الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«طالبان» أسوأ عدو لنفسها

4 أغسطس 2012
ثمة علامات تدل على أن حركة "طالبان" قد تحولت لتصبح أسوأ عدو لنفسها في أفغانستان. فهناك في الوقت الراهن تقارير عديدة تفيد بأن القرويين في العديد من بقاع أفغانستان، يقومون بانتفاضات محلية يعبرون من خلالها عن رفضهم للتصرفات المتزايدة في قسوتها على الدوام من جانب الحركة. وتلك الانتفاضات حدثت حتى في ذلك الوقت الذي حاولت فيه "طالبان" النأي بنفسها عن قضية إعدام امرأة متهمة بالزنا في إقليم "باروان" في أواخر يونيو الماضي. وكان إعدام تلك المرأة قد أثار مجدداً في أذهان الكثيرين الذكريات المريرة عن أسوأ ممارسات الحركة غلواً عندما حكمت أفغانستان خلال الفترة بين عامي 1996 و2001. وفي السنوات الأخيرة بدت "طالبان" وكأنها تتبنى سياسات معتدلة نسبياً تجاه السكان في المناطق التي كانت تتواجد بها، وذلك في محاولة منها لكسب قلوب هؤلاء السكان وعقولهم. لكن الكثيرين الآن يقولون إن "طالبان" قد عادت لطبيعتها القاسية، وأنها تتسبب في إثارة استياء السكان من خلال إجراء محاكمات خارج النظام القضائي، وإجبار المدارس على إغلاق أبوابها، وإعاقة مشروعات إعادة الإعمار، والتصرف بوحشية، ومضايقة السكان في معيشتهم. وقد وصف "نواب مانجال"، عضو البرلمان عن إقليم "باكتيا" الواقع في جنوب شرق أفغانستان، كيف تعرضت "طالبان" للهجوم في منطقة "مرزاكة" في التاسع من يوليو، عندما ثار السكان على المتمردين التابعين لها وطردوهم من المنطقة. وقال "مانجال" إن السكان قد فاض بهم الكيل من تصرفات أفراد "طالبان"، مثل الاستيلاء على المواد الغذائية بالقوة منهم، وقيامهم بتدمير الجسور والطرق، وإغلاق مدارس البنات وكذلك مدارس البنين بحجج مختلفة ولأسباب واهية. وأضاف مانجال قائلا: "الحقيقة أن قسوة طالبان ووحشيتها في التعامل مع السكان باتت غير محتملة على الإطلاق، مما اضطر هؤلاء السكان إلى القيام بأعمال عفوية للدفاع عن حياتهم وشرفهم وعن مصالح الإقليم الذي يعيشون فيه". وأكد "مانجال" أن هناك انتفاضات مماثلة حدثت في مناطق أخرى غير "باتكيا"، منها على سبيل المثال مناطق "جاني كيل" و"داند- ئي باتان". كما قال "مانجال" إنه عندما قابل وجهاء من سبع مناطق في قيادة الإقليم مؤخراً قالوا له إن الدعم لـ"طالبان" في مناطقهم ينهار، وإن الناس هناك باتوا يعتقدون أن أفراد الحركة يعملون لمصلحة باكستان ويهدفون لتدمير أفغانستان. وفي إقليم "نوريستان"، واجه مقاتلو "طالبان" مقاومة، حيث يقول "أحمد الله مواهيدي"، البرلماني في الإقليم، إنه عندما حاول المتمردون إغلاق مدرسة في منطقة "ويجال" في يونيو، فإن العاملين في المدرسة، وكذلك المسؤولين المحليين، حاولوا في البداية مناقشتهم والاستفسار منهم عن سبب رغبتهم في إغلاق المدرسة، وعندما لم يجد هذا الأسلوب نفعاً، فإنهم اضطروا لمواجهتهم بعنف وطردهم من مبنى المدرسة شر طردة. وقال "مواهيدي": لقد اشتبكوا معهم في قتال رجل لرجل وضربوهم واضطروهم للفرار بعد أن فشلوا في إغلاق المدرسة". وفي منطقة "أندار" الواقعة في جنوبي "غزني"، حمل السكان السلاح ضد "طالبان" منذ شهرين وطرودهم من المنطقة بعد أن أغلقوا، أي رجالُ "طالبان"، المدارس والعيادات، وأوقفوا مشروعات إعادة الإعمار. وقال "تشامان شاه إيتيمادي"، وهو عضو برلماني أيضاً، إن هناك إشاعات عن أحداث مماثلة على وشك الوقوع في مناطق أخرى من "غزني". وقد اعترف المتحدث الرسمي باسم طالبان، "ذبيح الله مجاهد" بهذه الانتفاضات، لكنه أنكر أنها عفوية، وقال إن المتورطين في تلك الأحداث تابعون لتنظيمات شبه عسكرية، ويعملون بناءً على تعليمات الحكومة ومدعومين من "أجانب". واتهم "مجاهد" الصحافة بالمبالغة في تصوير الموقف، وزعم أن "طالبان" ما زالت تحظى بدعم السكان، وقال في هذا الخصوص: "لو لم نكن نتمتع بدعم شعبي لما استطعنا أن نقاتل بكفاءة ضد أعداد كبيرة من القوات الأجنبية على مدى عشر سنوات... لقد اعتمدنا على الله وعلى شعبنا دائماً وهو الذي ثار في وجه الاحتلال". من جهتها أنكرت الحكومة مساندة القرويين. وفي هذا الصدد قال "محمد صديق صديقي"، المتحدث باسم وزارة الداخلية، إنه في الوقت الذي تنظر فيه الوزارة إلى تمرد السكان على "طالبان" على أنه أمر يدعو للإعجاب، إلا أن الحقيقة هي أن الوزارة لم تقدم أي مساعدة، وأن "طالبان" تحاول جاهدة أن تقدم تبريرات زائفة وافتراءات حول تصرفات السكان التي كانت عفوية في حقيقتها، وبعد أن اضطروا إليها حين فاض بهم الكيل من قسوة طالبان المتزايدة". وقال "عبد الستار سادات"، المحلل السياسي، إن تلك التمردات تعكس الرأي السائد بأن أعضاء "طالبان" هم في حقيقة الأمر عملاء لباكستان. ولمزيد من التوضيح قال: "إن الناس باتوا يعتقدون الآن أن هؤلاء الذين ينفذون تلك الأعمال باسم طالبان والجهاد، ليسوا أفغانا في الحقيقة، وإنما أعداء للشعب الأفغاني، وأنهم يجب أن يثوروا عليهم بالتالي". وأضاف: "لقد تحمل السكان إحراق منازلهم على أيدي أفراد طالبان، لكن عندما قام هؤلاء بحرق المدارس، وتدمير الطرق والجسور والمؤسسات، لم يطق السكان صبراً فثاروا عليهم". مينا حبيب باحث بمعهد صحافة الحرب والسلام - بريطانيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©