الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

زين الدين زيدان الأستاذ

زين الدين زيدان الأستاذ
18 أكتوبر 2006 00:18
زين الدين زيدان الأستاذ ؟ تأليف: إيتيين لابروني ؟ عرض وترجمة: أنور إبراهيم وضعه بيليه ضمن أفضل خمسة لاعبين في تاريخ كرة القدم ومنحه لقب ''الأستاذ''، وصفه ميشيل بلاتيني بالرائع الذي يبتكر الجديد في كل مباراة، وأطلق عليه ميشيل دينيسو مذيع قناة كنال بلوس الفرنسية الزعيم، واختاره الاتحاد الأوروبي كأفضل لاعب في النصف قرن الأخير· زين الدين زيدان هو الأستاذ والرائع والزعيم والساحر والمبدع والفنان والمايسترو، أعاد كتابة تاريخ الكرة الفرنسية ورسم بموهبتة الاستثنائية اجمل لوحات الإبداع في ملاعب الكرة واحتلت كل أعماله مكانة بارزة في متحف التاريخ الكروي مع بيليه ومارادونا وكرويف وديستفانو وبلاتيني · ترك الملاعب وعلق الحذاء على الحائط بعد مونديال المانيا 2006 ولكن إنجازاته التي سطرها خلال 16 عاماً لن تغادر ذاكرة عشاق كرة القدم لسنوات طويلة، ومع إبداعات زيدان نتوقف في أهم المحطات من خلال أحدث كتاب صدر عن قصة حياة استاذ كرة القدم · زيدان فعل كل شيء أمام رومانيا فتأهلت فرنسا لأمم أوروبا 1996 كانت مباراة فرنسا ورومانيا في التصفيات الأوروبية المؤهلة لكأس الأمم الأوروبية مباراة حاسمة ومصيرية بالنسبة لمنتخب الديوك الفرنسية الذي كان يسعى الى التأهل بأي صورة لنهائيات هذه البطولة في انجلترا·· منتخب رومانيا كان يتصدر المجموعة ووضعه أفضل كثيراً من وضع منتخب فرنسا من حيث عدد النقاط، ولهذا كانت المباراة حياة أو موت للفرنسيين بقيادة صانع اللعب الجديد زين الدين زيدان·· زيزو في هذه المباراة فعل كل شيء·· تمريرات قاتلة، مراوغة مجدية، لمسات ساحرة ومجنونة· وبعد مرور أقل من ربع الساعة فقط انطلق نجمنا من الجانب الأيمن وصنع الهدف الأول من تمريرة رائعة الى كريستيان كاريمبو·· وشدد المنتخب الفرنسي بقيادة المايسترو زيدان هجماته ونجح يوري يوركاييف في تسجيل الهدف الثاني لينتهي الشوط الأول بتقدم الفرنسيين 2/صفر· ومع بداية الشوط الثاني سجل منتخب رومانيا هدفاً لتصبح النتيجة 2/1 ويتسرب الخوف والقلق الى أوصال الجماهير الفرنسية القليلة التي كانت تشاهد المباراة ·· ويستمر الخوف ولا يتوقف القلق إزاء هجمات الرومانيين المكثفة الى أن جاءت الدقيقة 73 ليبدد زيزو الخوف والقلق ويعيد البسمة الى الشفاه بهدف رائع من تسديدة قوية لترتفع النتيجة الى 3/1 لصالح فرنسا ويصعد منتخبها الى نهائيات الأمم الأوروبية، وليعثر هذا المنتخب الأزرق أخيراً على قائده الجديد وصانع ألعابه الفريد ورقم (10) المختلف عن كل من سبقوه في هذا المركز في المنتخب الفرنسي·· ويا لها من فرحة وسعادة أبداهما صاحب قرار مشاركة زيزو في هذه المباراة كصانع لعب أساسي من بداية المباراة·· أقصد إيميه جاكيه· هدف للانتقادات في تلك الآونة ورغم إنجاز التأهل لأمم أوروبا ،1996 لم يكن زيدان يحظى بالإجماع وأصبح هدفاً للانتقادات والهجوم وخاصة بعد أن خرجت فرنسا من الدور قبل النهائي لهذه البطولة على يد منتخب جمهورية التشيك·· وبدأ الجدل يزداد حول مكان زيدان في المنتخب وأحقيته بهذا المكان وحقيقة دوره أيضاً مع المنتخب الفرنسي·· وبدأت الصحافة الفرنسية تتساءل: هل لابد أن يكون زيدان لاعباً دولياً؟ ولماذا لا يلعب بيدروس أو كورينتان مارتان في مركز صانع اللعب بدلاً منه؟ وهل يملك زيدان حقاً موهبة صانع اللعب؟·· وأسئلة أخرى كثيرة لو رددها أحد الآن لكانت مدعاة للدهشة والسخرية والضحك· ولكن كل هذه الأسئلة كان من المفترض أن يجيب عنها ليس زيدان وإنما إيميه جاكيه المدافع الأول عنه لأنه صاحب قرار اختياره أساسياً وصانع لعب، بل وثارت تساؤلات أخرى أيضاً بشأن مدى صلاحية زيدان أصلاً وهو الذي خيب الآمال في هذه البطولة الأوروبية· فعلاً·· كان هذا الموسم واحد من أسوأ مواسم زيزيو على الإطلاق إذ تعرض خلاله للإرهاق الشديد نظراً لأن ناديه بوردو كان يلعب في بطولة كأس الاتحاد الأوروبي التي صعد إليها بعد أن لعب أولاً في كأس انترتوتو (ست مباريات) ليقترب عدد المباريات التي لعبها زيدان في هذا الموسم مع ناديه ومنتخب بلاده من 60 مباراة· وإضافة الى هذا الإنهاك البدني، كان زيدان مطالباً بأن يسوي مسألة انتقاله الى نادي يوفنتوس تورينو أو السيدة العجوز الإيطالية· ولأن المصائب لا تأتي فرادى، فقد تعرض زيدان أيضاً لحادث سيارة قبيل تجمع المنتخب مباشرة·· صحيح أنه خرج من هذا الحادث سالماً، إلا أنه عانى من بعض الآلام في كعب قدمه ولكنه كان حريصاً على أن يفوت فرصة المشاركة في بطولة أوروبية كبيرة هي الأولى بالنسبة له· وإذا كان البعض في تلك الآونة قد اتهم زيدان بأنه لا يحب مغادرة الملعب أحياناً أو يكره التغيير، فإن نجمنا يرد على ذلك بقوله: ربما أكون قد قلت ذلك في لحظة ما ولكن القرار على أية حال ليس قراري·· إنه قرار إيميه جاكيه·· وقد صدق زيدان في ذلك لأن هذا الأخير كان مصمماً فيما يبدو على الاستمرار معه رغم كل الانتقادات· لحظة التساؤلات الكبرى قبل مونديال 98 ولأن فرنسا كانت هي الدولة المنظمة لكأس العالم 1998 وحصلت على ميزة عدم خوض التصفيات المؤهلة لهذه البطولة وكان أمام منتخبها الوطني موسمان طويلان من المباريات الودية استعداداً للمونديال الذي تنال فرنسا لأول مرة شرف تنظيمه، كان الطريق شاقاً وطويلاً ولكنه كاف لكي يحدد إيميه جاكيه اختياراته ويجهز التكتيك الذي سيحقق من خلاله النصر النهائي والفوز بالكأس· وحانت أيضاً لحظة التساؤلات الكبرى·· ولم يسلم أحد من هذه التساؤلات حتى زيزو نفسه·· هل بمقدوره أن يتحمل المسؤولية، مسؤولية مركزه كقائد وصانع لعب؟ هل يستطيع تحمل ضغوط هذا المركز؟· وجاءت الإجابة على أرض الملعب، وكانت البداية من إيطاليا حيث كان زيدان يتألق هناك مع ناديه يوفنتوس من خلال شغله لمركز صانع اللعب، وأسهم في فوز فريقه بالدوري الإيطالي، كما تألق على الساحة الأوروبية·· استطاع المايسترو الأستاذ أن يخرس كل الألسنة التي وجهت له النقد والهجوم وازداد تألقه يوماً بعد يوم، كما ازداد وضعه قوة في هدوء وبلا ضوضاء· كان برنامج إعداد منتخب فرنسا عام 1997 يتضمن 8 مباريات ودية لعبها جميعاً زيدان كأساسي دون أن يمثل ذلك صدمة لأحد·· وشيئاً فشيئاً بدأ يستقطب الجمهور الى جانبه بالإكثار من اللمسات الفنية الرائعة واللمسات الساحرة التي تمتع الجماهير والحركات المبتكرة التي لا يعرف سرها إلا زيدان·· وهكذا وضع الجماهير الفرنسية في جيبه! وفي صيف 1997 أقيمت دورية ودية في فرنسا كبروفة للمونديال وتألق فيها زيدان وبدا في أحسن حال، وفي نهاية نفس العام حصل زيزو على جائزة الكرة البرونزية كثالث أحسن لاعب في أوروبا بينما كان البرازيلي رونالدو هو صاحب الكرة الذهبية التي تمنحها مجلة ''فرانس فوتبول''· ظاهرة الـ ''زيزومانيا'' وكانت هذه هي البداية لحال الوفع الشديد بشخصية زيدان الكروية والإنسانية وهي الحالة التي أطلق عليها ''زيزومانيا'' والتي اتسع نطاقها وترسخت وتوطنت في كل مكان وبلغت هذه الظاهرة ذروتها في بداية عام 1998 وبدأت فرنسا كلها تعيش حمى اقتراب كأس العالم، وتم تعليق شعار المونديال في كل مكان· في يوم 28 يناير تم افتتاح استاد دي فرنسا وسجل زيدان فيه لأول مرة هدف الفوز، وبعدها بأسابيع قليلة تم افتتاح استاد فيلودروم بمرسيليا بعد التجديدات وتألق زيدان أيضاً وأسعد جماهير هذه المدينة التي يتحدر منها نجمنا·· المباراة الأولى - كما ذكرنا في حلقات سابقة - كانت ضد منتخب إسبانيا وحضرها عدد من المسؤولين الإسبان وتألق فيها زيزو رغم الأمطار وابتلال الملعب بالمياه والثلوج وسجل هدف الفوز الوحيد في المباراة· والمباراة الثانية في استاد فيلودروم بمرسيليا كانت ضد منتخب النرويج في الخامس والعشرين من شهر فبراير 98 ورغم انتهاء هذه المباراة بالتعادل 3/3 إلا أن زيدان سجل واحداً من أجمل أهدافه مع المنتخب، بل واحداً من أفضل الأهداف في تاريخ كرة القدم (ملحوظة: سبق وصف الهدف في الحلقة الثالثة)· ووضعت الجماهير كل ثقتها في زيدان واعتبرته اللاعب الذي بعثت به الأقدار لكي يأتي لفرنسا بأول كأس عالم، وشارك بلاتيني الناس الإطراء والمديح على زيدان وقال: لن يتسنى لفرنسا أن تصبح بطلة للعالم بدون لاعب عظيم مثل زيدان· وسادت فرنسا كلها حالة جيشان وفوران شعبي في ربيع 98 فالبلاد تستقبل لأول مرة كأس عالم على أرضها وهذا وحده يكفي لكي يكون الناس سعداء· قالوا عن زيدان ''للوهلة الأولى، يدعوك زيدان الى احترامه·· وهو على المستوى الفني يعادل بمفرده نصف دستة لاعبين·· إنه أفضل صفقة انتقال لريال مدريد·· نعم سيكون قاعدة انطلاق لإحراز المزيد من الألقاب والبطولات''· البرازيلي روبرتو كارلوس زميل زيدان في ريال مدريد سبتمبر 2001 سقطة مباراة السعودية في يوم 18 يونيه 1998 كان منتخب فرنسا يلعب مباراته الثانية في الدور الأول للمونديال أمام منتخب السعودية·· وسارت الأمور طبيعية الى أن جاءت الدقيقة ،70 فإذا بالحكم المكسيكي الذي يدير المباراة يلوح بكارت أحمر في وجه زيدان ليضرب الفرنسيون أخماساً في أسداس ويتساءلون فيما بينهم بصوت عال: كيف يغيب زيزو عن اللعب؟ وانطــلقت صفافير وهتافات الـ 80 ألف متفرج في اســــــتاد دي فرانس: زيزو·· زيزو·· كانت لحظة حزينة وخطيرة، فنجمهم المحبوب يتلقى أول كارت أحمر فرنسي في البطولة·· وها هو يغادر أرض الملعب ورأسه منخــــفضة ينـــــظر الى الأرض ويمر من أمام إيميه جــــــاكيه دون أن ينظر أي منهما للآخر· لقد خرج من أرض الملعب سلاح الفرنسيين الفتاك، ولكن ما الذي حدث بالضبط واستحق عليه زيدان الكارت الأحمر؟ لقد تعرض نجمنا لمضايقات كثيرة خلال هذه المباراة مما جعله يخرج عن شعوره في إحدى الكرات التي تعرض فيها للعرقلة ما كان منه إلا أن قام وداس على اللاعب السعودي بحذائه مما جعله يتألم بشدة ورآه الحكم فسارع على الفور بإخراج الكارت الأحمر· وكان المدرب البرازيلي للمنتخب السعودي قد اعترف وقتها بأنه كان قد أعد خطة جهنمية ضد زيدان لتضييق الخناق عليه ومنعه من اللعب مستريحاً· وبعد المباراة وداخل غرفة خلع الملابس كان زيدان يجلس حزيناً خائر القوى ولم يستطع أن يبتهج بالفوز مع زملائه لأنه يعلم أن ما فعله كان مخاطرة منه لأنه سبق أن نال إنذاراً قبلها في مباراة الافتتاح· وكانت النتيجة أنه تعرض للإيقاف مباراتين واعترف زيدان بأنه أذنب فيما فعله في هذه المباراة وندم على ما فعله لأن الكل كان ينتظر منه الكثير في أول كأس عالم له· وعاشر زيزو مباراة باراجواي في دور الـ 16 كمتفرج في المدرجات، وكان الضغط العصبي عليه كبيراً الى أن جاء الفرج وسجل لوران بلان الهدف الذهبي، ليقفز زيزو من على مقعده في الهواء ويخرج عن تحفظه المعتاد ويبدي انفعالاً نادراً ما يصدر عنه، ولعل سر هذا الانفعال الزائد عن الحد أنه عرف الآن وبعد هذا الفوز الثمين أن كأس العالم قد بدأت من جديد بالنسبة له· عودة أمضى زيدان عقوبة الإيقاف مباراتين وكفر عن ذنبه وعاد الى ''النجيلة الخضراء'' لاستاد دي فرانس ولم يكن يكف طوال فترة إيقافه عن تشجيع زملائه·· لقد كان يشعر بأنه مدين لهم جميعاً·· وكان يتدرب كثيراً ويجري أكثر من أجل الحفاظ على لياقته، إذ كان يعلم أن الجماهير وزملاءه ومدربه إيميه جاكيه ينتظرون منه المقابل·· مقابل منحه فرصة أخرى في كأس العالم لاستكمال المغامرة·· لقد صعد منتخب فرنسا لدور الثمانية بدونه وها هي اللحظة قد حانت لكي يرد الجميل ولكن··· من كان المنافس على مائدة دور الـ 8؟ إنها إيطاليا وهناك معرفة قديمة بينه وبين الكرة الإيطالية، وأيضاً هناك معرفة جيدة للطلاينة بالكرة الفرنسية ونجومها من خلال سبعة لاعبين فرنسيين يلعبون في أندية إيطالية وهم في الوقت نفسه أعضاء في منتخب الديوك الفرنسية، وكان زيزو على رأسهم حيث شهد أفضل وأجمل أيامه في نادي يوفنتوس تورينو· ولكن ما الذي حدث في هذه المباراة بين منتخبين يعرف كل منهما الآخر·· منتخبين عريقين ويضمان نخبة من النجوم العالميين·· منتخبين يرتدي كل منهما الفانلة الزرقاء كلون أساسي له·· وهل كانت المهمة سهلة لأي من المنتخبين وكيف حسمها الفرنسيون لصالحهم·· و·· و·· وأسئلة أخرى كثيرة نجيب عنها في الحلقة القادمة·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©