الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«سد سلمى»... نزاع أفغاني- إيراني على المياه

12 أغسطس 2013 22:09
المياه التي يعود لها الفضل في إنتاج غرب أفغانستان من الفواكه والخضراوات الطازجة، وحدائق المدينة بأشجارها وارفة الظلال، وإطفاء ظمأ الأفغان الذين ضاقوا ذرعاً بالحرب، أخذت تدريجياً تتحول إلى نقطة توتر مع إيران المجاورة لأن سداً ضخماً قيد الإنشاء حالياً سيحد من تدفق المياه عبر الحدود. ذلك أنه بعد قرابة أربعة عقود من العمل، من المرتقب أن يصبح سد سلمى -وهو مشروع بقيمة 200 مليون دولار تموله وتنجزه الهند، ولكنه تأخر بسبب تاريخ أفغانستان الطويل من احتلالات وحرب أهلية وحركات تمرد- جاهزاً بنهاية 2014. المسؤولون الأفغان يقولون إنه ليست لديهم أي مخططات للتفاوض حول حقوق المياه مع إيران، وإنْ كان محللون ومصادر غربية تحذر من أن عدم التوصل لاتفاق يمكن أن يؤدي إلى مزيد من التدهور في علاقات أفغانستان الشائكة أصلا مع جارها الإيراني. وفي هذا الإطار، يقول فضل أحمد ذكيري، مدير وزارة الطاقة والمياه بالوكالة لحوض نهر هريرود ومرغاب، في هيرات: «لدينا العديد من المشاريع في أفغانستان، وكل مشروع لديه عدوه. ولكن سد سلمى لديه ثلاثة أعداء للأسف»، مضيفاً «أنه من غير الممكن وقف الأشغال؛ وسنكمل بناء هذا السد». ومن بين أولئك الأعداء باكستان، يقول «ذكيري»؛ ذلك أن إسلام آباد «تحاول وقف الأشغال»، لأنه يُبنى من قبل الهند، المنافسة الاستراتيجية. ويُذكر عنا أن مسؤولين استخباراتيين أفغان أعلنوا في أبريل الماضي أنهم أحبطوا مخططاً من قبل «طالبان» لتفجير السد بواسطة نحو 1300 كيلو جرام من المتفجرات؛ وزعموا أن المخطط مدعوم من قبل وكالة الاستخبارات الباكستانية. أما «العدوان» الآخران لسد سلمى، فهما تركمانستان وإيران لأنه سيقلص تدفق المياه إلى مناطقهما الظمأى ومشاريعهما لبناء سدود خاصة بهما. والواقع أنه كثيراً ما يتهم المسؤولون الأفغان إيران بالوقوف وراء هجمات لها علاقة بالسد. وعلى سبيل المثال، فعندما قُتل حاكم منطقة أفغاني كان يدعم المشروع في 2010، اشتبه مسؤولو الشرطة الأفغانية في تورط إيران؛ حيث قال رئيس وحدة الشرطة التي تحرس السد إن لديه أدلة على أن إيران مولت قائداً محلياً لـ«طالبان» ورجاله الـ200 بعد أن «وعد إيران بأنه سينجح في وقف الأشغال على سد سلمى»، وفق تقرير لمعهد صحافة الحرب والسلم. وبالمثل، قُتل ستة من الحراس الأمنيين للسد قبل شهرين بواسطة قنبلة زرعت على جانب الطريق. ومن دون أن يشير إلى إيران بالاسم، قال القائد الأمني للمنطقة إن عمليات القتل تحركها «دوافع سياسية. إنها من صنع تلك البلدان التي لا تريد لأفغانستان أن تتطور». ولكن في هيرات، يقول مسؤول المياه إنه «لا توجد لدينا أي معطيات تفيد بأن إيران تتسبب في مشكلة ما». ومن جانبهم، يقول المسؤولون الإيرانيون إنهم يدعمون التنمية الأفغانية وينفون ممارسة أي أعمال تزعزع الاستقرار في أفغانستان، رغم تقارير ذات مصداقية حول مساعدة محدودة في السابق لمتمردين مناوئين للولايات المتحدة مثل «طالبان». ويقول «ذكيري»: «أجل، إن الإيرانيين يطلبون مفاوضات. إنهم يطلبون دائماً المفاوضات (لأنهم سيحصلون) على مياه أقل بكثير». ولكن المفاوضات ستكون صعبة والرهان كبير. بالنسبة لأفغانستان، الحقائق واضحة: سد سلمى سيرفع مساحة الأراضي القابلة للزراعة من 35 ألف هكتار إلى 80 ألف هكتار. كما سينتج 42 ميجاوات من الكهرباء، مخفضاً اعتماد المنطقة على إيران (التي توفر الآن 80 ميجاوات بثمن رخيص) وتركمانستان (التي توفر 50 ميجاوات). ويقول ذكيري في هذا الإطار: «إنه سيغيِّر الكثير لأن هذا المشروع لن تستفيد منه هيرات فقط»، مضيفاً «ذلك أننا إذا استطعنا إنتاج كمية أكبر من الفواكه، يمكنننا أن نرسلها إلى قندهار، وإلى أقاليم أخرى. وبالتالي، فهذا المشروع يمكن أن يغيِّر الوضع في كل أفغانستان». ولكن بالنسبة لإيران، الحقائق الأساسية واضحة أيضاً: ذلك أن السد سيقلص تدفق مياه نهر هريرود في أراضيها بـ73 في المئة، رغم أن عدد الإيرانيين الذين يعتمدون على تلك المياه -ومن ذلك مدينة مشهد التي تضم الكثير من المزارات والمقامات- أكبر بثلاث مرات تقريباً من عدد الأفغان. ويقول محلل إيراني في طهران اشتغل على موضوع هلمند، وهو نهر أكبر يمتد إلى إيران في الجنوب، طلب عدم الكشف عن اسمه: «إن إيران كانت تنتقد دائماً أفغانستان بسبب سياساتها المائية على نهري هلمند وهريرود»، مضيفاً: «إيران وباكستان تُتهمان بالتخريب، ومدينة مشهد تعتمد على مياه هريرود. ولذلك، فإن إيران لديها قلق حقيقي من أن يؤدي بناء السدود في أفغانستان إلى تقليص كمية المياه». هذا وكان تقرير لعام 2010 حول الموارد المائية لأفغانستان حذر من أن «التعاون العابر للحدود بشأن المياه ليس خياراً، وإنما الطريق الوحيد إلى الأمام» مع كل الجيران. وأكد تقرير معهد شرق غرب أن غياب اتفاقيات ثنائية أو إقليمية يخلق «تهديداً حقيقياً بالنسبة للتنمية المستديمة والأمن في المنطقة». ولكن التقرير لفت أيضاً إلى وجود نموذج للتعاون، بالنسبة لنهر هلمند؛ حيث قامت أفغانستان وإيران بإنشاء لجنة مشتركة لأول مرة في 1950، وفي 1973 اتفقتا على أن تتلقى إيران كمية محددة. غير أن كابول، في الوقت الراهن، «لا ترى أي سبب» لإجراء مفاوضات مياه مع إيران حول سد سلمى، حسب شجاع الدين ضياء، نائب وزير الطاقة والمياه في كابول، الذي يقول: «لم تكن لدينا أي مفاوضات جديدة خلال العامين الماضيين. إن فكرة بناء هذا السد ظهرت قبل 40 عاماً. ووقتئذ، لم تكن لدى إيران أي مطالب مائية»، مضيفاً «ربما يحتاجون للتحدث معنا، ولكننا لا نرى أي حاجة للتحدث مع إيران بقصد التفاوض حول الماء. ليس في الوقت الراهن!». ‎سكوت بيترسون هيرات ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©