الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحق والواجب

14 أغسطس 2011 22:45
تعتبر مسألة حقوق الإنسان من المسائل المهمة التي شغلت الفلاسفة والمفكرين، ولقد حظيت في هذا العصر بحظ من الاهتمام عظيم، حتى بدت كأنها سمة من سماته أو صفة من صفاته، غير أنه لو نظرنا في القرآن الكريم وتصفحنا أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم لعلمنا أن لحقوق الإنسان في الإسلام موضعاً لا ينكر، ومكانة لا تسامى. ثم إن الناس اليوم يتحدثون كثيراً عن حقوق الإنسان، ولكن قل من يتحدث عن واجباته، حتى أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لم يذكر كلمة واحدة حول واجبات الإنسان، كما أن ميثاق الأمم المتحدة لم يشر أية إشارة إلى هذا الأمر، والتحدث عن حقوق الإنسان مع الصمت عن واجباته، هو إقرار بالخلل الكبير في فهم مهمة الإنسان في الحياة، والتي لا تزال تعالج في غالب المناهج الإصلاحية بمنظور جزئي بعيداً عن الشمولية والتكامل. والإسلام يتعامل مع مهمة الإنسان في الحياة بمنهجية، على أساس من التوازن والتكامل العادل، بين واجبات الإنسان وحقوقه في مهمته الحياتية، فمن المهم قبل أي شيء أن يعلم الفرد في المجتمع، أنه مثلما هناك حقوق تعتبر من حقه الحصول عليها، هناك واجبات تناط به وتطلب منه، وأن لن يحاسب على حقوقه بل على واجباته، وبعبارة أخرى إن حقوق الإنسان التي تعتبر من مستلزمات ذاته هي فعلياً واجبات إنسان آخر يجب أن يؤديها، وأن واجباته هي حقوق لغيره، بل إن ما يعتبر حقاً من حقوق الإنسان، يعتبره الإسلام واجباً من آكد واجبات ذلك الإنسان نفسه، فحق التعليم الذي هو حق مشاع للناس جميعاً، فهو في الإسلام ليس بحق فحسب ولكنه واجب وفريضة. كذلك العمل فقد جاء في المواثيق الدولية أنه حق لكل شخص، ولكن الإسلام لم يقتصر على اعتباره حقاً من حقوقه، بل اعتبره أيضاً من واجباً من أوكد الواجبات. فالإسلام يمتاز بالتكامل والشمول الذي يقيم المعادلة المتوازنة بين واجبات الفرد وحقوقه، فهو عندما يقرر ويؤكد على غرس روح المسؤولية وتنميتها عند الإنسان، ثم يرتقي بقيمة هذه المسؤولية في النفس البشرية ليجعلها ثمرة التكليف والتشريف للإنسان، إنما يضع الإنسان بهذا التكليف في أعلى مراتب المسؤولية بين الخلائق، ويوم يستشعر الإنسان عظم هذا التكليف ومسؤولياته وواجباته في الحياة، تنمو وتترسخ بالمقابل في نفسه قيمة الآخر وحقوقه. إن الإسلام قد وضع إطاراً عاماً لكل هذه الحقوق والواجبات، إطاراً من الآداب العامة والرحمة وحسن الخلق، والإسلام لم يقف عند حد بيان الحقوق وحمايتها، وإلزام المسلمين بها، وعقاب من يعتدي عليها، بل ذهب إلى أبعد من ذلك بكثير، فأمر بكل ما يؤدي إلى المحافظة على حقوق الإنسان ونهى عن كل ما يمس هذه الحقوق أو يؤدي إلى الاعتداء عليها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©