الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العرقسوس ملك الشراب في لبنـان

العرقسوس ملك الشراب في لبنـان
17 أكتوبر 2006 01:18
تحقيق - محمد دياب: بيروت - الاتحاد: يبقى شهر رمضان ذلك الشهر الغالي على قلوب كل مسلمي العالم حيث تعيش كل الدول الإسلامية هذا الشهر ضمن طقوس إيمانية خاصة بها ولكن بالمحصلة يبقى الهدف عند جميع مسلمي العالم في هذا الشهر هو التقرب من المولى تعالى وطلب المغفرة والرحمة منه· مع قدوم شهر رمضان المبارك، تشهد مدينة بيروت مشاهد ومظاهر تقتصر على هذا الشهر الفضيل دون غيره، لرمضان في هذه المدينة مذاقه، ونكهته، وتقاليده، ويتميز بالحركة المحمومة العابقة بعطر الإيمان· مشروبات رمضانية بيد أن اللافت للانتباه من بين هذه المشاهد المألوفة في رمضان، مشهد باعة شراب التمر هندي والجلاب والعرقسوس، يتخذ هؤلاء الباعة من المناطق المكتظة بالحركة والنشاط مكاناً لبيع شرابهم فيجلبون الزبون بأصواتهم التي تعدد مزايا الشراب: ''طيبة تمر هندي·· أصيلة وعسلية·· بتبيض الوجوه، بتحمر الخدود·· قرّب، وذوق يا طيب··'' وذلك بنبرة بيروتية منغّمة، موزونة وأليفة، كما أن ثيابهم الملونة احيانا، وعدتهم الغريبة تلفت انتباه الصائم · يطفئ شراب التمر هندي والجلاب والعرقسوس والتوت والخروب ظمأ الصائمين في شهر رضمان المبارك حيث يتربع الشراب ملكاً على عرش موائد الافطار غداة كل غروب شمس· ويعتبر البيروتيون التمر هندي والجلاب والسوس الشراب المفضل لديهم في شهر الصوم، فهو خفيف على المعدة ولذيذ المذاق ويطفئ العطش الذي يشعر به الصائمون طوال ساعات النهار· ويتفنن أبناء المدينة في صناعته كي يلبي ذوق شاربيه ويشتهر ''ابو علي'' في بيروت بأنه الأقدم في هذه المهنة· فينهمك بصناعة هذا الشراب ليعرضها على الزاوية الرئيسة في محلة (الزيدانية) في بيروت· يقول المعلم ''ابو علي'': (منذ 23 عاماً وأنا أزاول هذه المهنة، وهي لا تحتاج الى رأسمال كبير وانما الى جهد وعرق''· الشراب عبارة عن مياه مبخرة، دبس الزبيب وسكر وعطورات، وتستغرق ''الطبخة'' الواحدة ساعتين من الوقت، تنتج نحو 200 قنينة أي ما يعادل 350 ليتراً من الشراب''، مشيراً ان نتاجه اليومي يرتفع في رمضان بسبب الاقبال الكثيف عليه من الصائمين · ونبيع القنينة الواحدة وهي عبارة عن ليتر ونصف ليتر بسعر 2000 ليرة فقط وقال: تستخدم جذور عشبة السوس منذ آلاف السنين لحلاوتها ونكهتها· ويزيد استخدامها في شهر رمضان المبارك في بعض البلاد الإسلامية كمشروب على مائدة الإفطار· صور شعبية ولعل صورة بائع (العرقسوس) المتجول من الصور الشعبية، بزيه التقليدي، وهو يحمل (الإبريق) المعدني أو الزجاجي، ويجذبه اليه بواسطة حزام جلدي عريض، يلتف حول خصره، ويتدلى منه (إناء) صغير للأكواب، بينما يحمل البائع في يده اليمنى (صاجين) نحاسيين، يصدران صوتا مميزا ويحمل في يده اليسرى (إبريق) بلاستيكيا صغيرا مملوءا بالماء المحبب إلى النفوس (شفا وخميرة يا عرقسوس)· وفي شهر رمضان يختفي بائع (العرقسوس) من الظهور في وقت الصيام، ليبدأ عمله قبل ساعات قليلة على الافطار، وذلك بأن يخرج إلى الميادين العامة، ويفترش الرصيف ومعه (أكياس) معبأة بالعرقسوس، ومجهزة بأحجام مختلفة حسب الطلب· منافسة وتدخل إلى المنافسة محلات (العصير)، حيث تختفي العصائر، ويقدم الباعة شراب العرقسوس المثلج، وغالبا ما يشتد الزحام قبل انطلاق مدفع الافطار بدقائق معدودة وفي الأعوام الأخيرة، أدخلت هذه المحلات تطويرا هائلا في صناعة (العرقسوس)، حيث صممت الماكينات التي تصنع (خلطة) العرقسوس المثلج، لتكون جاهزة للتحضير في المنازل، وغالبا ما يطالعنا هذا المشهد في الأحياء الشعبية مثل صبرا وغيرها، حيث تشتعل المنافسة بين الباعة (الهواه) الذين يحلو لهم بيع العصائر فوق (الأرصفة)، وبين (البائع) التقليدي الذي توارث المهنة عن أجداده، وكلاهما يحترس من (الماكينات) المستحدثة، التي تجتذب الزبائن، وتحقق لهم متعة تحضير (العرقسوس) في المنزل· ومن الأشياء الطريفة أن بعض هؤلاء الباعة التقليديين، رأوا أن يسايروا التطور، فصارت لهم محلات تبيع (العصائر)، ومن بينها شراب (العرقسوس)، وتخلوا تماما عن زيهم الشعبي، بينما لا يزال البعض منهم يمارس مهنته حتى الآن، وهؤلاء تفننوا في تزيين الأواني المعدنية والزجاجية، حتى يلفتوا الأنظار إليهم، وهم يدورون في الشوارع بعد صلاة العشاء والتراويح، ليقبل عليهم الزبائن ويرشفون المشروب المثلج من الأكواب الفضية والمذهبة·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©