الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كوريا الشمالية والتفاوض «دون شروط مسبقة»

16 ديسمبر 2017 22:16
أشار وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون إلى بعض الأمور المتعلقة بسياسة الولايات المتحدة تجاه كوريا الشمالية بكيفية أثارت الاهتمام. وأثناء حديثه في المجلس الأطلسي، يوم الثلاثاء، ذكر تيلرسون أن الولايات المتحدة منفتحة على المحادثات مع كوريا الشمالية «من دون شروط مسبقة» (بغض النظر عن كون البيت الأبيض بدا متناقضاً معه حول هذه النقطة بعد ذلك بساعات، قائلًا إنه في حين أن هذه ربما تكون وجهة نظر تيلرسون، إلى أن رؤى الرئيس دونالد ترامب بشأن كوريا الشمالية «لم تتغير»). ومن المؤكد أن تصريحات تيلرسون هي محاولة لخفض درجة التوتر والتصعيد الشديد مع كوريا الشمالية، وفيها اختلاف مرحب به عن الخطابات المهددة طوال الوقت التي يفضلها غيره من كبار المسؤولين في إدارة ترامب (وأبرزهم مستشار الأمن القومي إتش أر ماكماستر). ولكن النظر عن كثب فيما قاله وزير الخارجية، يوم الثلاثاء، يظهر أيضاً أن هناك أموراً جديدة قليلة في هذا الموقف. وجوهر ما ذكره تيلرسون هو ببساطة إعادة صياغة لموقف سبق أن لخصه هو نفسه ووزير الدفاع «جيم ماتيس» في مقال نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» بعنوان «نحن نحمّل بيونج يانج المسؤولية». وكان ذلك المقال هو أول مؤشر رفيع المستوى وموثوق به على أن إدارة ترامب على استعداد لأن تنحي جانباً شرط قبول نزع الأسلحة النووية لإجراء محادثات مع كوريا الشمالية، الأمر الذي كان دائماً يشكل معوقاً بالنسبة لبيونج يان. إن الولايات المتحدة على استعداد للتفاوض مع بيونج يانج. ولكن نظراً للسجل الطويل من عدم أمانة كوريا الشمالية في المفاوضات، والانتهاكات المتكررة للاتفاقات الدولية، فإنه يتحتم على ذلك النظام أن يبدي أولاً رغبته وجديته في التفاوض بحسن نية. ومن الدلائل الصادقة على ذلك الوقف الفوري لتهديداته الاستفزازية، ووقف التجارب النووية وإطلاق الصواريخ وغيرها من اختبارات الأسلحة. وفي يوم الثلاثاء الماضي، قدم تيلرسون طرحاً مماثلاً. ففي إشارة إلى «مرحلة المساءلة الاستراتيجية» (تعبير جديد لافت للنظر بالنسبة لسياسة إدارة ترامب بخصوص كوريا الشمالية)، قال تيلرسون إنه في حين أنه لا يزال الهدف النهائي للولايات المتحدة هو «الإزالة الكاملة وبشكل ممكن التحقق منه للأسلحة النووية من شبه الجزيرة الكورية»، إلا واشنطن ستكون على استعداد للجلوس مع كوريا الشمالية وإجراء مباحثات متفتحة العقل. والسؤال: متى تبدأ المباحثات؟ هنا يأتي الجواب: لقد قلنا من الجانب الدبلوماسي إننا على استعداد للحديث في أي وقت تود كوريا الشمالية التحدث فيه، وإننا على استعداد لعقد أول اجتماع من دون شروط مسبقة. فقط دعونا نجتمع -يمكننا التحدث عن الطقس إذا كنتم تريدون. يمكننا التحدث عما إذا كانت المائدة ستكون مربعة أم مستديرة إذا كان هذا يسبب لكم اضطراباً. ولكن يمكننا على الأقل الجلوس والنظر في وجوه بعضنا بعضاً؟ ومن ثم يمكننا البدء في وضع خريطة طريق لما قد نكون على استعداد للعمل من أجله. وأكثر من ذلك، أن تيلرسون عرض، على ما أتذكر، الرفض الأكثر مباشرة للشروط المسبقة، التي تتعلق بنزع الأسلحة النووية، لإجراء محادثات مع كوريا الشمالية: «لا أعتقد -ليس من الواقعي أن نقول إننا سنتحدث فقط إذا أتيتم إلى الطاولة وأنتم على استعداد للتخلي عن برنامجكم. لقد استثمروا كثيراً في هذا البرنامج». وبين كل هذا، من الواضح أن تيلرسون يبدو عازماً على التواصل، وأن هناك نهجاً تصالحياً ذا نزعة دبلوماسية، وأن إدارة ترامب على استعداد للتفكير فيه مع كوريا الشمالية. ولكن المشكلة ستكون في المصداقية. وببساطة فإن وزير الخارجية يختلف عن أسلافه. فقد أثبت أنه غير قادر على قيادة النقاش السياسي في البيت الأبيض، وكان في معظم الأحيان على الهامش فيما يتعلق بالسياسة تجاه كوريا الشمالية. كما أن الرئيس رفض أيضاً بشكل مباشر محاولات تيلرسون السابقة تجريب الدبلوماسية، وقال له إنه «يضيع وقته في محاولة للتفاوض مع الرجل الصاروخي الصغير». ولذا، ومع أخذ كل هذا في الاعتبار، فإن التصريح الأخير لتيلرسون ربما سينتهي به الحال بأن يكون غير منطقي في المخطط الأكبر للأمور. والأمر الإيجابي هو أن التواصل بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية سيستمر، وأن هناك محادثات، حتى وإن كانت تجري على مستوى منخفض، بقيادة الممثل الخاص للولايات المتحدة في كوريا الشمالية «جوزيف يون». وليست هناك أدلة تذكر تشير إلى أن كوريا الشمالية هي حالياً في وضع يجعلها تسعى إلى الدخول في محادثات أكثر طموحاً على مستوى أعلى. ويشير أحدث اختبار أجرته لصاروخ باليستي عابر للقارات إلى أنها ما زالت تحرز تقدماً مطرداً في رادعها الاستراتيجي على رغم العقوبات الجديدة. * كاتب متخصص في الشؤون الآسيوية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©