الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المصريون يلتهمون 70 ألف طن فول في رمضان

المصريون يلتهمون 70 ألف طن فول في رمضان
15 أغسطس 2011 23:31
ما أن يحل شهر رمضان على المصريين حتى ترى بائعي الفول المدمس ينتشرون في الشوارع والأماكن العامة، تلبية لطلب زبائن كثر عادة ما يتجمهرون حول بائع الفول عقب صلاة التراويح، وحتى أوقات متأخرة من الليل حتى يظن القادم من بعيد أن ثمة مظاهرة يشهدها المكان. يعد الفول المدمس الوجبة المفضلة للسحور عند غالبية المصريين فهي وجبة رخيصة، وزاد الكادحين على تحمل مشاق الصيام مع صخب عمل يستمر طيلة النهار، إلى جانب فوائده الصحية المتعددة، كما أنه يقلل من شعورهم بالعطش والجوع في ساعات الصيام، ولذا يحلو لعامة المصريين في الأحياء الشعبية وصفه بـ”مسمار البطن” لاسيما أن عشق الفول في وجبة السحور لا يقتصر على الفقراء فقط، وإنما يشاركهم في هذا الميسورون أيضا، لذا يكثر وجود باعة الفول في الأحياء الراقية كالمهندسين ومصر الجديدة ومدينة نصر في ليالي رمضان. «وش السعد» حسب تقديرات شعبة الغلال بالغرفة التجارية بالقاهرة فإن متوسط استهلاك المصريين من الفول قرابة 300 ألف طن في السنة منها 70 ألف طن في شهر رمضان وحده، وبيع الفول المدمس مهنة بسيطة لا تحتاج إلى شهادات أو مهارات ورأس المال اللازم للبداية قليل مقارنة بمهن أخرى، لذا يلجأ كثيرون إلى هذا “المشروع الصغير” كسبيل لكسب القوت في ظل ارتفاع معدلات البطالة، كما أن غالبية بائعي الفول على العربات الخشبية التي يدفعونها بأيديهم في الشوارع لا يستخرجون الأوراق الرسمية المطلوبة كالشهادة الصحية أو الملف الضريبي أو غير ذلك. منتهزين في ذلك حالة التسامح التي عليها الأجهزة الرقابية تجاه الباعة الجائلين منذ قيام ثورة 25 يناير والتي زادت مع حلول شهر رمضان. ولذا تنتشر عشرات من عربات الفول الصغيرة التي تنزوي في الأركان برصيف الشارع أو تحت البنايات، أو بالقرب من الميادين العامة لتبدأ مهمتها في تزويد المصريين يومياً بوجبة السحور. ورغم بساطة هذا المشروع فإنه في أحيان يصبح “وش السعد” لصاحبه الذي يشتهر، ويقبل عليه الزبائن فتتسع أرباحه ويمتلك مطعماً كبيراً بدلاً من العربة الخشبية التي بدأ بها أمام منزله، ومن هؤلاء إبراهيم مبروك (38 سنة)، والذي اتجه لبيع الفول قبل خمس سنوات كمصدر دخل إضافي إلى جوار عمله مدرس تربية رياضية بمدرسة ابتدائية، وانتهز فرصة دخول شهر رمضان، واشترى قدرة فول كبيرة، وقام بمساعدة زوجته بتدميسه على موقد غاز، وبعد أن اطمأن إلى نضجه باعه من فوق عربة خشبية بسيطة أمام منزله للجيران وسكان الحي وبنجاح المشروع توسع واستأجر محلا في نفس الشارع، وأصبح له زبائنه الذين يقبلون على تناول الفول في رمضان وغيره. ثمن زهيد يشير مبروك إلى أن ثمن وجبة الفول يعد زهيداً للغاية فبمبلغ جنيه واحد فقط يمكن للأسرة المكونة من خمسة أفراد أن تتناول وجبة لذيذة، لافتاً إلى أنه يقوم بتعبئة حبات الفول المدمس في علب أو أكياس للزبائن قبل أن يعودوا بها إلى أسرهم حيث يجري إعداد طبق الفول وفقاً لما تشتهيه كل أسرة فهناك من يتناوله بالزيت الحار مع الليمون، ومنهم من يفضل أكله بالسمن البلدي أو زيت الزيتون، وآخرون يفضلونه بالبيض أو بصحبة صلصة الطماطم. ويؤكد أنه يبيع الفول على مدار أيام العام لكن حركة البيع تنشط كثيرا في رمضان لأن الأغنياء والفقراء يعتمدون عليه في السحور، مرجعا ذلك إلى أن الفول يعطي إحساسا بالشبع لمدة طويلة، كما أن الشخص لا يشعر بعد تناوله بالعطش كغيرة من الوجبات، ولذا يعد في نظر الكثيرين وجبة سحور نموذجية تعينهم على الصمود حتى موعد الإفطار. ويشير مبروك إلى أن هناك زبائن آخرين يفضلون تناول الفول في وجبة الإفطار لأسباب اقتصادية وأخرى صحية، إلى جانب فريق ثالث يجد متعته بعد يوم من الصيام في تناول الفول، ويفضله رغم كثرة الأطباق الأخرى من الأطعمة المتراصة على المائدة وهو واحد من هؤلاء الناس. ويقول “الأكل مزاج، والنفس وما تشتهي ولذا أقوم يوميا بفتح المحل من الثالثة عصراً وحتى ما قبل أذان المغرب بدقائق، وأبيع في تلك الفترة الفول لمن يرغب من سكان الحي وبعد الإفطار وصلاة العشاء والقيام أعود مرة أخرى لفتح المحل وبيع الفول، وهناك من يبيع الفول متنقلاً في الشوارع وهو يدفع عربة خشبية بسيطة معدة خصيصاً لحمل قدرة أو اثنتين من الفول ويجرها حمار”. مشاهد فلكلورية من المشاهد الفلكلورية المتوارثة في الشارع المصري رؤية البعض يخرج من بيته وهو يحمل طبقاً أو سلطانية، ويتجه بها إلى بائع الفول ليشتري ما يريد وهو مشهد طالما توقفت أمامه السينما المصرية، وقدمته كثيرا في أفلامها ويفضل سكان المناطق الراقية شراء الفول في الأكياس أو العلب البلاستيكية المعبأة سلفاً وأحياناً يتولى البواب أو الخادمة تلك المهمة. ويقول سعيد خليل (40 سنة)، صاحب إحدى عربات الفول “لابد أن ننادي كي ينتبه الناس إلى وجودنا في الشارع لاسيما أنهم غالبا ما يكونون منشغلين في متابعة أحداث المسلسلات والبرامج، ولا توجد وسيلة لتنبيههم إلا بأن ينادي البائع بصوت عال فتنتبه ربة المنزل وترسل لشراء وجبة السحور”. وبالنسبة لمواصفات البائع، يؤكد أنه لابد أن يهتم بنظافته الشخصية ونظافة الأدوات التي يستخدمها والعربة التي يبيع من خلالها، بالإضافة إلى اللباقة وحسن الكلام مع زبائنه حتى يكسب ودهم وارتباطهم به وبالفول. ويشير خليل إلى أنه يقوم بتدميس قرابة 20 كيلو جراماً من الفول يومياً، ولا يعود إلى منزله إلا بعد بيعها كلها ومقدار ما يحققه من ربح بعد حساب التكلفة نحو 50 جنيهاً تكفيه وأسرته لشراء الاحتياجات. ومن الأسر المصرية من يلجأ إلى الجهد الذاتي في تحضير وإعداد وجبة الفول بدلا من انتظار قدوم البائع أو الذهاب إليه، فمع حلول شهر رمضان تقدم ربات البيوت لاسيما في الريف على شراء كمية من الفول الخام، وتقوم المرأة يوميا بتدميس الفول بطريقة بسيطة وميسرة تضمن للأسرة وجبة نظيفة وصحية. إعداد منزلي تقول نادية عبدالهادي، ربة منزل، وأم لخمسة أطفال “أفضل تدميس الفول في منزلنا بدلا من الاعتماد على البائع، وطريقة تدميس الفول تتم باتباع عدد من القواعد بداية من غسل الفول جيداً ووضعه في الماء لنحو ساعة قبل أن يوضع في الدماسة وهي إناء صغير مخصص لتسويه الفول، وتوضع الدماسة على نار عالية في البداية حتى يغلي، وبعد 10 دقائق تقريباً يتم خفض درجة حرارة النار، وتترك الدماسة من 3 -4 ساعات حتى ينضج الفول تماماً”.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©