساً نبه من حولها، فإذا هي ميتة، فدفنت إلى جنبه· وقالت امرأة من حمير أشبلت على ولدها بعد زوجها: وفيتُ لابن مالك بــــــــــن أرطأه كـــــما وفــــــت لــــــــزرعـــــــــــــــة المــــــــــفداة والله لأخست بــــــــــــــــه أو ألقاه حيث يُـــــــــــــــــــلاقي وامق من يــــــهواه من ممتط نــــــــــــــاجية شمرداء وعـــــــــــــــــــــــــاثر قـــــــد خذلته رجــــــــــــلاه تريد قول الجاهلية: ان الناس يحشرون ركبانا على البلايا، ومشاة لم تعقر مطاياهم على قبورهم، وهذا شيء كان من فعل الجاهلية· المسيئة قرأتُ في سير العجم أن أردشير لما استوثق له أمره وأقر له بالطاعة ملوك الطوائف، حاصر ملك السريانية، وكان متحصناً في مدينة يقال لها الحضر، بإزاء مسكن من برية الثرثار، وهي برية سنجار، والعرب تسمى ذلك الملك الشاطرون، فحاصره فلم يقدر على فتحها، حتى صعدت بنت الملك على الحصن يوما، فرأت أردشير، فهويته، فنزلت وأخذت نشابة، وكتبت عليها: إن أنت ضمنت لي أن تتزوجني، دللتك على موضع تفتح به المدينة بأيسر الحيلة وأخف المؤونة، ثم رمت بالنشابة نحو أردشير، فقرأها، وأخذ نشابة، فكتب إليها، لك الوفاء بما سألتني، ثم ألقاها إليها، فدلته على الموضع· فأرسل إليها، فافتتحها، فدخل، وأهل المدينة نائمون لا يشعرون، فقتل الملك، وأكثر القتل فيها، وتزوجها·فبينما هي، ذات ليلة، على فراشه انكرت مكانها، حتى سهرت أكثر ليلها· فقال لها: ما لكِ؟ قالت: أنكرت فراشي، فنظروا تحت الفراش، فإذا تحت المجلس طاقة آسٍ قد أثرت في جلدها، فتعجب من رقة بشرتها، فقال لها: ما كان أبوك يغذيك؟ قالت: كان أكثر غذائي عنده الشهد والمخ والزبد، فقال لها: ما أحد بالغ بك في الحباء والكرامة مبلغ أبيك، وإذا كان جزاؤه عندك على جهد إحسانه مع لطف قرابته، وعظم حقه، اساءتك اليه، فما أنا بآمن مثل ذلك منك، ثم أمر بأن تُعقد قرونها بذنب فرس شديد الجري، جموح، ثم يجري، ففعل ذلك بها حتى تساقطت عضواً عضواً· وهو الذي يقول فيه أبو داود الأيادي: وأرى الموت قد تدلى من الحصن على رب أهله الشاطرون
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©