إعداد - محمد عبد الرحيم:
ظل الكافيار المستخرج من أسماك الحنش التي تربى في المزارع السمكية لا يحظى بشعبية جارفة في أوساط المستهلكين ولا يباع بكميات تجارية إلا في حالات نادرة· أما الآن فقد أصبح من الصعب الإيفاء بطلبات الشراء المتنامية حيث تقدمت شركتان للخطوط الجوية في الشهر الماضي بطلبات لشركة ''سترلينج كافيار'' التي تدير أكبر مزرعة للكافيار في الولايات المتحدة الأميركية لتزويدها بكمية تبلغ 15 طناً من هذا المنتج، أي ما يقارب ضعف إنتاجها السنوي كما يقول بيتر ستروفينجر مدير مزرعة الشركة التي تتخذ من إحدى الأودية خارج مدينة سكرامنتو مقراً لها·
وكما ورد في صحيفة انترناشونال هيرالد تريبيون مؤخراً فلم يعد من المستغرب ان تعمد شركة سترلينج- لأول مرة منذ أن بدأت إنتاج الكافيار في عام 1994 - إلى تنفيذ عملية ثانية للحصاد في هذا العام فمن الناحية التقليدية اعتادت الأسماك أن تطرح بطارخها فقط في موسم الربيع عندما تضع اسماك الحنش التي ظلت تعيش لفترة لا تقل عن 80 مليون عام بالقرب من نهر سكرامنتو بيضها بصورة طبيعية· أما حصاد الخريف فقد بات يمثل بداية انطلاقة السباق العالمي لإنتاج كميات من الكافيار المزروع بحيث تكفي الاستهلاك في أول موسم قادم للعطلات منذ أن عمد المسؤولون في المنظمات البيئية الدولية إلى إغلاق سوق الكافيار العالمي بسبب المخاوف من الإفراط والتجاوز في عمليات الصيد· بيد أن ستروفينجر يدرك تماماً انه إذا فشل في مقابلة الطلب المتزايد فهنالك من يمكنه القيام بهذه المهمة· وهو يقول ''قبل سنوات قليلة فقط كنا نتوسل إلى الأشخاص لكي يعيروا اهتماما إلى الكافيار المزروع ولكن الآن أصبح هنالك اهتمام جدي في جميع أنحاء العالم كما يتم إنفاق الملايين من أجل مقابلة الطلب المتنامي''·
وحتى منتصف حقبة التسعينات لم تكن صناعة الكافيار المزروع سوى عبارة عن مجموعة قليلة من العلماء البحريين الذين لديهم حلم يسعون إلى تحقيقه· أما الآن فقد برزت هذه الصناعة كعمل تجاري عالمي ينطوي على مئات الملايين من الدولارات بعد أن انتشرت مزارع اسماك الحنش في فرنسا وألمانيا وايطاليا والاوروجواي وهي تستثمر أموالاً ضخمة في توسعه المرافق وتطوير التكنولوجيات الحديثة مثل زرع الرقائق بهدف خلق واستحداث المزيد من البطارخ التي تتسم بنكهة الزبدة التي يتميز بها الكافيار البحري التقليدي· وفي بلغاريا وكندا والصين وأبوظبي بدأت الساحة تشهد العديد من مزارعي الكافيار وهم يواصلون أعمالهم في مرافق الإنتاج الجديدة· وهنالك شركة ''ماركي'' التي تعمل في مجال توزيع الكافيار في ولاية فلوريدا الاميركية وهي تستورد وتربي اسماك الدولفين الأبيض، أجود أنواع الحنش بهدف توسعة إنتاجها إلى حوالى 500 ألف سمكة بحلول عام ·2009 وإذا قدر للتوقعات أن تصبح حقيقة على أرض الواقع فإن إنتاج كافيار المزارع سوف يتضاعف تقريباً إلى حوالى 125 طناً في عام 2010 مقارنة بمستوى 64 طناً في عام ·2005
يذكر أن مؤتمر التجارة في الأنواع المنقرضة التابع للأمم المتحدة كان قد رفض في أوائل هذا العام إصدار حصص ''كوتات'' الصادرات الخاصة بالكافيار البحري المستخرج من اسماك الحنش في بحر قزوين والبحر الأسود باستثناء كميات صغيرة من أنواع الاوستيرا في إيران·
ولعل أكثر المشاريع طموحا لتعويض النقص في الإمدادات تلك المزرعة التي ستتخذ مقراً لها في أبوظبي وتتخصص في تربية اسماك الحنش التي تعيش في سيبريا وبدعم من المستثمرين في القطاع الخاص فإن هذا المرفق الذي تبلغ تكلفته 48 مليون دولار (176,1 مليون درهم) بات من المتوقع أن يتم إنجازه بحلول نهاية العام 2008 على أن يتم بيع أول إنتاج من الكافيار في العام المقبل·
وعندما يبلغ الإنتاج ذروته فإن المزرعة سوف تنتج 32 طناً في العام أي ضعف الكمية التي تنتج حالياً في كاليفورنيا· وقد تبدو أبوظبي مكانا غير مناسب لبناء مزرعة للأسماك إلا أن قلة تكاليف الطاقة بالإضافة إلى وجود سوق ضخم للكافيار يتمثل في عبارات وسفن الركاب الضخمة التي تزور الدولة بشكل منتظم وانتشار أعداد هائلة من الفنادق التي تؤمها أعداد متنامية من النخب العربية والأجنبية ولكن المشروع ما زال يحتاج إلى العديد من التكنولوجيا المتقدمة التي تختص بدوران المياه حيث إن اسماك الحنش من أجل نموها بسرعة ولكي تنتج البيض تحتاج إلى أن يتم تبريد المياه إلى درجة مئوية تتراوح ما بين 20 و22 درجة بالإضافة إلى عدم إهدار أي كمية من هذه المياه· وفقاً لكريستوف هارتنج المدير التنفيذي لشركة يونايتد فود تكنولوجيز الألمانية التي تم التعاقد معها لبناء وإدارة المزرعة فإن 95 في المائة من المياه في كل يوم سوف يتم ''فلترتها'' وإعادة استخدامها·
وقامت شركة يونايتد، التي تمارس زراعة أسماك الحنش في منطقة فلودا في ألمانيا منذ عام ،1990 بإنشاء شركة تابعة لها اطلقت عليها اسم ''اكوا اوربيس'' في عام 1992 بحيث تتخصص في توفير التكنولوجيا وخدمات الإدارة للأعداد المتزايدة من مزارع اسماك الحنش الجديدة في المنطقة·
عدد اليوم
