الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عبد الله بن روَّاحة الشاعر الشهيد

عبد الله بن روَّاحة الشاعر الشهيد
15 أغسطس 2011 23:24
الصحابي عبد الله بن رواحة أحد النقباء الذين حملوا الإسلام إلى المدينة، وكان شاعر الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومن أعظم الأمراء والقادة في ساحة الجهاد لنشر الإسلام. ويقول الدكتور عبد الله بركات - الأستاذ بجامعة الأزهر - هو عبد الله بن رواحة بن ثعلبة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن الحارث بن الخزرج الأنصاري، وكنيته أبو محمد وأبو روَّاحة، وأمه كبشة بنت واقد بن عمرو بن الإطنابة من بني الحارث بن الخزرج. ونشأ في أسرة كريمة من أشراف الخزرج في يثرب، وكان ذا عقل وافر، يتعاطى معالي الأمور، وتعلم القراءة والكتابة، ونظم الشعر ووصل إلى مرتبة فيه حتى غدا شاعر الخزرج ينطلق الشعر من بين ثناياه عذباً قوياً، وفارساً مقاتلاً مغواراً لا يخشى الموت أينما كان، وكثيراً ما اعتمد عليه قومه في حروبهم ضد الأوس قبل أن يؤلف الله تعالى بين قلوبهم بالإسلام، وقد أسلم بن روَّاحة بعد بيعة العقبة الأولى، على يد مصعب بن عمير- رضي الله عنه- الذي أرسله الرسول- صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة كي يدعو أهلها للإسلام، وبايع بيعة الرضوان، وكان واحداً من النقباء الذين اختارهم الرسول الكريم من بني الحارث بن الخزرج. ليلة العقبة ويروى أنه في ليلة العقبة قال عبد الله بن رواحة للرسول- صلى الله عليه وسلم: اشترط لربك ولنفسك ما شئت. فقال: «أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأموالكم». قالوا: فما لنا إذا فعلنا ذلك؟ قال: «الجنة». قالوا: ربح البيع، لا نقيل ولا نستقيل. فنزلت: (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم) «التوبة، 111». ولما هاجر الرسول- صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة، آخى بينه وبين المقداد بن عمرو، ولازم الرسول- صلى الله عليه وسلم- ولم يفارقه، وكان معدودا فيمن كتب الوحي القرآني، وصار شاعر الرسول- عليه الصلاة والسلام- ووضع مقدرته الشعرية في خدمة الإسلام ومبادئه السامية، وتجرد للرد على شعراء المشركين، وكان يدعو إلى الله تعالى بكل ما أوتي من قوة، وشهد له الرسول - عليه الصلاة والسلام - بأن شعره أشد وقعاً على الكفار من السهام. مع أبي الدرداء وكان ابن رواحة سبباً في إسلام الصحابي الجليل أبي الدرداء، عندما دخل منزل أبي الدرداء وقام بتحطيم الصنم الذي كان يتعبد له مما دفع أبا الدرداء إلى إدراك حقيقة الأصنام وعدم قدرتها على حماية ذاتها، وبسبب هذا الموقف ظل أبو الدرداء - رضي الله عنه - يذكر ابن رواحة بالخير في كل مجلس. وشهد مع الرسول- صلى الله عليه وسلم- بدراً وأحداً، وحفر الخندق مع الصحابة، والحديبية وخيبر وعمرة القضاء والمشاهد كلها، وبلغ عظم شأنه عند الرسول- عليه الصلاة والسلام- أنه بعد انتهاء بدر أرسله إلى المدينة ليبشر المسلمين بالنصر، وبعثه في سرية في ثلاثين راكباً إلى أسير بن رازم اليهودي بخيبر، فقتله. كما استخلفه على المدينة المنورة في الغزوة التي عرفت باسم «بدر الموعد»، والتي تلت غزوة أحد. كما كان من خلفاء الرسول- صلى الله عليه وسلم- في حلقات العلم إذا قام عنها لراحة أو حاجة، فقد ذكر بعض كتب السير أنه كان يجمع الناس ويذكرهم الله ويفقههم فيما قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بعد قيامه، وحدث أن الرسول- صلى الله عليه وسلم- خرج وهم مجتمعون عنده، فسكتوا، فقعد إليهم وأمرهم بأن يأخذوا فيما كانوا فيه، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «بهذا أمرت». تباهي الملائكة وكان صواماً قواماً كثير التعبد لله، فعن أنس قال: كان عبد الله بن رواحة إذا لقي الرجل من أصحاب رسول الله قال: «تعال نؤمن بربنا ساعة»، فقال ذات يوم لرجل، فغضب الرجل فجاء إلى النبي فقال: يا رسول الله، ألا ترى إلى ابن رواحة يرغب عن إيمانك إلى إيمان ساعة؟ فقال النبي: «يرحم الله ابن رواحة، إنه يحب المجالس التي تتباهى بها الملائكة». وعن أبي الدرداء قال: «خرجنا مع رسول الله في بعض غزواته في حر شديد، حتى إن أحدنا ليضع يده على رأسه أو كفه على رأسه من شدة الحر، ما فينا صائم إلا رسول الله وعبد الله بن رواحة». وأثنى عليه الرسول- صلى الله عليه وسلم- ودعا له بالهداية والطاعة فقال: «نعم الرجل عبد الله بن رواحة»، وروي أنه أتى النبي - عليه الصلاة والسلام - وهو يخطب فسمعه يقول: «اجلسوا». فجلس مكانه خارج المسجد حتى فرغ النبي- صلى الله عليه وسلم- من خطبته، فقال له: «زادك الله حرصاً على طواعية الله وطواعية رسوله». وكان عادلاً ورعاً ذا أمانة يخاف الله ويتقيه، فعن سليمان بن يسار أن رسول الله كان يبعث عبد الله بن رواحة إلى خيبر، بينه وبين يهود خيبر، قال: فجمعوا له حلياً من حلي نسائهم، فقالوا له: هذا لك، وخفف عنا وتجاوز في القسم، فقال عبد الله بن رواحة: «يا معشر اليهود، والله إنكم لمن أبغض خلق الله إليَّ، وما ذاك بحاملي على أن أحيف عليكم، فأما ما عرضتم من الرشوة فإنها سحت، وإنا لا نأكلها». فقالوا: بهذا قامت السموات والأرض. حكمة ابن روَّاحة عرف عبدالله بن رواحة بالحكمة ورجاحة العقل والسداد في الرأي، وكان ممن استشارهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - في أسرى بدر، وكان شديد الحرص على المشاركة في الفتوح والجهاد في سبيل الله تعالى، ويكون أول خارج إلى الغزو وآخر قافل منه، وعرف بالشجاعة والإقدام يقاتل قتال الشهداء في كل الغزوات لإعلاء كلمة الله. وكان من قادة جيش المسلمين الذي أرسله الرسول - صلى الله عليه وسلم - لمواجهة الروم في سرية مؤتة في سنة 8 هـ، بسبب قتل ملكهم رسوله الحارث بن عمير الأزدي الذي بعثه إليهم يدعوهم إلى الإسلام، وخرج المسلمون في هذه الغزوة في جيش من 3 آلاف مقاتل للقاء جند الروم الذين قدر عددهم يومئذ بأكثر من 22 ألفاً، وقد أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسلمين في هذه الغزوة بأن يكون ابن رواحة الثالث في ترتيب من يرفع علم المسلمين، إذا ما استشهد رافع العلم الأول والثاني الذي يليه في الترتيب. ولما نظر المسلمون إلى عددهم القليل، وجموا، فأخذ يشجعهم على الجهاد وقال: يا قوم، والله إن التي تكرهون للتي خرجتم تطلبون - الشهادة - وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة، ولا نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به، فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين: إما ظهور وإما شهادة، وأخذ الراية وصار يقاتل حتى نال الشهادة ودفن في بلدة مؤتة إلى الجنوب من مدينة الكرك.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©