الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الفوتوغرافي اللبناني جوزيف برّاك يوثق التاريخ بعدسته

الفوتوغرافي اللبناني جوزيف برّاك يوثق التاريخ بعدسته
15 أغسطس 2011 23:32
بين الماضي والحاضر، اختلاف أساسي على صعيد تقنية عالم التصوير الفوتوغرافي، حيث صار التصوير أسهل بفضل تحديد سرعة الضوء، وسرعة فتح العدسة وإخراج الصور، ولكن «التكتيكات» على الأرض تختلف في الظروف الاستثنائية لاسيما أثناء فترات الحروب، هذا ما يؤكده المصور الفوتوغرافي جوزيف برّاك. فرصة ذهبية يقول براك «في الأحداث المؤسفة التي عصفت بلبنان أيام السبعينيات، كنا نتبع خطة الخروج مجموعات إلى المناطق الساخنة. لا شيء أبعد من الدقيقة التي كنا نعيشها، كل دقيقة بدقيقـة، حتى لم يكن لدينا مخطط لنهار كامل، ولم تعد لدينا فكرة عن المستقبل». حول مسيرته المهنية في عالم التصوير الفوتوغرافي، يقول برّاك «أحببت «الكاميرا» والتصوير منذ صغري، وحين كان إخوتي يتسلون بالدمى والألعاب، كنت ألح على والدي بأن يشتري لي آلة تصوير، مهما كان ثمنها زهيداً وبسيطاً. وحين تنامى إلى مسمعي بأن أحد أصدقاء العائلة، يريد بيع «كاميرته»، سارعت إلى شرائها بالتقسيط، وكان ثمنها ألف ليرة، وذلك بين عامي 1982 و1983 ورحت التقط صوراً خاصة بي، هي عبارة عن مناظر طبيعية ومشاهد للريف، ولقطات عديدة للقصف وقتال «خطوط التماس» وحينها كنت أشتغل في جريدتي «البيرق» و «الأحرار». ويتابع «في جولة قتال وقصف حامية، لم يكن أي مصور في الخدمة، وإدارة التحرير بحاجة إلى صور لتغطية الأحداث، فتطوعت للمهمة، ونزلت إلى الخطوط الساخنة، والتقطت العديد من الصور بالأبيض والأسود، وكنت موفقاً فيها، فأصبحت المصور الفوتوغرافي الذي يعتمد عليه في تغطية الأحداث». ويوضح «في سنة 1985 حدث انفجار في سن الفيل – شارع مار الياس، وقد صورت الانفجار بعدما كنت أول الواصلين ويومها احتاجت الوكالة لبعض الصور، فأعطيتهم ما يريدون، وبعد فترة نلت جائزة عن صورة التقطتها لأناس يمشون وسط شارع مدمر ومليء بالركام، وكان عنوانها «الأموات يبحثون عن الأحياء» وتعاقدت مع وكالة الصحافة الفرنسية عام 1986، وأصبحت المصور الرسمي فيها حتى عام 2009، عندما تركتها رضائياً وباتفاق حبي، والآن أعمل في جريدة «الجمهورية» بعد أن اشتغلت فيها عندما صدرت عام 2005». عن أهم المحطات التي عايشها من خلال الصورة الصحفية، يقول براك «يمر المصور الفوتوغرافي خلال مسيرته المهنية بمحطات ومراحل عديدة، وإذا أردت التحدث عن المراحل العملية خصوصاً في انتسابي لوكالة الصحافة الفرنسية – فرع لبنان، فإن الفوضى والفلتان كانا يعمان البلد، بحيث لا يمر يوم إلاّ وتسبقه العواصف والدمار والقتل، لذلك أصبح لبنان في طليعة الأحداث، وصار يتصدر واجهة الإعلام العربي والأجنبي، لذلك وجب علينا متابعة كل حدث أولاً بأول». ويضيف «خارجياً، قمت بتغطية الحرب التي كانت دائرة في العراق لدى دخول الجيش الأميركي، لا سيما في تكريت شمال العراق، أي بالقرب من ضواحي كردستان عندما كان الأكراد يحررون المناطق الواقعة هناك من قبضة صدام حسين. ودخلت منطقة تكريت لوحدي، وكنت المصور الوحيد الذي تواجد فيها قبل الجيش الأميركي، ولم أجد من يرافقني من أبناء المنطقة الذين كانوا يخشون القتل والموت، وغامرت من أجل التقاط الصور للحرب الطاحنة، ولو قبض علي لتعرضت للموت على أساس أنني دخلت البلاد خلسة». ويضيف «عدا تغطية أحداث الحرب الأهلية التي دارت في سنة 1975، قمت بتصوير الاجتياحات الإسرائيلية في أعوام الـ 82 و96 و2006، وواجهت في تلك المحطات مواقف عديدة، منها المهني والإنساني، ولطالما وضعت «الكاميرا» جانباً خلال القصف والانفجارات، لإنقاذ الجرحى، ونقل بعض الأطفال المرعوبين إلى مناطق آمنة بعض الشيء». ويقول براك «في عام 1996، كانت عملية «عناقيد الغضب»، حيث صورت لقطات عديدة للقصف والدمار، وتواجدت في بلدة «قانا» قبل المجزرة بساعات، رجعت بعدها إلى بيروت كي أسلم اللقطات التي صورتها، ولا تعلم مدى العذاب الذي كان يتكبده المصور، في الانتقال يومها من العاصمة إلى الجنوب، على أرض وجسور مدمرة، وطائرات تجول لصيد أي شيء متحرك، ولدى وصولي إلى المكتب تحدثت الأنباء عن وقوع مجزرة وحشية في «قانا»، وكنت فيها منذ ساعات قليلة، فاضطررت إلى العودة إليها ليلاً في مغامرة مستحيلة لنقل الحدث والصور الحقيقية، التي تدل على بشاعة ما يجري». مواقف صعبة حول مواصفات الصورة الفوتوغرافية المميزة، يقول براك «أحد المصورين الفرنسيين يقول عن الصورة بأنها عبارة عن مكان مناسب، وزاوية مناسبة، ووقت ملائم، وضوء مناسب، أما الباقي فهو حظ، ومن يتبع هذه المواصفات فلا بد وأن ينجح في عمله». وعن المواقف الصعبة التي واجهته في عمله، يقول براك «في سنة 1984 كنت أصور بعض اللقطات في منطقة المتحف، عندما خرج مسلحون من خلف متاريسهم، حيث جذبوني بقسوة وأخذوا آلة التصوير وسحبوا الأفلام، وأرادوا أخذي عنوة إلى مكان لا أعرفه، وبالصدفة شاهدت أحد الضباط ومعه ثلاثة عناصر، فاستغثت بهم، وحصلت مشاحنة بين الضابط والمسلحين، فاستطاع في النهاية تخليصي من بين أيديهم». وحول النصيحة التي يقدمها لزملاء المهنة، يقول براك «عليهم ألا يصابوا بالغرور، فالبعض قد يتوقف في لقطة ما، أو صورة «خبطة»، فيتوقف عند هذا الحد ويقتله الغرور، فالمصور عليه المثابرة ومتابعة كل «كواليس» المهنة وحيثياتها، فهو مثل الصحيفة اليومية يجب أن يأتي بصور جديدة غير سابقاتها، وأن يعمل على استنباط كل جديد في عالم التصوير الفوتوغرافي، لأن الصورة هي تأريخ وتوثيق، وعليه عدم التوقف ولا الغياب عن ساحات الحدث، لأنه بذلك ينقطع عن تاريخه المهني، فمواكبة المستجدات ضرورة ملزمة إنما مع الفن التصويري ومهارة اللقطة التي تعتبر تأكيداً للخبر ومن دونها يفقد الأخير صدقيته». العلم الإماراتي مرفوع دائماً عن أهم اللقطات التي سجلها، يقول جوزيف براك «محطات التصوير لدي عديدة، في لبنان وخارجه، وأذكر أن قافلة مساعدات لدولة الإمارات العربية المتحدة في طريقها إلى أحد المستودعات لتوزيعها على النازحين والمهجرين، تعرضت إلى قصف شديد من الطيران الحربي الإسرائيلي، مع العلم أنها كانت تحمل الأعلام الإماراتية بشكل بارز يدل على هويتها، فأصيبت القافلة بصواريخ محرقة أدت إلى دمار بعض الشاحنات المحملة بالمؤن ومواد الإغاثة وشاهدت العلم الإماراتي على شاحنة وقد نخرته شظايا القصف، فصعدت إليها وفككت العلم واحتفظت به، حيث سلمته فيما بعد للمعنيين في السفارة، الذين شكروني على هذا العمل، ووجهت إلي دعوة تكريمية لزيارة الإمارات وكرمت خلالها على أعلى المستويات، من قبل المسؤولين هناك الذين أشكرهم على هذه المبادرة الطيبة واللفتة الكريمة وحسن ضيافتهم».
المصدر: بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©