الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البرامج التلفزيونية في رمضان تعيد تواصل الآباء بأبنائهم

البرامج التلفزيونية في رمضان تعيد تواصل الآباء بأبنائهم
14 أغسطس 2011 22:49
تجمع الأسرة في موعد واحد يومياً حول جهاز التلفزيون أمر لم يعد شائعاً مع تغير نمط الحياة وتشعب انشغالات الآباء والأبناء، غير أن هذا المشهد المحبب الذي يعيد أجواء الألفة إلى البيوت، يعود في شهر رمضان ويفرض نفسه مجدداً على الجميع من دون سابق إنذار، وهكذا تلعب البرامج التلفزيونية والمسلسلات الرمضانية دوراً بارزاً في لم شمل الأسرة حول اهتمام مشترك غالباً ما يكون غائباً في بقية أشهر السنة. لا يعمل شهر رمضان على تهذيب النفس وترتيب مواعيدها وحسب، وإنما يقوم بشكل تلقائي بتنظيم الأمور الحياتية، وفرض جدول زمني على أفراد الأسرة يجعلهم يلتزمون به تماماً ويولونه الأولية، ولا ينطبق ذلك فقط على مواقيت الطعام مثل موائد الإفطار والسحور التي يلتف الجميع حولها، وإنما كذلك على ما تقدمه الشاشة الصغيرة من فقرات تجذب الصغار والكبار، فما هو سر هذا الجذب الرمضاني الذي يجمع الآباء والأبناء خلال شهر كامل على النظر في اتجاه واحد؟ تواصل ولقاء تذكر ميادة الهندي وهي أم لثلاث بنات في سن المراهقة، أنها لا تنظر إلى شهر رمضان على أنه شهر العبادات والمغفرة والرجوع إلى الله وحسب، وإنما على أنه شهر الأسرة أيضاً “فيه يلتئم شملنا بشكل منتظم، وأي نشاط يقترحه أحدنا، لا بد أن يشمل الجميع لأننا خلال هذا الشهر الفضيل لا نفترق وكأن بوصلة ما تربطنا ببعضنا عن قصد أو بغير قصد”. وتعتبر أنه من المهم جداً أن يقوم أفراد الأسرة بمشاهدة البرامج التلفزيونية سوياً، تماماً كما يحدث في شهر رمضان. “لأن ذلك من شأنه أن يفتح أروقة جديدة للتحادث، ويتيح المجال للنقاش في مواضيع الحلقات، الذي ينعكس على الجميع”. وتشير الهندي إلى أنها خلال شهر رمضان تصر على أن تجمع أسرتها في غرفة المعيشة لمشاهدة التلفزيون معاً، وترفض أن يجلس كل في غرفته ليشاهد ما يحلو له على جهازه الخاص. “يكفي أننا نتفرق طوال أيام السنة، ونادراً ما نلتقي في السهرة على برنامج واحد. وشهر رمضان بما يتخلله من مسلسلات وبرامج وفقرات ترفيهية، فرصة جيدة لكسر الروتين الذي نعيشه، وإعادة جدولة أيامنا بقرارات جماعية وليست فردية”. أمام الشاشة من جهتها، تتحدث سلوى الأمير عن فضل شهر رمضان في تغيير أسلوب حياتها لجهة التواصل أكثر فأكثر مع زوجها وأبنائها، وتقول “نحن أسرة متماسكة والحمد لله، لكن لكل منا انشغالاته. أنا وزوجي نعمل في دوام كامل وأبناؤنا منشغلون في الدراسة ما بين المدرسة والجامعة، وهذا يجعل لقاءنا بشكل يومي وعلى موعد واحد أمراً نادراً”. وتورد أن الوضع يختلف خلال شهر رمضان، حيث تقل ساعات العمل وتتوقف الدراسة، ما يسهل عملية الوجود في البيت لوقت أطول. “وثمة اتفاق ضمني غير معلن يلتزم فيه الجميع داخل أسرتي، وهو قضاء أوقات الفراغ سوياً”، بما في ذلك تناول الوجبات وتمضية السهرة في مجلس واحد وأمام شاشة تلفزيون واحدة، وتعتبر أن هذه الأجواء الدافئة بين أفراد الأسرة تغذي الروح وتبقى في البال لسنوات طويلة. “وهي تربي في الأبناء صوراً عن معنى التواصل الأسري حتى يعملوا على تطبيقه في المستقبل عندما يتزوجون وينجبون”. يوافقهما الرأي بهاء عبد العال وهو أب لسبعة أبناء وجد لخمسة أحفاد، قائلاً: “نحن في زمن لم يعد يقدر أهمية التواصل الأسري كما في الماضي، لذلك لا بد من التمسك بتقاليد شهر رمضان التي تعيد مشهد الألفة إلى البيوت”. ويضيف: “عندما كنا صغاراً كانت الأولوية دائماً لجلسات الأسرة، ولم تكن فرحتنا تكتمل إلا عند اكتمال عددنا عند المساء، كانت أمي تحضر لنا أصناف الحلوى التي نحبها، وكان والدي يختار قصة معينة يرويها لنا، لم يكن هنالك ما يسمى بالتلفزيون على أيامنا، ومع ذلك كنا نستأنس ولا نشعر بالملل”. ويذكر أنه عندما رزق بأبنائه كان يمنعهم من مشاهدة التلفزيون إلا بحضوره، والسبب أنه لم يشأ أن يتحول هذا الجهاز إلى بديل عن جلسات الأسرة، “كانت زوجتي تهتم بشؤون المنزل والتدريس إلى حين عودتي في المساء حيث نجلس معاً ونشاهد المسلسل الوحيد الذي كان يعرض في وقتها على الشاشة المحلية”. ويصف تلك الأيام بالعصر الذهبي للأسرة، والذي بات بعيداً عن الواقع، “وهذا لا يتكرر إلا في شهر رمضان الذي يعيد عقارب الزمن إلى سنوات طويلة خلت. هذا ما أشعر به حالياً عندما يزورني أبنائي ومعهم أحفادي، ونتحلق جميعنا على برنامج واحد. وهذا ما لا نفعله عادة خارج نطاق رمضان”. مسلسل يجمعنا أما سالم مبارك وهو حديث العهد بالزواج ولديه ابنة وحيدة، فيعتبر أنه من الخطأ التعميم في مجال اقتصار تجمع الأسرة على شهر رمضان. “فهنالك الكثير من الأسر المتماسكة التي تضع قانوناً عاماً يلتزم به أفرادها طول أشهر السنة”. ويأتي على ذكر الفترة التي ترعرع بها في بيت والده، وما يذكر منها من أوقات كثيرة مخصصة للجلسات الأسرية وتبادل الأحاديث. “والدي رجل فاضل وكان يرفض أن يكون في البيت أكثر من جهاز للتلفزيون، لأنه كان مقتنعاً بأن التفرد في مشاهدة برنامج ما أو مسلسل ما، يقضي على الجو العام الذي يجب أن يجمعنا”. ويوضح مبارك أنه على الرغم من كون الفقرات التلفزيونية الشيقة تكثر في شهر رمضان ما يجعلها مادة دسمة تتحلق الأسرة حولها، لكن هذا التقليد يجب أن يستمر إلى ما بعد العيد”. ويشدد على ضرورة تنظيم مواعيد الأزواج فيما بينهم وفي ما بين أبنائهم، بشكل لا تقضي انشغالات الحياة على نوعية الوقت الذي يمضونه سوياً. “بالنسبة لي، فأنا أعمل حتى المساء، فيما زوجتي ينتهي دوامها قبلي مما يتيح لها الاهتمام بشؤون ابنتنا بانتظار عودتي. وما أن أدخل إلى البيت حتى أحول وقتي كله لهما”. لرمضان نكهة خاصة يتحدث محمد عمر، وهو طالب جامعي، عن كيفية قضاء وقته خلال شهر رمضان، مشيراً إلى أن الفترة المفضلة لديه هي فترة ما بعد صلاة التراويح. “والسبب أنني أعود إلى البيت وأنا على يقين بأن والدتي قد أعدت لنا الأصناف الحلوة والمالحة التي نحبها، والتي تسلينا أنا وإخوتي أثناء مشاهدة التلفزيون”. وهو يعترف أن هذه المشاعر الدافئة التي تجمعه بأفراد أسرته سرعان ما تتبدد مع أيام العيد. “قد يكون لرمضان نكهة خاصة تجبرنا على البقاء سوياً في المساء، وما أن ينقضي الشهر الكريم حتى تعود الحياة إلى ما كانت عليه من فوضى المواعيد”. الرأي نفسه، تؤيده نبيلة جمال الدين وهي في الثانوية العامة. تقول: “أتمنى أن يدوم شهر رمضان طوال أيام السنة. ففي هذا الشهر تنتظم حياتنا في البيت ونرى بعضنا أكثر، كما أشعر أنني أتقرب أكثر من إخوتي ووالدَي. نتشارك في تحضير الطعام، ونرتب المائدة سوياً، وكذلك نأكل من الأطباق نفسها. وأكثر من ذلك كله، نصر أن نشاهد المسلسلات نفسها ونعلق على المشاهد كل بدوره. وهذا ما لا ينطبق بالتأكيد على غير أيام الصيام”.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©