الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

في عين الشاعر

في عين الشاعر
26 فبراير 2009 02:22
تُعلمنا مدرسة الشعر ألا نقف عند الدلالات الأولى للأشياء ونعتبرها مسلمات، ونرتكن على القراءة الأولى لها، وتبقى هذه القراءة رفيقة رؤيتنا على مدى العمر، ومثال ذلك ألا ننظر للجدار على أنه قطعة اسمنت وحديد، على انه حاجز، عازل، ساتر، حام· إنها تعلمنا أن نذهب إلى أعمق من ذلك، إلى روح الجدار إلى الصبغة البشرية فيه، إلى الجهد الإنساني في بنائه، أي إلى حالته البشرية من خلال تخيل وجود اللمسات النفسية والفكرية والعاطفية للإنسان، حين وضعه للإسمنت وصف الطابوق وعلاقته بالألوان وحركة الفرشاة في يده· لذا الجدار عند الشاعر لا يصير جدارا بالمعنى التقليدي·· وهذا ينطبق على كل ما تقع عليه عينه، وهو الأمر الذي يجعل من الشاعر مختلفا عن العادي والجامد والحاد والصارم والحازم والرومانسي والتقليدي، من البشر· الشاعر يرى دائما ما لا يرى ونظرته تخترق القشور السطحية للكلام والأشياء؛ ولذلك في كثير من الأحيان ينحو اغلب الشعراء إلى العزلة، لأنها تحقق لهم الصفاء وتكثف عمق نظرتهم للأشياء، يذهبون إلى الطبيعة وللمعنى العميق للوجود، و ليس كما يعتقد محدودو البصيرة بأن هذا الوضع هو مستوى عال من التشاؤم أو تعبير عن الفشل في التعاطي مع الحياة، بل على العكس من ذلك هو مستوى عال من الشفافية الروحية وقدرة خارقة على الحب· الحب هو المقياس الحقيقي لمعنى النجاح، حيث الفاشلون الحقيقيون هم الموتى في الحياة والموتى في القبور· الموتى في القبور يكون فشلهم مقدرا بأن الحياة انتهت على الأرض وغادروها بقطعة قماش، حسب معتقد الثقافات المتعددة على الأرض، دون أن يفعلوا أي شيء، أن يحسوا أو يفكروا أو يحزنوا أو يبكوا· · أي إن موتنا هو فشلنا الأخير في عدم المقدرة على التشبث بالحياة· أما الموتى في الحياة هم من يتوقفون عند حدود السقوط ويتحطمون في فخ الفشل، هم من لا قدرة لهم على لمس الجمال اليومي في الحياة وعلى الحب· إن السن الذي بلغته هو أجمل أيام عمرك والقادم أجمل وأجمل وأجمل·· إن الخسارة هي البداية الحقيقية في الحياة·· إن الحزن هو بوابة الفرح والسعادة·· ومن كل سقوط تعلم ومن كل كبوة تعلم·· من الفشل تعلم، ومن سقوط قلبك في التيه تعلم أن تصبر عليه، أن تعيده إلى قفصك الصدري وتجعله ينبض من جديد، يلمس الورد من جديد وأن يبتهج بالهواء البارد، بابتسامة الطفولة، بصفاء الوردة بالعيون التي تعشق·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©