الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سجل أوباما وأحداث فيرجسون

29 أغسطس 2014 23:38
بينيت بتلر وتالي ميندلبيرج واشنطن بعد أن انفجرت احتجاجات سكان مدينة فيرجسون بولاية ميسوري الأميركية وغالبيتهم من السود الفقراء بعد مقتل الشاب مايكل براون، صب بعض المنتقدين جام غضبهم على أوباما لتقاعسه عن التعاطف مع المتضررين من هذه الأحداث. وقد وصف مايكل أريك دايسون، على سبيل المثال، تصريحات الرئيس عن القضية باعتبارها «فشلاً ملحمياً مذهلاً». هذا في حين أشار المدافعون عن أوباما إلى التزامه في فترة الولاية الثانية بقضايا تمس حياة الفئات الفقيرة وخاصة مبادرته لمساعدة الشبان القصَّر. ولكن ما ينساه الجانبان هو سجل الرئيس في فترة ولايته الأولى. والمعيار الصحيح لقياس أولويات أوباما يكمن في مقترحاته ذات الدلالة فيما يتعلق بالميزانية. وقياساً على هذا المعيار، نجد أنه كان أكثر التزاماً تجاه مجتمعات محلية مثل فيرجسون من أي رئيس ديمقراطي آخر في فترة نصف القرن الماضية. وبحساب النسبة التي اقترح الرؤساء إنفاقها من الميزانية لمحاربة الفقر يمكننا أن نقارن بين درجات التزامهم. فمثلاً، لا يمكننا قياس دفاع أوباما عن قانون الرعاية الصحية كوسيلة لمساعدة الأميركيين الفقراء من أصول أفريقية ومقارنة هذا الدفاع بدفاع الرئيس الأسبق بيل كلينتون عن خطته للرعاية الصحية. ومنهجنا هذا يجنبنا مشكلة تفسير قوى التأثير الخارجة عن سيطرة الرئيس. وباستخدام هذا المنهج، وجدنا أن أوباما حاول تقديم دعم للفقراء بشكل أكبر بكثير مما فعل أسلافه. وتوضح أرقام مكتب الميزانية في الكونجرس المعدلة بحسب نسبة التضخم أن أوباما سعى إلى الإنفاق على برامج مكافحة الفقر أكثر من أي رئيس ديمقراطي في فترة ولايته الأولى. وقد خصص أوباما 17 في المئة من ميزانيته لهذا الهدف في مقابل 12 في المئة خصصها كلينتون و8 في المئة خصصها جيمي كارتر. وكل هؤلاء الرؤساء واجهوا تحديات اقتصادية وإن كانت بدرجات مختلفة. وكل واحد منهم كان يتعهد بتوفير حاجات الفقراء والشرائح الأقل دخلاً من السكان. ولكن أوباما أظهر وفاء بتعهداته بشكل ملموس للغاية. وقد لا يحقق كل رئيس جميع ما يتمناه ولكن النتائج تبدو في صالح أوباما. فقد توصل «كريستوفر ويمر» من جامعة كولومبيا، على سبيل المثال، إلى أن سياسات الضرائب والتحويل خفضت الفقر بنسبة 1 في المئة فقط في عام 1967 في ظل رئاسة ليندون جونسون ولكنها نجحت في تقليص الفقر بنسبة 13 في المئة تقريباً خلال عام 2012. ولكن هل أنفق أوباما كثيراً ببساطة لأن لديه عدداً أكبر من الأفواه الجائعة؟ حتى بعد الأخذ في الاعتبار العدد الأكبر من الفقراء الذين وقعوا في براثن «الكساد الكبير» مع بداية توليه المنصب فإن سجل أوباما يبدو أكثر نصوعاً من أسلافه. وبسعر الدولار في عام 2014، بلغ إنفاق أوباما المقترح في فترة الولاية الأولى لكل فقير 13731 دولاراً مقابل 8310 دولارات في عهد كلينتون و4431 دولاراً مع كارتر. كما تفوق أوباما طبعاً على جونسون الذي بلغت أولويات ميزانيته 111 دولاراً لكل فقير. والجدير بالذكر أن جونسون كان أول رئيس بعد الحرب العالمية الثانية يعالج قضايا الفقر متوسلاً بعدد كبير جداً من البرامج الجديدة، ولذا فلا عجب أن تكون مقترحاته في مستويات التمويل منخفضة في بداية الأمر. وقد تجلى النموذج نفسه في الإنفاق على كل أسرة فقيرة. فقد خصص أوباما 67132 دولاراً وكلينتون 39820 دولاراً وكارتر 20790 دولاراً وجونسون خصص 546 دولاراً لكل أسرة فقيرة بسعر الدولار في عام 2014. ومع هذا فأوباما ببساطة لا ينفق من سعة في كل المجالات. فإنفاقه على وزارة الزراعة على سبيل المثال أقل من إنفاق كلينتون وكارتر. والاختبار النهائي للأولويات يتمثل في مقدار ما يقترحه الرئيس للإنفاق مقارنة بمن سبقه مباشرة من الرؤساء. وفي هذا المضمار أيضاً، أبلى أوباما بلاء حسناً. ونسبة التباين في الإنفاق على مكافحة الفقر بالنسبة للفرد الفقير هي الأعلى عند كلينتون مقارنة بالرئيس الأسبق بوش الأب بفارق 27 في المئة، وهي الأدنى عند كارتر الذي أنفق في واقع الحال أقل قليلاً من جيرالد فورد. والزيادة التي حققها أوباما في هذا المضمار مقارنة بجورج بوش الابن بلغت 17 في المئة. وعندما يتعلق الأمر بالفقراء فإن منجز أوباما لا يمثل فشلاً فيما يبدو ناهيك عن أن يكون «فشلاً ملحمياً». فلماذا إذن يتعرض أوباما لانتقادات نارية بدعوى افتقاره للتعاطف مع الفقراء؟ وقد قدم في أول أربع خطب له من خطب «حالة الاتحاد» عدة مؤشرات ذات دلالة واضحة. وتلك الخطب تمثل عادة استعراضاً لنهج الرئيس وقد شاهدها في السنوات القليلة الماضية ما يصل إلى 52 مليون مشاهد. فما الذي أراد أوباما أن ينقله إلى هؤلاء الملايين؟ أولاً، لم يذكر أوباما كلمة الفقر إلا قليلاً. وكان يتعين على المستمعين أن ينقبوا في نص كلامه ليجدوا كلمات مثل «الفقراء» و«من هم بلا سكن». ومتوسط كلماته عن الفقر بلغ سبع كلمات مقارنة مع تسع كلمات لكارتر و23 لكلينتون. ثانياً، غرق القليل مما قاله عن الفقر في موجات الكلمات التي استهدفت الطبقة المتوسطة مثل «أصحاب الدخل المتوسط». ونسبة الكلمات المتعلقة بالطبقة المتوسطة إلى نسبة الكلمات المتعلقة بالفقر في خطبه تقترب من ثلاث إلى واحدة. وعندما ذكر احتياجات الفقراء حام حولها بحذر. ومعدل ذكره للفقر مباشرة مقارنة مع ذكره للفقر بشكل غير مباشر بلغ 1 إلى 3، مقارنة بمعدل 8 إلى 1 لدى كلينتون. بل إن المعدل لدى كارتر أعلى من أوباما ليبلغ 1 إلى 2. وقد يكون المنتقدون محقين في نقد أوباما بشدة على كلمته الفاترة عن العنصرية على الأقل كرئيس ولكن ليس من حقهم القول إنه لا يراعي مجتمعات الفقراء من الملونين. ذلك أن أوباما ينفق دون أن يقول. ويحب على الأقل أن يمدح لإنفاقه بقدر ما يُقدح على كلمته الفاترة عن العنصرية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©