أعلنت شركات أميركية عديدة تعمل في نشاطات مختلفة مثل “كولجيت – بالموليف” و”أمازون دوت كام” و”داو كيميكال”، عن تأثير ارتفاع الدولار على ربحيتها، حيث قلل من قيمة مبيعاتها في الخارج عند تحويلها مرة أخرى بالعملة الأميركية. وبما أنه يبدو من الصعب التحكم في أسعار الصرف، تحاول شركات كثيرة إقناع المستثمرين باستبعاد أثارها عند الحكم على أداء شركة ما.
وارتفعت قيمة الدولار بسرعة أكثر مما هو متوقع خلال الربع الثاني. علاوة على ذلك، ليس من المتوقع لهذه القوة الجديدة التي اكتسبها الدولار الانهيار بسرعة، الشيء الذي ينبغي أن تضعه الشركات ومستثمروها في الحسبان.
وفي “كولجيت”، التي أعلنت زيادة طفيفة في أرباحها خلال الربع الثاني بلغت نحو 0,8%، تسببت قضايا العملات في خفض أرباحها بنحو 9%. وفي حالة بقاء أسعار الصرف على ما هي عليه، من الممكن أن تتأثر أرباح السنة ككل بنسبة تتراوح بين 6 إلى 7%. أما “داو كيميكال”، فأعلنت عن تراجع أرباحها من 1,1 مليار دولار في العام الماضي، إلى 734 مليون دولار خلال الربع الثاني، لتسهم العملة في نصف هذا الانخفاض.
وتُعزى هذه الخسارة إلى انخفاض قيمة المبيعات في مناطق مثل أوروبا والمكسيك، عند تحويلها مرة أخرى بالدولار. وفي غضون ذلك، لم تكن التكاليف التي يتم حسابها بالدولار رخيصة أبداً. ومن الممكن لهذه الشركات مجاراة ذلك عبر رفع الأسعار، إلا أن هذا لا يخلو من المخاطر التي تتضمن تنفير العملاء وإثارة غضب شركات التجزئة وإتاحة الفرصة للمنافسين المحليين للفوز بميزة السعر.
ويقول إيان كوك، الرئيس التنفيذي لشركة “كولجيت” :”يعود السبب في عدم إمكانية تعويض تقلبات سعر الصرف الأجنبي في الربع الثاني، إلى السرعة التي يحدث بها التغيير حيث من المستحيل الذهاب إلى السوق في اليوم التالي ورفع الأسعار فجأة لتجار التجزئة، وذلك بغض النظر عن منافسة الأطراف الأخرى”.
وحقق الدولار أداء لافتاً في الربع الثاني حيث تمكن من الارتفاع بنحو 5% مقابل اليورو. كما أن قوة الدولار مدفوعة بالضعف الذي تعيشه اقتصادات أوروبا وسعي المستثمرون للحصول على ملاذ آمن لحفظ أموالهم وسط المخاوف المتعلقة بأزمة ديون المنطقة. وتُعد مكاسب الدولار واحد من بين العديد من العوامل التي ساهمت في خلق موسم تميز بمحاربة الأرباح. ودخلت معظم الدول الأوروبية دائرة الركود في حين يسود اقتصادات الدول الكبرى الأخرى مستقبل قاتم بما فيها أميركا والصين. وبينما استمر عالم الشركات حول العالم في التعامل مع النمو غير المتساوي لسنوات طويلة، أثار ارتفاع الدولار بهذا الحجم دهشة العديد من مديري الشركات.
ويقول توماس فري مان، المدير المالي لشركة “أبوت لابروتاريز” واحدة من الشركات الرائدة في مجال الرعاية الصحية العالمية :”نواجه واحد من أكبر تأثيرات العملات التي شهدناها في عصرنا الحديث، حيث أدت التغيرات التي طرأت على أسعار الصرف، إلى انخفاض مبيعات الشركة بنحو 4,7% في الربع الماضي”.
كما تتوقع “كوكا كولا” التي انخفضت أرباحها في الربع الثاني بنحو 5%، أن تقود أسعار الصرف إلى تراجع أرباحها بنسبة تتراوح بين 8 إلى 9% خلال الربع الثالث. وقضت الآثار الناجمة عن أسعار العملات على توقعات بعض الشركات منذ بداية العام الحالي، حيث انخفضت أرباح “يوم براندز” الشركة المالكة لسلسلة مطاعم “تاكو بل” و”بيتزا هت” و”كنتاكي”، بنحو 13 مليون خلال الربعين الأول والثاني، بيد أن الشركة توقعت خسارة قدرها 10 ملايين دولار للسنة ككل.
وفي شركة “سناب أون” العاملة في صناعة المعدات، نتج عن سباق الدولار مع العملات الأخرى في أوروبا وكندا، تراجع في نمو مبيعاتها في الربع الثاني بنحو 3% إلى 1,5%. وحاولت ما يقارب نصف الشركات ونسبة كبيرة من الشركات الكبيرة، حماية نفسها ضد تقلبات العملات من خلال تثبيت أسعار الصرف قبل وقت مبكر، الممارسة التي يطلق عليها اسم “التحوط”. ووفرت عملية التحوط على شركة “آي بي أم” نحو 85 مليون دولار في هذه السنة، وذلك من خلال خفض تأثير قوة الدولار. لكن خسرت الشركة نحو 195 مليون دولار جراء عمليات التحوط في السنة الماضية عندما كان الدولار ضعيفاً. كما تسببت تأثيرات أسعار الصرف الأجنبي في خصم نحو مليار دولار من عائدات الشركة في الربع الثاني، مع توقعات تشير إلى مضاعفة المبلغ إلى ملياري دولار من عائدات النصف الثاني.
لكن لا تخلو قوة الدولار من جلب المنفعة أيضاً للشركات، خاصة في ما يتعلق بدفع أجور العاملين عندما تتم بعملات أخرى أقل قيمة مثل اليورو. كما أن قوته تمكن الشركات الأميركية من الاستحواذ على شركات أخرى في الخارج بأسعار أقل، بالإضافة إلى استفادة شركات الاستيراد، من قوة الشراء التي يتميز بها الدولار في الخارج.
نقلاً عن: وول ستريت جورنال
ترجمة: حسونة الطيب
عدد اليوم
