السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصين... هل تصبح ياباناً جديدة؟

12 أغسطس 2013 22:08
لا تثير كلمة خوف في قلوب الاقتصاديين والسياسيين أكثر من «اليابانية». فقد دفع شبح التوعك المزمن والانكماش الاقتصادي والديون السيئة المصرفيين في البنوك المركزية، من بن برنانكي في الولايات المتحدة إلى «ماريو دراغي» في أوروبا إلى إغراق الأسواق بالسيولة في جهد لتفادي عقودهم المفقودة. يجب أن يثير الأمر قلق الصين أن خبراء في هذا التصور المخيف يحولون انتباههم إلى بكين. ولتأخذ براين ريدنج الذي يعود مسعاه لفهم ما يستطيع العالم تعلمه من الفوضى في طوكيو إلى كتابه المستبصر لعام 1992 «اليابان: الانهيار القادم». وكتب في الآونة الأخيرة تقريراً مؤلفاً من 40 صفحة بالمشاركة مع ديانا تشيوليفا الزميلة في لومبارد ستريت ريسيرش لميتد، بعنوان «فرصة الصين في تجنب أخطاء اليابان». وفي جيه. بي. مورجان تشيس في هونج كونج، دفعت استفسارات المستثمرين عن التشابهات بين الصين واليابان، جريس نج إلى إعادة النظر في الموضوع. وهي تحذر من أن الصين اليوم واليابان في ثمانينيات القرن الماضي تتشاركان في تشابه غريب من تعزيز الإجراءات المتساهلة في الائتمان إلى ضعفي حجم اقتصادهما تقريباً. لذا ما مدى احتمال أن تتحول الصين إلى يابان جديدة؟ الاحتمالات كبيرة جداً في الحقيقة، ولا يستطيع تفادي هذا إلا إجراءات جريئة ومبتكرة من الرئيس «شي جين بينج» ورئيس الوزراء «لي كيكيانج»، لتنظر إلى فترة ولايتهما التي بدأت في مارس الماضي باعتبارها عهداً إما لقيام الصين أو انهيارها لتفادي أزمة ديون كبيرة. ديون الصين ليست معضلة مستحيلة بالنظر إلى امتلاكها 3.5 تريليون دولار من احتياطي العملة. وتعتقد «جيه. بي. مورجان» أن معدل ديونها إلى إجمالي الناتج المحلي ارتفع إلى 187 في المئة عام 2012 مقابل 105 في المئة عام 2000 مقارنة مع النسبة التي بلغت في اليابان 176 في المئة عام 1990 من 127 في المئة عام 1980. وانفجرت اليابان منذ ذاك الحين وقد تقترب النسبة من 250 في المئة من إجمالي الناتج المحلي العام المقبل. وقد يمثل هذا قفزة بنسبة عشرة في المئة عن عام 2012 وحده في بلد يزداد شيخوخة بسرعة ويفقد التنافسية الدولية. والصين التي تشيخ أيضاً لا تستطيع تحمل قفزة مشابهة ويتعين عليها أن تكبح الأمور حالياً. وأصبحت اليابان غنية قبل أن يشيخ المجتمع، وقضت عقوداً في بناء تعاقد اجتماعي بين القطاعين العام والخاص، ورسخت الاستقرار للشركات المبتكرة وفتحت النظام المالي. وهذا العمل المضني مكن اليابان من المرور بعقدين دون انهيار كبير في الديون أو اضطرابات اجتماعية. لكن اليابان أيضاً قصة من العجرفة والفرص الضائعة، فبدلاً من التخلص سريعاً من نموذج قائم على الإفراط في الاستثمار والتصدير والديون المفرطة، أرجأت طوكيو التغيير بأي ثمن بالاعتماد على الفوائض في الحساب الجاري والعجز الكبير في الموازنة وفقاعات الأصول، وفي كثير من الأحيان مازال الأمر هكذا. هل يبدو الأمر مألوفاً؟ ويجادل «ريدنج» و«تشويليفا» بأن «الصين تقتفي حتى الآن خطى اليابان... لكن اقتصادها ليس مثقلًا بشدة بالديون بعد. لذا أمام الصين وقت كي تتجنب أخطاء اليابان إذا غيرت مسارها. الدرس المستفاد من خبرة اليابان في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي هو أن التغيير يقود إلى التغيير والتحرير يصبح لا يمكن تجنبه. لكن ما لم تستهدف السياسة إصلاحاً هيكلياً أساسياً، فالحلول المؤقتة بإدارة فوائض الحساب الجاري والعجز في الموازنة وتفريخ الفقاعات ستخرج عن نطاق السيطرة وتتسبب في توقف النمو. لكن الصين أبعد بنحو 20 عاماً أخرى قبل انفجار الفقاعات». هناك علامات مقلقة تشير إلى أن بكين تعتقد أن لديها الكثير من الوقت للتعامل مع المشكلة. ففي كل تعهد بتقليص السعة الإنتاجية الزائدة وتدقيق الإقراض الحكومي والتسامح مع نمو أقل من ثمانية في المئة نجد هناك تعهدين آخرين يطمئنان الأسواق بعدم السماح بإبطاء النمو كثيراً. هذا النوع من ازدواجية الحديث يبدو مشابهاً بشكل غريب لمراقبي اليابان لفترات طويلة مثل مارشال مايز. وقال مايز، مدير شركة اميرجينج ألفا اديفيزرز ليمتد في هونج كونج «رغم اشتهار شي بتوطيد السلطة سريعاً إلى حد ما، مازال هناك الكثير من الفوضى التي يتعين التخلص منها في العام الأول من الحكم الرسمي... ولا يبدو أن «لي» في الوقت نفسه حسم أمره بشأن برنامج مستقر خاص به». المشكلة تتمثل في تفوق السياسة على الاقتصاد. ففي أنحاء الصين، يتنافس عشرات الزعماء المحليين لوضع مدنهم على الخريطة العالمية كي يحظوا برضا الحزب الشيوعي. وهذا يعني أكثر من مجرد تحقيق نمو كبير في إجمالي الناتج المحلي. ويعني أيضاً بناء ناطحات سحاب كبيرة ومطارات دولية وطرق سريعة بها ست حارات وسلاسل فنادق خمس نجوم وملاعب رياضية وجامعات ومراكز ثقافية عملاقة ومراكز تسوق فاخرة تتكاثر فيها متاجر برادا وهيرمس- كلها ممولة بديون جديدة. وإذا وقع عدد من هذه المراكز الحضارية في أزمة فإن إفلاس ديترويت بمبلغ 18 مليار دولار سوف يبدو فكة صغيرة عند المقارنة. يعد الاستمرار في ازدهار البنية التحتية بثروات تتزايد دوماً للمستفيدين محلياً وفي بكين. هناك سبل يستطيع شي ولي بها نزع فتيل قنبلة الديون الموقوته: المزيد من الرقابة وتوسيع سوق السندات للمحليات والسماح للإدارات المحلية بالتمويل بمبيعات سندات مباشرة. وتعزيز الشفافية. تستطيع الصين أن تستعير صفحة من أزمة الادخار والقروض في الولايات المتحدة في ثمانينيات القرن الماضي وتقيم كيانات مشابهة لرزوليوشن تراست كورب للتخلص من الديون السيئة. وليام بسيك محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©