الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

السوق السوداء للأدوية في أوروبا تزيد متاعب الشركات

السوق السوداء للأدوية في أوروبا تزيد متاعب الشركات
6 أغسطس 2012
يُقدر حجم السوق الرمادية “السوداء” للأدوية التي تمتد عبر أنحاء أوروبا المختلفة بنحو 5 مليارات يورو سنوياً. وتعني هذه السوق ممارسة التجارة في سلعة ما، دون الحصول على إذن من منتجها الرئيسي. وفي الوقت الذي يعتبرها البعض قانونية، إلا أن نشاطها يدور حول العقاقير الخاضعة للوصفات الطبية الدقيقة. وعلى الرغم من قانونيتها في الاستفادة من فرق السعر بين الدول الأوروبية، إلا أنها تعمل على تقويض عمليات الابتكار وصحة المرضى وإمكانية الحصول على الدواء بالسعر المناسب. كما أنها حرضت التجار ضد الصيادلة وشركات الأدوية متعددة الجنسيات والعاملة في البيع بالجملة. ونتجت عن هذه التجارة الموازية حالة من التوتر بين المبادئ الأساسية لحركة السلع بين دول الاتحاد الأوروبي الواردة في اتفاقية روما لتشجيع المنافسة، واستثناء أسعار الأدوية التي ليس للشركات حرية تحديدها، بل الحكومات الوطنية هي التي عادة ما تقوم بوضعها. وأثار هذا النظام التجاري جدلاً حول الطريقة الأكثر عدالة لوضع الأسعار، كما نتج عنه قلقاً خاصاً في وقت تعاني فيه الحكومات من خفض شديد لميزانياتها لتحقيق برامج التقشف، مما يرجح تحويل العلاجات نحو النظم الصحية في البلدان الغنية التي تدفع أسعار أكثر. وتقوم بعض البلدان الأوروبية الغنية بتصدير الأدوية، حيث يساعد فارق سعر الصرف والاختلافات الجغرافية في ارتفاع معدل المبيعات على حساب الاحتياجات المحلية. براءة الاختراع وجاء في مذكرة أصدرتها مجموعة الصيادلة البريطانية المكونة من لجنة غير رسمية من مجموعة من السياسيين: “نعتقد أنه ينبغي على الحكومة إعادة النظر في أولوياتها، كما يعتبر تقديم أحكام الاتحاد الأوروبي الخاصة بالمنافسة على مصالح براءة الاختراع البريطانية، مبادرة عكسية”. وأثبتت التجارة الموازية ولعدة سنوات مدى ربحيتها لشبكة ذكية من المضاربين المنتشرين في أنحاء دول الاتحاد الأوروبي، حيث يملك بعضهم استثمارات كبيرة في الموارد البشرية والمستودعات وتقنية المعلومات المستخدمة للبحث عن الصفقات في المنطقة. وتمارس هذه الجماعات لعبة “القط والفأر” مع شركات الأدوية التي تسعى لطردها من هذا الحقل. ويقول أحد الخبراء البريطانيين العاملين في القطاع، إن تاريخ بداية هذه التجارة يعود لعام 1980، حيث تعتمد شركته على استيراد الأدوية من إسبانيا الأقل تكلفة لبريطانيا التي تسمح لشركات الأدوية بوضع أسعارها عند طرح منتج جديد، مما جعلها واحدة من المناطق الأغلى سعراً في أوروبا. وبينما تطالب النظم الوطنية بتركيبات ونشرات مختلفة للأدوية والعلامات التجارية باللغات المحلية، يقوم التجار بوضع ملصقات جديدة وبفتح العبوة لتغيير عدد الحبوب حتى تواكب متطلبات البلد المصدر إليه. ويُذكر أن الحكومات وصناديق التأمين الصحي والصيادلة والأطباء والمرضى، كلهم استفادوا من تجارة الأدوية بأسعار رخيصة. وكانت ألمانيا ولفترة طويلة مستفيدة من التجارة الموازية التي قامت مؤخراً بتضمينها في قوانين النظام الصحي للبلاد التي تطالب باستيراد الأدوية من بلدان الاتحاد الأوروبي الأقل تكلفة. وظلت أكبر مستورد حيث بلغ إجمالي تجارتها نحو 3 مليارات يورو سنوياً. لكن تؤكد معظم الدراسات أن الوسطاء التجاريين هم المستفيد الأكبر وشركات الأدوية هي الخاسرة حيث ترى تحولاً غير متساو لمبيعاتها نحو بلدان تبيع الأدوية بأسعار أقل. وبمعدلات الفشل الكبيرة في عمليات التطوير وارتفاع التكاليف لكل عقار جديد التي تقلل من أرباح الشركات، تختلف وجهة نظر بيرجستروم، من “الهيئة الأوروبية لقطاع التجارة” بقوله: “لا تعكس أسعار الأدوية الصناعة فحسب، بل تكاليف التطوير أيضاً، حيث ينبغي أن يكون هناك من يدفع لعمليات الابتكار”. ووصف ديرموت جلين، التجارة الموازية بالمشينة التي تعطل الشركات من تقديم أسعار متفاوتة في مختلف أرجاء دول الاتحاد الأوروبي، وأن إيقافها يجعل عملية التسعير منسجمة أكثر مع ظروف الاقتصادات المحلية، حيث تكون أكثر عدالة مع الدول الأقل مقدرة على الدفع لشراء الأدوية وأكثر كفاءة على زيادة مبيعات الشركات المنتجة. ويقول “زادت أزمة منطقة اليورو من تأكيد إمكانية أن يحصل الناس في المناطق الأقل دخلاً على الأدوية ذات العلامات التجارية المسجلة بأسعار مناسبة، الشيء الذي لا يمكن تحقيقه إلا من خلال حظر التجارة الموازية”. وظلت الشركات المصنعة للأدوية تحارب هذه التجارة لفترة طويلة من الزمن بطرق عدة، مثل النقاش الذي يدور في فرنسا الآن حول فرض سعرين، أحدهما من خلال فرض سعر عال لتعجيز المضاربين في هذه التجارة، والثاني عبر تخفيض الأنظمة الصحية المحلية لأسعار الأدوية المستخدمة في الداخل. وطريقة أخرى من خلال تحديد حصص تمنع التوريد لمشتر معين وكذلك تكوُّن الفائض حتى لا يباع في الخارج. وقامت اليونان في السنة الماضية بحظر تصدير الأدوية مؤقتاً للتصدي لزيادة معدل النقص فيها نتيجة لهذه التجارة. لكن واجهت مثل هذه الجهود تحديات ناجحة من قبل المضاربين في المحاكم الأوروبية في كل من اليونان وإسبانيا. وصدرت العديد من الأحكام لصالح التجارة الموازية بحجة حرية حركة السلع بين الدول الأوروبية. وبعد الفشل في كسب التأييد السياسي والقانوني، لجأت شركات الأدوية لاستخدام وسائل بديلة. الأدوية المقلدة وسمحت على سبيل المثال، شركة “فايزر” الأميركية العملاقة بتداول الأدوية المقلدة في سلسلة توريدها. ويقول المنظمون، إن معظم الأدوية المقلدة داخل دول الاتحاد، يتم بيعها على الإنترنت دون الحصول على وصفة طبية. ومن الخطط الأخرى لمحاربة هذه التجارة، اعتماد موزع واحد في كل بلد ليقوم ببيع الأدوية للصيدليات مباشرة دون وسيط ليحد من مقدرة بائعي الجملة لإعادة بيع الأدوية في الخارج. لكن تطورت التجارة الموازية مقابل ذلك، حيث تقوم العديد من الصيدليات ببيع الأدوية لبعضها البعض. وأصدرت السلطات البريطانية وحدها نحو 1?700 ألف رخصة للتجار منها 500 للصيدليات في السنة الماضية. وسمح “برنامج التطوير العلاجي”، للشركات بتقليل الناتج بعد اكتشاف أن الطلبيات تفوق الاستهلاك المحلي. واكتشفت مؤخراً شركة “نوفارتس” السويسرية للأدوية، طلبيات في بريطانيا لدواء التهاب المثانة “أمسيليكس” قدرها 350 ألف عبوة وهي ما يوازي استهلاك 26 عاماً. ويرى البعض أن التجارة الموازية نفسها تواجه بعض المصاعب وأن عصرها الذهبي قد ولى بالفعل. وفي بريطانيا، أدى فرض الحكومة لتخفيضات الأسعار ومناقشة فعالية التكلفة وانتهاء براءة اختراعات أدوية رئيسية، إلى تقليص دور الوسطاء. كما أن التدابير التي تنتهجها دول الاتحاد الأوروبي على نطاق واسع بغرض حظر التجارة الموازية، ربما تساعد على تشجيع المزيد من تفاوت الأسعار في حالة موافقة السياسيين في الدول الغنية على دفع أسعار أكثر من نظرائهم في الدول الفقيرة لتقوم وفقاً لذلك شركات الأدوية بتخفيض الأسعار. نقلاً عن: فاينانشيال تايمز ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©