الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«عشق في الصحراء».. عندما تتحوّل العاشقة إلى شجرة لبان

«عشق في الصحراء».. عندما تتحوّل العاشقة إلى شجرة لبان
16 ديسمبر 2017 22:17
عصام أبو القاسم (الشارقة) استعاد العرض المسرحي الذي قدمته فرقة مزون من سلطنة عمان، مساء أمس الأول، تحت عنوان «عشق في الصحراء»، في إطار الدورة الثالثة لمهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي، حكاية عشق مستحيلة بين أنسي وجنيّة، انتهت بمسخ الأخيرة إلى شجرة لبان، منذورة للتجريح والطعن بالسكاكين في جذعها للأبد من قبل الأنسيين، عقاباً لها من طرف أهلها على تقربها من بني البشر. العرض الذي أعدّ نصه الكاتب نعيم بن فتح النور، عن رواية «موشكا» للكاتب العماني محمد الشحري، وصاغه إخراجياً الفنان يوسف البلوشي، حكى عن «موشكا» الجنية التي عشقت الإنسي «غدير»، وأرادته لنفسها وكادت تستملكه بسحرها وجمالها ولكنها لم تفلح، ليس لأنه لم يبادلها الحب بل لأن أهلها علموا بأمرها فحجزوها دونه. العرض لا يقدم ما يلزم من معلومات لنعرف سبب عشق الجنية لهذا الإنسي على وجه التحديد: أهي وسامته مثلاً، أم قرب داره، أو شبابه، ولكن العمل الذي جاء باللهجة العامية العمانية، يمضي ليصور غضب كبير الجن من الجنية الحسناء، ثم حبسها في دائرة نارية ومن حولها جنده وقد أخذوا في التحقيق معها وتعنيفها وتعذيبها. لا تنكسر الجنية وتصر على حبها للإنسي ولا تعتذر، فيتم نفيها وتمسخ إلى شجرة، حُكم عليها بأن تظل عرضة للتجريح والطعن بالسكاكين من بني البشر على مدى حياتها، ليستخدم دمها كبخور يحرق في المعابد والأديرة تقرباً للآلهة، بحسب ما ورد في مطوية العرض. ولكن حتى في هذا المستوى بدا العمل مفتقراً العمق الدرامي، فالمواجهة بين كبير الجن والجنية بقيت تراوح بين غضبة الجني الأكبر وثبات الجنية على موقفها أو إصرارها على شرعية حبها للأنسي، ولكن من دون توضيح وتعيين لهذه الشرعية، إن جاز القول. وفي ترجمته الإخراجية لهذا المضمون الأسطوري عمد يوسف البلوشي إلى حشد فضاء عرضه بالعديد من الممثلين والمؤدين والمغنين، تجسيماً وتغريباً، موظّفاً المزيد من أجهزة الإضاءة والمؤثرات الصوتية، لمعادلته بصرياً وسمعياً، على نحو يستثير استجابة الجمهور له ويحفّزه على المشاهدة والتفاعل. في اشتغاله على مكان العرض، عمد البلوشي إلى تحديد ثلاث منصات لوقائع عرضه، في الوسط الأيمن خيمة غدير وزوجته (ديار الأنس) وفي الجزء الأيسر موقع كبير الجن وأتباعه (ديار الجن)، وفي الخلفية ثمة الراوي، وإلى جانبه فرقة غنائية كانت تتبع أحداث العرض بأغانيها، شرحاً وتعليقاً، بمزيج من الفنون الشعبية العمانية، كالتغرود والرزحة والمغايض، وكانت هذه الألحان المتنوعة تتداخل مع حوارات شخصيات العرض وانفعالاتها وتحولاتها في اتساق واضح. في الجانب البصري أيضا، وظف البلوشي الإضاءة للانتقال بمنظور الجمهور من موقع إلى آخر في مساحة العرض الممتدة، كما وظفها، بدرجات لونية متنوعة، في إظهار وتكثيف الحالات التعبيرية والانفعالية، ولعل ذلك ظهر أكثر في صورة «موشكا» وهي تغالب وتقاوم، وفاءً لعشقه الأنسي برغم ما كانت تتعرض له من تعنيف وتعذيب في محبسها. في المسامرة النقدية، التي تلت العرض، ردّ المخرج على سؤال حول إمكانيّة تقديم عرضه على خشبة مسرح تقليدية عوضاً عن هذا الفضاء الصحراوي؟ فقال: يمكن لي أن أحول الفيلم السينمائي إلى مسرحية، كما يمكنني تحويل المسرحية إلى مسلسل تلفزيوني.. فالأمر يتعلق برغبتي في ذلك وقدرتي على تطويع العمل الفني ليناسب الفضاء الذي سيقدم فيه».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©