دبي - سامي أبوالعز:
نعم الله على عباده لاتعد ولا تحصى، فكما خص المولى عز وجل شهر رمضان بأنه سيد الشهور،وضاعف فيه الحسنات والأجور ، فقد فضل جل شأنه بعض أيام الشهر الفضيل على بعض فجعل للعشر الأواخر ميزة كبيرة على باقي أيام الشهر ، وخص الله سبحانه وتعالى ليلة من بينها وصفها بأنها ليلة مباركة لكثرة خيرها وفضلها وبركتها·· إنها ليلة القدر خير من ألف شهر وثواب قيامها أفضل من عبادة مايزيد عن 83 عاما·
'' الاتحاد'' تصحب قراءها في رحلة إيمانية حول تلك الليلة العظيمة، لنعرف كيف نحيي ليلة هي خير عند الله من ألف شهر، وكذلك نعرف المعاني الإيمانية التي ينبغي ان نأخذها من ذلك المشهد الرباني:
سميت ليلة القدر بهذا الاسم لعظم قدرها وشرفها، ولأنها تكسب من أحياها قدراً عظيماً لم يكن له قبل ذلك وتزيده شرفاً عند الله تعالى، ولأن العمل في هذه الليلة له قدر عظيم، ووصفها الله عز وجل بأنه يفرق فيها كل أمر حكيم وتقدر في تلك الليلة المباركة مقادير الخلائق على مدى العام ، فيكتب فيها الأحياء والأموات ، والناجون ، والهالكون، وكل ما أراد الله عز وجل في تلك السنة ، وقد خص الله -سبحانه وتعالى- أمة الإسلام بهذه الليلة المباركة، وأخفاها عنهم رحمة بهم، حتى يزيدوا في طاعته بانتظارهم لها وترقبها في العشر الأواخر من رمضان·
ليلة الشرف
ويحيي المسلمون في كافة بقاع الأرض ليلة القدر التي نزل فيها القرآن الكريم· وقد اختلفوا في أي الليالي هي، وأشهر الأقوال أنها في ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك، إلا أننا أمرنا أن نتحراها في الأيام الفردية من العشر الأخيرة في رمضان، أي ليالي 29,27,25,23,21 من رمضان·
وليلة القدر هي ليلة الشرف وعلو المكانة، وهي خير من ألف شهر، قال الله عز وجل: ''إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ''
وقد نزلت أول آية من القرآن الكريم على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهو يتعبد في غار حراء بعيداً عن الناس، نزل قول الله تعالى: ''اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الانسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الانسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ'' ثم توالى نزول القرآن الكريم رحمة للعالمين وهداية للناس أجمعين ·
وتلك الليلة لها علامات تعرف بها، قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : (إن أمارة ليلة القدر أنها صافية بلجة، وكأن فيها قمراً ساطعاً، ساكنة ساجية، لا برد فيها ولا حر، وإن أمارتها أن الشمس صبيحتها تخرج مستوية، ليس لها شعاع مثل القمر ليلة البدر، ولا يحل للشيطان أن يخرج معها يومئذ)·رواه النسائي·
و يكثر في هذه الليلة نزول الملائكة إلى الأرض، ويكثر فيها نزول الرحمات والعمل فيها خير من عمل ألف شهر، وصيامها وقيامها خير من عبادة ألف شهر·
و روي عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله·· إن وافقتُ ليلة القدر فماذا أدعو؟ فقال صلى الله عليه وسلم لها :'' قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني''·رواه الترمذي والنسائي·
فينبغي علينا جميعاً ألا ندع فرصة هذه الليلة العظيمة التي يستجاب فيها الدعاء تفوتنا، بل نحييها بالصلاة والقيام والدعاء لأنفسنا ولأهلنا وللمسلمين في كل مكان·
إحياؤها حياة
وحتى نكون على استعداد لقيام تلك الليلة المباركة فإننا مطالبون بأن نقوم ببعض العبادات والأعمال الصالحة من خلال روشتة الفوز والنجاة:
بعد صلاة الفجر احرص أخي المسلم على أذكار الصباح كلها، ومنها قول:''لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير'' مائة مرة'' لما رواه أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:''من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كان له عدل عشر رقاب، وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك ''حتى تكون حرزا لك من الشيطان فلا يصرفك عن الطاعة·
- احرص على أن تفطر صائماً·
- عند غروب الشمس ادع أن يعينك الله ويوفقك لقيام ليلة القدر·
- جهز صدقتك لهذه الليلة الفاضلة ، وأحرص عموما ألا تفوتك ليلة من ليالي الوتر العشر ، إلا وتخرج فيها صدقة·
- منذ أن تغرب الشمس احرص على القيام بالفرائض والسنن، فمثلاً روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال'' من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة''
- أتل أذكار المساء ومنها ''لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير'' مائة مرة؛ لتكون في حرز من الشيطان ليلتك هذه حتى تصبح·
- أكثر من دعائك بـ ''اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني''·
- بادر بالذهاب إلى المسجد قبل الأذان،
و صل بخشوع، فكلما قرأ الإمام آية استشعر قراءته، وكن مع كلام ربك حتى ينصرف الإمام·
- لا تنس وأنت في طريقك من وإلى المسجد أن يكون لسانك رطباً من ذكر الله، ولا تنس سيد الاستغفار هذه الليلة:''اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت· قال صلى الله عليه وسلم:''من قاله فمات من يومه أو ليلته دخل الجنة·
- إذا دخلت بيتك تلمَّس حاجة من هم في البيت، سواء والديك أو زوجتك أو إخوانك أو أطفالك، فقم بخدمة الجميع بانشراح الصدر واحتساب واستغل القيام بحوائجهم بقراءة القرآن عن ظهر قلب، فقل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن في الأجر، كما روى أبو الدرداء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:''أيعجز أحدكم أن يقرأ في ليلة ثلث القرآن؟ قال:''وكيف يقرأ ثلث القرآن؟ قال: قل هو الله أحد ثلث القرآن'' · فإذا قرأتها ثلاث مرات حصلت على أجر قراءة القرآن كاملاً، وليكن لك جلسة مع كتاب ربك فتقرأ منه مااستطعت، فإذا أنهك جسدك فألقه على السرير وأنت تذكر ربك بالتهليل والتسبيح والتحميد والتكبير والاستغفار والصلاة والسلام على رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم·
- فإن نمت فأنت مأجور -بإذن الله- ثم استيقظ لصلاة قيام الليل في المسجد، وليكن لك ساعة خلوة مع ربك ساعة السحر فتفكر في عظمة خالقك، ونعمه التي لا تحصى عليك
- أخيراً وقبيل الفجر لا بد من السحور ولو بماء، مع احتساب العمل بالسنة؛ لما رواه أنس رضي الله تعالى عنه، قال: قال صلى الله عليه وسلم:''تسحروا فإن في السحور بركة'' ثم تسوك وتوضأ واستعد لصلاة الفجر وأنت إما في ذكر أو دعاء أو قراءة قرآن·
عدد اليوم
