الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الحكومة المصرية تعد مشروع قانون جديد لقطاع الأعمال العام

الحكومة المصرية تعد مشروع قانون جديد لقطاع الأعمال العام
20 يناير 2013 22:39
محمود عبدالعظيم (القاهرة) - انتهت وزارة الاستثمار المصرية من إعداد مشروع قانون جديد لقطاع الأعمال العام يحل محل القانون الحالي رقم 230 لسنة 1992 ويستهدف القانون الجديد ـ الذي من المنتظر الدفع به إلى مجلس الشورى لإقراره خلال يناير الجاري ـ إدارة محفظة الشركات المملوكة للدولة والبالغ عددها 156 شركة تحت مظلة 9 شركات قابضة نوعية على نحو اكثر كفاءة وعلى أسس اقتصادية خالصة لا ترتبط بالعوامل الاجتماعية. وحسب معلومات حصلت عليها «الاتحاد»، فإن القانون الجديد يسعى إلى إنشاء ذراع استثمارية للدولة المصرية عبر إنشاء شركة قابضة عملاقة تتبعها جميع الشركات القابضة الحالية وتتولى الشركة القابضة الجديدة رسم السياسات، ووضع استراتيجيات العمل لجميع الشركات الحكومية، بحيث يتحول هذا الكيان إلى كيان مستقل عن الحكومة بمعنى أن تتم إدارته بعيدا عن الهيمنة الحكومية وبما يسمح له بقدر كبير من المرونة تتيح تحقيق فوائض مالية جيدة تتناسب مع الحجم الضخم لأصول الشركات العامة غير المستقلة. وحسب هذه المعلومات، فإن الكيان الجديد سوف يقوم بعمليات الدمج أو الاستحواذ أو ضخ الاستثمارات الجديدة داخليا وخارجياً، وسوف يكون للشركة القابضة الجديدة قوائم مالية وحسابات خاصة تودع فيها مواردها على أن تلتزم بتخصيص 30% من الفوائض المالية المحققة في عملية إعادة هيكلة الشركات الخاسرة أو المتعثرة على أن يؤول المتبقي من هذه الفوائض إلى الخزانة العامة. وسوف يتم السماح لهذه الشركة القابضة بزيادة رأسمالها عبر الاكتتاب العام في سوق الأوراق المالية كما تختص باعتماد اللوائح المالية والإدارية وشؤون العاملين للشركات القابضة التسع التي سوف تتبعها، وكذلك للشركات التابعة للشركات القابضة والبالغ عددها 156 شركة تابعة موزعة على الأنشطة الصناعية والإنتاجية والخدمية كافة. ويستهدف القانون الجديد الاستفادة من الفوائض المالية المتاحة لدى أي شركة قابضة في إعادة هيكلة الشركات المتعثرة التابعة لشركة قابضة أخرى، وهو ما لا يتيحه النظام الحالي، حيث إن الشركة القابضة الكيماوية حققت صافي أرباح قدره 1?1 مليار جنيه في العام الماضي، وفي المقابل تعاني الشركة القابضة للغزل والنسيج خسائر متراكمة قدرها 850 مليون جنيه موزعة على 14 شركة تابعة لها، ومع ذلك لا يسمح النظام الحالي باستخدام أرباح القابضة الكيماوية لدعم أوضاع القابضة للغزل والنسيج. وحسب هذه المعلومات أيضاً، فإن الشركة القابضة الجديدة سوف تتفاوض مع البنوك نيابة عن الشركات التابعة في حالة الحاجة إلى الحصول على تمويل مصرفي وذلك بإدارة عمليات الاكتتاب حال زيادة رأسمال الشركات، إلى جانب إمكانية التخلص من الأصول الخاسرة أو غير المستغلة. وكذلك وضع خطط التوسع الاستثماري للشركات الحكومية والدخول في تحالفات مع الشركات الأجنبية العاملة في السوق المصرية سواء بشكل مباشر أو عبر الشركات التابعة، وذلك بهدف إنشاء مشروعات جديدة وتوسيع نطاق المحفظة الاستثمارية الحكومية في مختلف القطاعات الاقتصادية. وتأتي هذه الخطوة من جانب الحكومة، بهدف تقليل حجم التدخل الذي يمارسه عدد من الوزراء في أعمال الشركات التابعة، وترك مساحة كبيرة من الحرية لإدارة هذه الشركات حتى تتحول من الخسارة إلى الربح وإدارة أنشطتها، وفقاً لأسس اقتصادية سليمة بعيداً عن العوامل السياسية التي حكمت مسار شركات القطاع العام على مدار السنوات الماضية. برنامج الخصخصة كما تفتح هذه الخطوة الباب أمام عودة برنامج الخصخصة للشركات الحكومية الخاسرة، حيث إن الشركات الحكومية مطالبة بعد صدور هذا القانون بعدم تحقيق خسائر؛ لأنه لن يكون مسموحا بعودة السحب على المكشوف من البنوك مرة أخرى لا سيما بعد أن نجحت وزارة الاستثمار خلال السنوات الماضية في إنهاء ملف مديونية شركات القطاع العام للجهاز المصرفي عبر اتفاقيات مبادلة الديون بأصول عقارية وأرض حصل عليها البنك الأهلي وبنك مصر وتقدر بنحو 30 مليار جنيه، ويجد البنكان حالياً صعوبة كبيرة في تسييل هذه العقارات والأراضي لاسترداد القروض التي سبق منحها للشركات الحكومية. ورغم اعتراض قطاعات واسعة من الرأي العام المصري على فكرة عودة الخصخصة، فإن الكيان الاستثماري الجديد سوف يجد نفسه مضطراً للتخلص من بعض الأصول الخاسرة أو الشركات التي يصعب تصحيح مسارها أو إعادة هيكلة مراكزها المالية وبالتالي سوف يكون الحل هو التخلص من هذه الشركات بما يترتب على ذلك من مشكلات تتعلق بالعمالة أو أسس التقييم وغيرها. ويرى خبراء اقتصاديون أن القانون الجديد لقطاع الأعمال العام ربما يسهم في تصحيح مسار عدد كبير من الشركات الحكومية التي لا تزال تتعرض للخسائر بسبب سوء الإدارة أو تحملها أعباء غير مبررة من الناحية التشغيلية. ولكنهم أكدوا أن القانون يأتي في توقيت سيئ؛ لأنه يعني انسحاب الشركات العامة من ممارسة وظائفها الاجتماعية حيث كانت الدولة تعتمد على كثير من هذه الشركات في أداء مهام اجتماعية أو التدخل في الأسواق لدعم الفئات الضعيفة مثلما كان يحدث عبر شركات المجمعات الاستهلاكية التي تمثل شبكة توزيع ضخمة تعيد التوازن بين العرض والطلب في العديد من السلع الغذائية الرئيسية لاسيما في أوقات الأزمات، ومن ثم فإن القانون الجديد لم يهتم كثيرا بالأبعاد الاجتماعية لبعض الشركات العامة واعتبر أن الأداء على أسس اقتصادية هو الأكثر أهمية. وقال الخبراء، إن امتلاك الدولة لذراع استثمارية موحدة أمر مطلوب وكان يمكن إنشاء هذه الذراع الاستثمارية بعيداً عن الشركات العامة وما تضمه من موروث تاريخي يعرقل انطلاقها سواء كان ذلك بسبب العمالة الزائدة أو بسبب تراجع القدرة التنافسية لهذه الشركات في الأسواق تحت وطأة تقادم التكنولوجيا التي تعمل بها أو تدني مواصفات جودة منتجات هذه الشركات، وبالتالي فإن الذراع الاستثمارية الجديدة سوف تواجه بعراقيل في بداية عملها مما يقلل من الجدوى الاقتصادية لهذه الفكرة. وأكد الخبراء أن الميزة الوحيدة في المشروع الجديد تتمثل في تخفيف ضغوط السياسة على الاقتصاد وترك الشركات تعمل وفق آلية الرشاد الاقتصادي الأمر الذي قد يؤدي بمرور الوقت إلى تخلص الدولة من أعباء الخسائر المتراكمة على هذه الشركات من السنوات الماضية بل والتخلص التدريجي من العمالة الزائدة عبر برامج المعاش المبكر الاختيارية. هيكلة الشركات وتقول الدكتورة أمنية حلمي المدير التنفيذي للمركز المصري للدراسات الاقتصادية، إن القانون الجديد لشركات القطاع العام يعالج ثغرات كشف عنها القانون القديم عند تطبيقه ومنها عدم قدرة شركة خاسرة على الاستفادة من أرباح شركة رابحة مما ترتب عليه استمرار الخلل التمويلي للشركات العامة. إلى جانب أن تأخر عمليات إعادة هيكلة الشركات المتعثرة أدى إلى مزيد من تعقد موقف هذه الشركات وبالتالي أصبحت تكلفة تصحيح مسارها كبيرة ومن ثم استمرت الخسائر واستمر الدعم الحكومي حتى أن الشركات التي تم بيعها عبر برنامج الخصخصة وعادت إلى سيطرة الدولة بأحكام قضائية مثل شركات عمر افندي والكتان المصرية وغيرها لا تزال في حاجة إلى دعم مالي حكومي كبير حتى تستطيع أن تستأنف نشاطها مما يعني أن القانون القديم لم يكن ملائماً طيلة الوقت للتعامل مع مشكلات الشركات العامة. وتضيف انه انطلاقا من هذه الحقيقة جاء التفكير في تعديل القانون أو إصدار قانون جديد يضع في اعتباره المتغيرات التي طرأت على الأوضاع الاقتصادية بالبلاد وتنظيم العلاقة بين الحكومة، وهذه الشركات بما يخفف من حدة الفساد الإداري في هذه الشركات ويقلل الهيمنة الحكومية على شؤونها والتدخل عبر تعيين بعض قيادات هذه الشركات من دون أن تمتلك هذه القيادات الكفاءة الإدارية أو المهنية اللازمة، وهو ما ترتب عليه المزيد من الخسائر خاصة خلال السنوات الأخيرة. وقالت، إن فكرة امتلاك الدولة ذراعا استثمارية جيدة، لكن يجب أن يتم بناء الفكرة على أسس سليمة، وان يجري توظيف الموارد الطبيعية للبلاد في إطار هذه الذراع الجديدة بدلاً من السماح باستمرار إهدار الموارد لصالح بعض الشركات الخاصة مثلما يحدث في المواد المحجرية التي تقوم عليها صناعات الإسمنت والسيراميك وكذلك الأسمدة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©