الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

المركز الوطني للوثائق والبحوث ينجز 700 ملف حول الرواة الشعبيين

المركز الوطني للوثائق والبحوث ينجز 700 ملف حول الرواة الشعبيين
10 أغسطس 2013 23:57
يقدم مشروع التاريخ الشفاهي الذي أطلقه المركز الوطني للوثائق والبحوث في 2008 م، بتوجيهات ورعاية من سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير شؤون الرئاسة، رئيس مجلس إدارة المركز الوطني للوثائق والبحوث، وتشرف عليه الباحثة والكاتبة الدكتورة عائشة بالخير مديرة إدارة البحوث والخدمات المعرفية، نموذجاً واضحاً لمشروع ثقافي مؤسس، ونوعي، يحفر بعمق في تلافيف المجتمع المحلي، ويسبر أغواره. فالمشروع يتحلى بمنهجية علمية مدروسة، وينطلق من وعي أكاديمي وتدريب علمي تحصّل عليه الفريق العامل في الميدان وفق أحدث السبل والمناهج العلمية الحديثة في جمع التراث الشعبي، وكيفية الحصول على المعلومات، والحفاظ على سريّتها، وطمأنة أصحابها إلا أنها لا تتاح إلا لأغراض علمية، وكل ذلك بغية تحقيق استراتيجية بعيدة المدى تنزل الذاكرة في المنزلة التي تستحقها، باعتبارها واحداً من ملامح الهوية. ويحقق المشروع الذي أطلقه المركز في العام 2008 مع مشروعات توثيقية أخرى يوماً بعد يوم حضوراً واضحاً على صعيد التواصل مع المجتمع ومؤسساته التربوية والتعليمية من جهة، وعلى صعيد الرواة أنفسهم من جهة ثانية، حيث وصل عدد المقابلات التي أنجزت قرابة 700 مقابلة تضم كل شيء عن حياة الراوية وشخصيته والأحداث التي عاصرها، وفق ما قالت الدكتورة عائشة بالخير لـ «الاتحاد»، ناهيك عن الجهود التي يبذلها المركز على صعيد تدريب طالبات جامعة زايد ضمن برنامج يستهدف تأهيل باحثين جدد في مجال جمع التراث الشعبي، والأنشطة الأخرى مع المؤسسات الثقافية والاجتماعية والجمعيات والفعاليات الثقافية في مختلف إمارات الدولة. محاور وأوضحت الدكتورة عائشة بالخير أن مشروع التاريخ الشفاهي «يعنى بذاكرة الوطن، ويتتبعها في مصادرها الأساسية وهم الرواة، من كبار السن، لكنه في الوقت نفسه يهتم بالشباب بشكل خاص، في محاولة لحثهم واستثارة شغفهم لجمع التراث والعناية به» وأضافت «يقوم المشروع على ثلاثة محاور هي: توثيق شخصيات الرواة، ذاكرتهم، مروياتهم، تعاقبهم من جيل إلى جيل، وما يختزنونه من موروث شعبي مهم، فهؤلاء هم شهود الوطن، ومن خلالهم نحصل على مادة دسمة جداً ترفدنا بكل معطيات الماضي. ونحن ننظر إليهم باعتبارهم كنوزا بشرية وهم البوتقة الوحيدة التي احتوت ذاكرة الوطن، واحتفظت بتفاصيل لا ترصدها الوثائق. وتنقسم مقابلة الراوي إلى ثلاثة مراحل: أولها منذ الولادة وحتى العاشرة من العمر (مرحلة الطفولة)، والثانية من الحادية عشرة وحتى العشرين من العمر (الدراسة والفرجان والأغاني ومظاهر التواصل الاجتماعي المختلفة مع العائلة والأصدقاء والأقارب)، والثالثة من العشرين إلى ما فوق (الحياة العملية والخبرات الحياتية في المجالات المختلفة). ويتضمن الملف النموذجي للراوي تسجيلاً صوتياً، وتسجيل فيديو، وبطاقة شخصية وصوراً وكل ما يمكن الحصول عليه من أوراق أو وثائق بيع وشراء ومقتنيات شخصية تفيد في الربط بينه وبين رواة آخرين، وتعين الباحث على الربط بين المعلومات المتناثرة هنا وهناك، والمقارنة بين أقوال أشخاص مختلفين حول حدث بعينه.. وتتيح قاعدة البيانات هذه للباحثين إمكانيات بحثية كبيرة، بسبب دقة التصنيف المتبعة، والحرص على وضع هوامش في الأسفل لكل ما يحتاج إلى هوامش، بالإضافة إلى وجود النص بالمحكية الإماراتية والعربية الفصحى مع الحرص على التعريف بالمسميات والأدوات والأماكن والأحداث المهمة التي ترد في حديث الراوي. ولا يقتصر برنامج التاريخ الشفاهي على المواطنين، بل يعنى بكل شخص كان له دور في بناء دولة الإمارات سواء على المستوى السياسي أو الاجتماعي. أما المحور الثاني فهو الوثائق، وهي عبارة عن وثائق ومعاهدات وأوراق رسمية أبرمت في الماضي بين إمارات الساحل المتصالح والدول الأخرى، ونرصد من خلالها تاريخ المرتحلين، والأسفار وملامح الحياة السياسية والاقتصادية وغير ذلك مما يمكن للباحث أن يستشفه حول الحياة الاجتماعية ومجرياتها ومظاهرها. ويختص المحور الثالث بحياة وشخصية الشيخ زايد «رحمه الله» وقيام الاتحاد، وكل ما رافق ذلك من أحداث يرويها الشهود الذين عاصروا تلك الفترة. والحقيقة أن أرشفة كل ما يتعلق بالشيخ زايد وتأسيس الاتحاد يصب في سعي القيادة لترتيب هذه المنظومة، وتوثيقها. نحن بصدد دراسة فلسفة الشيخ زايد في شتى المجالات، في تخطيط المدن، وفي توطين البدو، وفي تعليم المرأة، وفي بناء الدولة، وغير ذلك مما يعكس حكمته، ونظرته الثاقبة. لقد كان الشيخ زايد شخصية فذة، حكيمة، تتحلى ببعد كاريزمي يحظى باحترام الجميع.. كان إنساناً يحاكي الآدمية وليس الإنسانية فقط.. وبنى دولة عصرية تأخذ بشروط التقدم العلمي من دون أن تهمل الماضي أو تغفل البعد الإنساني. صعوبات وحول الصعوبات التي تواجه الباحثين أحياناً في الحصول على المعلومات أكدت بالخير أن تعاون المجتمع المحلي والرواة الآن بات أفضل من السابق، لكنه ما يزال دون المستوى المأمول، فهناك بعض الناس الذين يتحرجون من ذكر معلوماتهم الشخصية أحياناً، وهناك من لا يدرك أهمية الوثائق الشخصية التي يتركها كبار السن بعد وفاتهم، فتوضع في صندوق وتحفظ كيفما اتفق وربما يتم التخلص منها في نهاية الأمر، ومعها تدفن ذاكرة شخصية مهمة. من هنا تأتي جهود المركز الوطني للتوعية بأهمية التراث بين الشباب في الجامعات والكليات والمدارس، والتواصل مع المجتمع المحلي، وشرح أهداف المشروع لهم، ووحرصه على تقديم الخدمات العلمية والتدريب المنهجي على كيفية الجمع، والمحافظة على الممتلكات الشخصية في ظروف تخزين مناسبة، بحيث لا تتضرر من الرطوبة أو الغبار وتبقى بصورة جيدة. وبصدد ما تقوم به إدارة البحوث والخدمات المعرفية في المركز الوطني للوثائق والبحوث لجهة تقديم محاضرات تدريبية لطالبات جامعة زايد، قالت بالخير إن هذا العمل يأتي ضمن سلسلة المحاضرات والورش التدريبية التي تنظمها في مؤسسات التعليم العالي في سياق المشروع. وشارك في ورش العمل والدورات أكثر من 150 طالبا وطالبة من جامعة زايد بأبوظبي. ويسلط فريق المركز خلال المحاضرات، الضوء على منهجية البحث العلمي وأساليب جمع المواد التراثية، وطرق إجراء مقابلات التاريخ الشفاهي مع المعمرين من مواطنين ومقيمين شاركوا في نهضة دولة الإمارات وقيام اتحادها. وتستهـدف هذه المحاضرات والورش التدريبية تعزيز الخطة الاستراتيجية للمركز، التي تسعى إلى تعزيز الهوية الوطنية وتوثيـق ذاكـرة الوطن لتضاف إلى مقتنيات المركز من الوثائق والمخطوطات، والصور والتسجيلات التي تعنى بتاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة. وفي الإطار نفسه، أي على صعيد تشجيع الشباب على الاهتمام بالتراث وجمعه وتوثيقه، جاء تأسيس مشروع جائزة «المؤرخ الشاب» عام 2009؛ الذي نتوقع أن يسهم على نحو ما في تعزيز جهود البحث في التراث، وتاريخ الإمارات بكافة عصوره، وحماية تراثها بجمع الوثائق التاريخية، ودراسة الأنساب والقبائل، والروايات الشفهية، والأشعار، والأغاني، والأمثال، والذكريات، والمراسلات، والصور والمقتنيات القديمة، والمهن والحرف اليدوية، والمواقع التاريخية والأثرية، والحياة البحرية، والطب الشعبي، والبناء، وغيرها من المصادر التاريخية، وجعل ذلك في متناول الأجيال الصاعدة. كما حدث مع مشروع سابق هو برنامج مسابقة الرحلات المدرسية الذي استمر نحو عشر سنوات، وأثمر أعمالاً قام بها طلبة المدارس، ونشرها المركز الوطني للوثائق والبحوث: زايد والتعليم، زايد والمرأة، زايد والتنمية، والجزر الإماراتية الثلاث. ورداً على سؤال حول أهمية توحيد الجهود المبذولة في هذا المجال لتكون تحت مظلة كبرى أكدت بالخير أن هذا أمر في غاية الأهمية، وأن من الضروي والمفيد أن يكون هناك تعاون وطيد بين جميع العاملين في مجال جمع التراث وتوثيقه وحفظه، مشددة على أن المركز الوطني لا يريد أن يصادر دور أحد وأن كل الجهود سوف تنسب لأصحابها، وقالت: نأمل أن يكون لدينا في المركز الوطني صورة عن عمل المؤسسات والجهات والأفراد تحفظ لهم، وبأسمائهم، على سبيل التوثيق. وطالبت بأن تتضافر الجهود بين الجميع لجمع أعمال ثقافية جادة لها أثر كبير في تنمية الوعي بما تناقلته الأجيال، انطلاقاً من مقولة الشيخ زايد «رحمه الله» أن الأمة التي ليس لها ماض لا حاضر لها ولا مستقبل، وأن حكمة الأجيال السابقة تعزز الواقع الحالي و تزرع بذور لابتكارات وإبداعات المستقبل.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©