السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

التجربة الانتخابية

التجربة الانتخابية
13 أغسطس 2015 00:33
إذا كانت الانتخابات هي الوسيلة التي يتم بواسطتها انتخاب الأشخاص واختيارهم لاتخاذ القرارات، وإقرار السياسات العامة، وهى التي تنظم العلاقات بين الفئات المختلفة داخل المجتمع، وتحقق مبدأ التمثيل، فإن المرشحين يعتبرون مقوما أساسيا في أي عملية انتخابية، فهم الفاعل المحوري فيها، ومركز حركتها من خلال أطروحاتهم وبرامجهم والحملات والدعاية الانتخابية التي يقومون بها، وبما يثيرونه من صخب ومناقشات في مختلف وسائل الإعلام أو في الندوات والأنشطة التي ينظمونها أو يشاركون فيها خلال فترة الحملة الانتخابية، يحاولون بشتى السبل كسب الناخبين إليهم، ومن هنا نظمت اللوائح والنظم العملية الانتخابية في كل مراحلها المختلفة فوضعت الضوابط للحد من أي تجاوزات قد تحدث سواء بين المرشحين، أو بينهم وبين الناخبين أو الإدارة الانتخابية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر الحد الأعلى للصرف على الحملة، ومدة الحملة، وغيرها. لكن هل يحق لأي شخص أن يكون مرشحا؟ بالطبع هناك شروط معينة لابد من توافرها في الشخص الذي يرغب في الترشح لخوض الانتخابات، وهي متشابهة في معظم الأنظمة الانتخابية على مستوى العالم، وكثيرا ما تتصف بالعمومية، لكن المهم أن يوضح النظام الانتخابي هذه الشروط بشكل جلي، ولقد راعى المشرع الإماراتي عند وضعه لهذه الشروط أن يلتزم بالمادة الدستورية الخاصة بشروط العضوية، المادة (70) من الدستور التي حددت الشروط الواجب توافرها في عضو المجلس الوطني الاتحادي وجعل الشروط الواردة فيها شروطا للترشح. فقد جاءت هذه الشروط محددة في كل من الجنسية، الإقامة، عمر المرشح، والأهلية المدنية، والإلمام بالقراءة والكتابة، فالجنسية هي الرابط القانوني بين المواطن والدولة، لذا فقد نص المشرع على شرط الجنسية للمرشح كما هي للناخب، فمن غير المعقول أن يمارس المقيم هذا الحق السياسي وهو يفتقد بالأساس إلى رابطة الانتماء والولاء للدولة، كما أنه من غير المنطقي أن يقوم الأجنبي بالتشريع لما هو غريب عنه، ومن جانب آخر فقد درجت بعض الدول على إعطاء حق الانتخاب دون الترشح لبعض مكتسبي الجنسية الجدد، لكنها حددت فترة معينة حتى يتاح لهم ممارسة هذا الحق. أما شرط الإقامة فقد جاء مرتبطا بالأساس بالدائرة الانتخابية التي يمثلها المرشح، فالناخبون يختارون مرشحيهم من الدائرة الانتخابية المسجلين فيها، وبالضرورة يكون المرشح مقيما في نفس الدائرة التي يترشح عنها، وذلك كونه ملما بقضاياها وهموم وتطلعات مواطنيها، وينطبق ذلك على الناخب المسافر الذي لابد أن يصوت للمرشح في دائرته الانتخابية. لذلك تعامل المشرع الإماراتي في البداية مع حرفية الإقامة، فجعل حق التصويت والترشح محصورا على المقيمين في الإمارة، لكنه واجه بعض الصعوبات العملية عند التطبيق، فهناك العديد من المواطنين يقيمون في إمارات أخرى غير إماراتهم لدواع متعددة من أهمها العمل، لذلك تجاوز المشرع عن ذلك حيث ربط شرط الإقامة بمكان صدور خلاصة قيد المواطن، التي تمنحه الحق في التصويت في إمارته، بالرغم من إقامته في إمارة أخرى. أما معيار العمر الذي ينص على أنه إذا كان المشرع لم يحدد بشكل قاطع سن الناخب، إلا أن المتعارف عليه أن السن القانونية تتراوح في بعض الدول بـ 21 عاما، بينما عند آخرين 18 عاما، لكن عمر المرشح يختلف بالضرورة عن عمر الناخب، فمعظم الأنظمة الانتخابية تتطلب بلوغ المرشح سنا معينة أو ما يطلق عليه سن (الرشد السياسي)، كل هذا لأن الدور والالتزامات التي تقع على كاهل المرشح إذا فاز بالعضوية مختلفة عن الناخب فهو سيكون ممثلا للشعب ومشرعا للقوانين ومراقبا على أداء الحكومة، وهذا يتطلب مؤهلات وخبرات معينة، يكتسبها الشخص بالممارسة المهنية وحصيلته العلمية، مع إمكانيات تقديره للأمور بصورة أفضل. كما أن الأهلية المدنية وحسن السيرة معيار تشترطه معظم الأنظمة الانتخابية أن يكون المرشح كامل الأهلية، التي تنصرف إلى الأهلية العقلية والأدبية، فالأولى ألا يكون مجنونا أو معتوها، وحرمانه هنا مؤقت، فإذا زال عنه المرض زال سبب الحرمان، أما الأهلية الأدبية فهي أن ينتفي عنه أي مانع قانوني يمنعه من الترشح، فلا يمكن لممثل الأمة إلا أن يكون حسن السيرة لم تلحق به شائبة جنائية مخلة بالشرف والأمانة، فهو من سيتحمل الأمانة عن ناخبيه ويدافع عن قضاياهم، وعليه لابد أن يكون أمينا ومؤتمنا على مصالح الأمة، فإذا لم يكن حريصا على ما يخص قضايا نفسه، فلا يمكن أن يكون حريصا على قضايا غيره. أما الإلمام بالقراءة والكتابة: وهنا دائماً ما يثار تساؤل، فمع كل هذا التطور الذي شهدته المجتمعات في مجال التعليم، نجد إيراد هذا الشرط، وعلى هذه الشاكلة، والحقيقة أن لهذا الشرط وجهين، الأول ضرورة أن يكون المرشح ملما بالقراءة والكتابة، فبدون ذلك لن يستطيع ممارسة عمله في التشريع والرقابة، لذا تلجأ بعض البرلمانات إلى إجراء عملية اختبار لبعض المرشحين المشكوك في قدرتهم على القراءة والكتابة، أما الشرط الثاني فإن هناك من يرى أن ممارسة التشريع والرقابة تتطلب أكثر من عملية الإلمام بالقراءة والكتابة، وعليه لابد أن يكون المرشح على قدر من التعليم ليصبح مؤهلا للقيام بواجباته، لكن معظم الأنظمة الانتخابية تشترط الإلمام بالقراءة والكتابة فقط، لأن المرشح في حالة فوزه يمثل المتعلم ونصف المتعلم وغير المتعلم، ومع ذلك نجد أن معظم المرشحين الذين يحضون بأصوات الناخبين هم من المتعلمين تعليما عاليا، لأن الناخبين يأملون أن يمثلهم الأكفأ، والمشرع الإماراتي راعى هذا الشرط في المرشحين مسايرا في ذلك الممارسات الدولية. ومن الشروط الأخرى التي لم ترد في المادة الدستورية المشار إليها أعلاه، إلزامية أن يكون اسم المرشح مدرجا ضمن قائمة الهيئة الانتخابية في إمارته، فبدون ذلك لا يستطيع الشخص الترشح. ومن جانب آخر فإنه من المهم أن يسمح النظام الانتخابي ويضمن حرية الاختيار للناخبين بين عدة مرشحين، فلا تنحصر عملية اختيار الناخبين في عدد محدود من المرشحين، فعندما تكون الفرصة متاحة لأكبر عدد من الأشخاص للترشح، تكون أمام الناخبين بدائل يمكن الاختيار من بينها، كما تقتضي حرية الاختيار عدم ممارسة أي نوع من الضغوط أو الإغراءات على الناخبين لاختيار مرشح دون آخر، هذا إلى جانب ضمان تكافؤ الفرص أمام جميع المرشحين في دعايتهم الانتخابية، وحرية تنقلاتهم في داخل الدائرة الانتخابية، والمساواة في استخدام وسائل الإعلام أو إقامة الندوات والمؤتمرات، أو نشر برامجهم الانتخابية، وعليه فإن التنظيم القانوني في الدولة أشار إلى من يحق له الترشح بصفتي العموم والخصوص، فكل من تنطبق عليه الشروط يحق له الترشح، لكنه بالنسبة للموظف العام فإنه بمجرد ترشحه يعتبر متوقفا عن ممارسة وظيفته العامة، مع جواز عودته إليها إذا لم يحالفه الحظ، أما الذين يحملون الصفة العسكرية فيجب حصولهم على موافقة جهة عملهم، لخصوصية وظائفهم، بينما اشترط المشرع على أعضاء السلطة القضائية تقديمهم لاستقالاتهم من وظائفهم، وهو أمر هام لخصوصية القضاء. ُإن من بين أهم أسس النجاح للمرشحين للفوز بالعضوية هو كسب أصوات الناخبين، خاصة أن التعديل الذي أدخلته اللجنة الوطنية للانتخابات على نظام التصويت من خلال الصوت الواحد سيلقي تبعات على المرشح للقيام بجهود أكبر للحصول على عدد أكبر من الأصوات، وتعتبر الحملات الانتخابية من أهم العوامل الحاسمة في الفوز بالانتخابات بشكل عام، وإن اختلفت في ذلك التجارب الانتخابية وفقا للتطور السياسي في كل بلد، ففيها يتم الترويج للمرشحين والتعرف على برامجهم الانتخابية، وتجرى فيها كل المحاولات لإقناع الناخب لكي يسلك سلوكا معينا في تصويته لصالح المرشح، وللحملات الانتخابية قواعد متعارف عليها تشير إليها الأنظمة الانتخابية منها على سبيل المثال لا الحصر حظر كل من القيام بأي دعاية انتخابية تنطوي على خداع الناخبين، وتقديم الهدايا، واستخدام المرافق العامة في الدعاية وغيرها. محمد سالم المزروعي* * الأمين العام للمجلس **في التجربتين الانتخابيتين السابقتين وبالرغم من الارتفاع الكبير في عدد أعضاء الهيئات الانتخابية في التجربة الثانية مقارنة بالتجربة الأولى، نجد أن عدد المرشحين كان متقارباً فلم يتجاوز 450 مرشحاً، ومن غير المتوقع أن يرتفع عدد المرشحين في هذه التجربة الانتخابية لجملة من الأسباب، لعل من أهمها أن عدد المقاعد التي يتنافس عليها المرشحون عشرون مقعداً، موزعة على الإمارات بنسب متفاوتة، كما أن الانتخابات تتم بصورة فردية، أي أنه لا توجد قوائم انتخابية يتم الانتخاب على أساسها، لكن الملاحظ في التجربتين السابقتين أن عدد المرشحات كان أقل من المرشحين الذكور بالرغم من ارتفاع عدد المرشحات في عام 2011 إلى 83 مرشحة، عوضاً عن 65 مرشحة في 2006، وفي كلا التجربتين لم تفز غير مرشحة وحيدة في كل تجربة انتخابية، وهذا يتطلب عملاً كبيراً من جانب المرأة نفسها للحصول على أكثر من مقعد نيابي بالانتخاب في هذه التجربة الانتخابية الثالثة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©