الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الزبداني»... منعطف في الاضطرابات السورية

23 يناير 2012
سكان الزبداني، هذه المدينة الجبلية الجميلة مازالوا يبدون منبهرين وغير مصدقين أنهم تمكنوا على نحو ما من إخراج الجيش السوري، بعد 10 أشهر على انتفاضهم لأول مرة من أجل المطالبة بالتغيير. فهذه هي المدينة التي قدمت فيها حكومة الأسد ما بدا أنه تنازل مفاجئ يوم الأربعاء الماضي، حيث وافق الجيش على الانسحاب من الزبداني إضافة إلى مدينة مضايا المجاورة، بعد التفاوض مع أعيان المدينة، تاركاً قطاعاً من الأراضي فعلياً، وإنْ بشكل غير مستقر، بين أيدي الحركة الاحتجاجية والجنود المنشقين الذين يحاربون باسم "الجيش السوري الحر". لكن كيف حدث ذلك أو لماذا–وما إن كان الهدوء الذي حل سيدوم – أمر فيه نقاش. فالبعض هنا يعزو الفضل في ذلك إلى القتال الذي خاضه المتمردون، في حين يقول آخرون إن بعثة للجامعة العربية لمراقبة العنف ضغطت على الحكومة وحملتها على التراجع والإذعان. والأكيد أن "الزبداني" ليست المدينة الأولى في سوريا التي يسيطر فيها المحتجون والسكان بشكل فعلي على الأوضاع، ولكنها المدينة الوحيدة، ربما التي أُرغمت فيها الحكومة على الالتزام بوقف إطلاق النار، وهذا منح السكان استراحة مما قالوا إنه إطلاق يومي للنار وهجمات بالمدفعية وغارات كان يتم فيها اعتقال النشطاء. وخلال زيارة قام بها بعض مراقبي الجامعة العربية إلى المدينة السبت الماضي، لم يستطع السكان إخفاء فرحهم لكون "الزبداني" أصبحت، في الوقت الراهن على الأقل، خارج السيطرة، وهذه هي المرة الأولى منذ أن بدأت ملامح قوى متمردة مسلحة تتشكل في الخريف الماضي. وفي هذا السياق، قال "سليمان تيناوي"، وهو رقيب انضم إلى المتمردين قبل ثمانية أشهر: "إنها تشبه بنغازي"، عاكساً أملاً يراود الكثيرين في أن تضطلع "الزبداني" بدور شبيه بذاك الذي لعبته المدينة الليبية الشرقية التي أطلق منها الثوار الحرب التي أسقطت القذافي بمساعدة جوية من "الناتو". وأضاف قائلاً: "ولكن الأمر مختلف... فنحن لا نستطيع الحصول على أسلحة، ولا نتلقى أي مساعدة. ونحن في حاجة إلى منطقة حظر للطيران". زيارة المراقبين أتاحت نظرة نادرة على الانتفاضة السورية التي أخذت منذ بعض الوقت تتطور إلى تمرد مسلح يخشى الكثيرون، أن يخرج عن نطاق السيطرة، ويتحول إلى حرب أهلية شاملة. فيوم السبت الماضي، وردت تقارير تفيد بحدوث اشتباكات عنيفة بين جنود متمردين والجيش في دوما التي تقع على أطراف العاصمة دمشق، كما أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" أن 14 شخصاً قُتلوا عندما استهدفت انفجارات موكباً يقل سجناء في محافظة إدلب المضطربة الواقعة شمال غرب البلاد. ومن جانبها، أعلنت منظمات نشطاء أن نحو 60 جثة عليها آثار التعذيب اكتُشفت في مشرحة أحد المستشفيات في إدلب التي تتاخم تركيا وباتت تعتبر من معاقل المتمردين. وأظهرت مقاطع فيديو نُشرت على موقع "يوتيوب" على الإنترنت صفوفاً من الجثث المشوهة والمضرجة بالدماء، غير أنه لم يكن واضحاً هويات أصحاب تلك الجثث أو الكيفية التي ماتوا بها. كما قال نشطاء إن 20 شخصاً آخرين قُتلوا في احتجاجات واشتباكات عبر البلاد. "الزبداني" لا تبعد سوى عشرين ميلًا عن دمشق، التي مازالت حتى الآن غير متأثرة بالاحتجاجات التي تهز البلاد في أماكن أخرى، وهو ما جعل من سقوطها بين أيدي المتمردين أمراً صادماً ومفاجئاً. في الأيام العادية، كانت هذه المدينة وجهة شعبية للسياح القادمين من الخليج العربي في فصل الصيف، والذين كانوا يقصدونها للاستمتاع بمناخها البارد ومناظرها الخلابة. أما الآن، فعلى خلفية الجبال، التي كست قممها الثلوج، يتجول الجنود المتمردون التابعون للجيش السوري الحر في الشوارع إلى جانب النشطاء وزعماء الاحتجاجات الذين لم يكونوا يتجرأون على الاتصال بالعالم الخارجي إلا عبر مواقع إنترنت آمنة. لقد تحدثوا عن أملهم في الحرية، وتصميمهم على إسقاط الحكومة، وتوقهم إلى مساعدة دولية. وخلال زيارة المراقبين لهذه المدينة لم تكن ثمة أي مظاهر للسلاح، ولكن الجنود المنشقين والنشطاء يعترفون بأنهم مسلَّحون ويخوضون القتال. وفي هذا الإطار، قال أمجد خان، 31 عاماً، الذي أظهر للمراقبين الأضرار التي لحقت بمنزله جراء قذيفة مدفعية أطلقها جنود الجيش النظامي قبل أيام قليلة على إعلان وقف إطلاق النار: "إن الشعب والجيش السوري الحر أصبحا يداً واحدة"، مضيفاً "إنهم يتعاونون ويعملون معاً". غير أن بقاء واستمرار هذه الواحة يظل موضع شك. ذلك أن الجيش تراجع بحوالي خمسة أميال ولكنه مازال يحاصر المدينة. ويبدو أن التضاريس الجبلية تمنح الامتياز لقوى المتمردين، التي من الواضح أنها تحظى بدعم السكان المحليين، ولكن السكان منقطعون بالكامل عن العالم الخارجي وغير قادرين على السفر حتى إلى دمشق المجاورة لشراء احتياجاتهم ومستلزماتهم. ويعتقد البعض أن الحكومة وافقت على وقف إطلاق النار فقط، من أجل تهدئة الجامعة العربية، التي عقدت اجتماعاً قصد اتخاذ قرار بشأن، ما إن كانت ستمدد مهمة المراقبين لشهر آخر. والجدير بالذكر هنا أن المعارضة السورية تريد من الجامعة العربية إحالة الأزمة إلى الأمم المتحدة من أجل تأمين رد دولي أكثر صرامة على القمع الذي تمارسه الحكومة السورية، وهو الأمر الذي تسعى دمشق إلى تجنبه. وقال برهان: "بعد يوم الأحد، سيستأنفون القصف من جديد من أجل الحفاظ على سمعتهم"، مضيفاً "لقد قاموا فقط بسحب دباباتهم وإخفائها بسبب الجامعة العربية". وأضاف مزارع يدعى محمد، اشتكى من أن مخزون الطعام الذي لديه يكفي لشهرين آخرين فقط: "أنهم قد يشرعون في قصفنا من جديد حالما ترحلون!". ليز سلاي - الزبداني ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيورج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©