الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اقرأ باسم ربك

16 أغسطس 2011 22:27
رمضان شهر القرآن، خصه الله تعالى بإنزال القرآن العظيم، قال تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) “البقرة، 185”، وأعظم من حدث انقشعت به سحب الضلالات والأوهام وأشرقت به الأنوار، وأفاض سبحانه بهذا الكتاب العزيز أكبر نعمة على عباده وأشمل رحمة للعالمين، يهدي به الله من اتبع هداه سبل السلام ويخرجه من الظلمات إلى النور، فهو شفاء لما في الصدور من العقائد المنحرفة والسلوكيات المنساقة وراء الهوى. من الأحداث الخالدة التي يحييها المسلمون كل سنة في شهر رمضان المعظم ذكرى نزول القرآن الكريم لاستيحاء العبر لحاضرنا ومستقبلنا، وفي إحياء المناسبات الدينية تزكية للنفس والروح وإذكاء للشعور الديني وتعريف بمواقف ماجدة من تاريخنا بما يدعم أصالتنا ويربط حاضرنا بماضينا ويرسخ فينا القيم الدينية الحنيفة السمحة. وفي أول لقاء بين السماء والأرض، بين جبريل أمين الوحي عليه السلام والنبي محمد صلى الله عليه وسلم نزل قوله تعالى: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) “العلق، 1-5”، والمتأمل في هذه الآيات، وهي أولى آيات القرآن نزولاً، يدرك بجلاء أن في مطالبة القرآن للنبي صلى الله عليه وسلم بالقراءة حافزاً يدفع بالمجتمع إلى الرقي بجميع معانيه، ولا يتحقق ذلك إلا بالأخذ بناصية العلم والمعرفة، قال تعالى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) “الزمر، 9”. ولما كان أساس الدين الإسلامي العلم أضحى من أولوياته التركيز على آلياته: القراءة والكتابة، فكان ذلك انتصاراً للعلم والمعرفة ومقاومة للجهل والتخلف ودفعاً للرقي والتمدن والتحضر. فبالعلم يفهم الدين فهماً يستجيب لمتطلبات العصر وبه تزدهر المعارف وتبنى الحضارات وتتأسس المدنيات. فالإسلام قد فرض التطور على أهله فرضاً بمجرد نزول الآيات الأولى من القرآن الكريم وأشاد تعالى بالعلماء، فقال في محكم التنزيل: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) “المجادلة، 11”، وقال صلى الله عليه وسلم: “الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأنْبِيَاءِ” (أبو داود: 10/49)، جاء الإسلام بكل ذلك لأن المجتمعات لا يقومها ولا يرقيها شيء غير العلم، ولذلك رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر قد جعل فداء الذين لم يكن لهم فداء من الأسرى أن يعلم كل واحد منهم عشرة من المسلمين حتى يبدد سحب الجهل ويقضي على التقليد ويدفع المجتمع إلى الأخذ بأسباب الرقي والتحضر لإخراج الناس من الظلمات. إن حرص الإسلام على العلم هو السبيل الكفيل بتحقيق تقدمنا ونماء ثروتنا وطموحاتنا في العيش الكريم حتى نضمن استقلالنا وحريتنا ونعرب عن مكانتنا وتميزنا ونسهم في الحضارة الإنسانية حضارة العلم والتكنولوجيا. د. سالم بن نصيرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©