الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

غزلان في غابة الذئاب ··· واقع أم مغامرة ؟

غزلان في غابة الذئاب ··· واقع أم مغامرة ؟
13 أكتوبر 2006 01:28
دمشق ـ عمّار أبو عابد: أثار عرض مسلسل (غزلان في غابة الذئاب) استياء أكثر من شريحة في المجتمع السوري، فقد كان لوحة سوداء مفعمة بالإحباط والخيبة دون أية نقطة بيضاء! وهو يتحدث عن أسرة تسكن حياً عشوائياً، ويحاول أفرادها الخروج من مستنقع الفقر بأية وسيلة ممكنة سواء بالتزوير أو تقديم التنازلات، لكنهم جميعاً لا يصلون إلى أية نتيجة إيجابية، بل يظلون يتخبطون بالفقر ومشكلاته وبعضهم يدخل السجن، لينال عقابه! فيما تتفاقم مشكلات البعض الآخر· وتعترف المخرجة الشابة رشا شربتجي بأن المسلسل يحمل شيئاً من الإشكالية وشيئاً من السوداوية، وهو يتحدث عن الشرائح الفقيرة ويتناول الصراع الأزلي بين السلطة والمال من خلال أسرة فقيرة، بطلها بائع يانصيب (أيمن رضا) يحاول فجأة اللعب مع الكبار بكل الوسائل، بما في ذلك التزوير، فينتهي به الأمر خلف قضبان السجن· ويتضمن العمل محاور عديدة، تتصل بكل فرد من أفراد هذه الأسرة وهمومه ومشاكله، عبر مفارقات ومواقف درامية تتصاعد من حلقة لأخرى· وتدافع المخرجة رشا عن عملها الذي اتهم بالتطرف في تضخيم المشكلات فتقول: إن نص العمل الذي كتبه فؤاد حميرة يعتمد على المصداقية في نقل واقع تلك الشريحة الفقيرة، وكيف تفكر في كسب المال، وماذا يكون مصير محاولات الفقير للخروج من مستنقع الفقر· وتعتبر رشا أن هذا العمل يشكل نقلة نوعية لعملها الفني، لأنها تعالج مسائل حياتية تهم شريحة واسعة من الفقراء، مما دفعها إلى أن تنتقل بالكاميرا إلى أماكن تصوير كثيرة، لأن لكل شخصية علاقاتها مع البيئة المحيطة، وتنفي رشا أن يكون العمل موجهاً ضد أحد، وتقول: نحن لا ننتقد أحداً بعينه، بل نضع شرائح من الحياة تحت المجهر لنرى بوضوح مشكلاتها وهمومها· المؤلف والفساد يدافع كاتب العمل فؤاد حميرة عن السوداوية في هذا العمل، فيقول: لقد اتهم العمل بالسوداوية لعدم وجود شخصيات إيجابية، لأن معظم الشخصيات فيه (سلبية) ومدانة، كما أن الشخصيات التي تحمل بعض الإيجابية سرعان ما تسير نحو نهايات (تراجيدية)! ويعترف حميرة أن العمل يتحدث عن الفساد في المجتمع، والفساد في بعض دوائر الدولة، واستغلال البعض لمناصبهم لتحقيق صفقات مشبوهة على حساب الفقراء، ويشير إلى أن النص الدرامي أشبه بجبل الجليد يطفو ثلثه فوق الماء بينما يختفي الثلثان الآخران، ومهمة الممثلين والمخرج أن يبرزوا حقيقة الجبل كاملة؟ المغامر يجسد الفنان أيمن رضا الشخصية المحورية في هذا العمل، وهي شخصية مركبة ومعقدة، فهو بائع متجول في حي فقير، يبيع بطاقات اليانصيب والعلكة والشوكولاتة، ليتمكن من إعالة أسرته، كونه الأخ الأكبر، ويضطر للانتقال من عمل لآخر، لكنه يفشل دائماً، فيهرب باتجاه المخدرات لينسى واقعه المرير، ثم يلجأ إلى التزوير فتكون نهايته دخول السجن· ويتحدث أيمن عن دوره فيقول: أعتبر هذا الدور من أجمل ما جسدته في الدراما،أما النجمة أمل عرفة تجسد دوراً مميزاً، إذ تؤدي شخصية الفتاة الفقيرة الأمية والعانس، التي تهرب من فقر الريف لتصطدم بفقر المدينة، وتمارس أعمالاً عديدة، لكنها ورغم فقرها تصطدم بسطوة المتنفذين الأكثر قسوة، ويتسبب ادعاؤها على ابن أحد المسؤولين بمعاقبتها وإيداعها في مشفى المجانين، حيث تمارس عليها الضغوط القاسية بما فيها الاغتصاب، وعندما يطلق سراحها من المشفى، يتنكر لها حتى أبناء جلدتها من الفقراء، ويرفضون وجودها بينهم· يشارك في هذا العمل حوالي خمسين فناناً وفنانة بينهم خالد تاجا وسناء دبسي وجهاد سعد وأمل عرفة ونادين خوري وأيمن رضا وسلمى المصري ومحمد حداقي وديمة بياعة وعبد الحكيم قطيفان وجيهان عبد العظيم وديمة قندلفت وندين تحسين بك ونضال سيجري وآخرون· تقوم الفنانة الكبيرة منى واصف بدور الأم القوية والمكافحة في الأسرة الفقيرة التي تشكل محور العمل، ولسوء الحظ تعرضت لحادث مؤلم، فقد اصطدمت بعتبة الباب وسقطت على (الباطون) مما تسبب بكسرين في منطقة الكتف، وأدى لاحقاً إلى تخفيف عدد المشاهد التي شاركت فيها· وتقوم الفنانة ديمة بياعة بدور طالبة تدعى غيداء تنتمي لعائلة فقيرة، وتسكن حياً فقيراً عشوائياً قرب دمشق، وتحاول هذه الفتاة أن تتمرد على واقعها، وأن تحقق طموحاتها بالتحرر من الفقر والخروج من البيئة التعسة التي تعيش فيها، ولكن مصيرها لا يكون أفضل من مصائر الآخرين· وتقول ديمة إن شخصية غيداء من الشخصيات الجديدة علي، وهي شخصية محورية، وتكون محطة لصراع بين حبيبها ووالده وصديق حبيبها، لذا نرى هذه الشخصية في حالة ضياع وصراع، أمام الظروف الصعبة التي تمر بها· كما تؤدي الفنانة ندين تحسين بك شخصية طالبة جامعية متزنة، تحاول أن تصل بجدارة واستحقاق إلى ما تصبو إليه في الحياة، لكن القدر يوقعها في علاقة حب مع شاب له علاقات مشبوهة، مما يضعها تالياً في دائرة الشبهة· كما يجسد الفنان جهاد سعد دور صاحب دار نشر وإنسان مثقف، لكن مشكلته أنه يعيش حياة اجتماعية غير متوازنة، تدفعه للتخبط وللوقوع في علاقة حب فاشلة· أما الفنانة سلمى المصري فهي تؤدي دور الفنانة التشكيلية (تمارا) التي ترتبط بعلاقة حب مع أحد المسؤولين رغم كونه متزوجاً، لكنها تتمكن من الزواج منه رغم كل المشكلات· ويلعب الفنان محمد حداقي دوراً غريباً، وغير مألوف في المجتمع السوري، إذ أنه يجسد شخصية (غسان)، وهو الابن الثاني في الأسرة الفقيرة، وهو خريج صحافة، يتنازل عن كل شيء مقابل حصوله على وظيفة في التلفزيون، وينجح في ذلك، لكنه يضطر لدفع ثمن باهظ، وهو تنازله عن حبيبته (منى)، ليعيش معاناة غريبة وعنيفة· كما ينجح الفنان الشاب قصي خولي بلعب دور (سامر) ابن المسؤول، الذي يستفيد من موقع والده، للتحكم بالآخرين، واستخدام سيارات الدولة في خدمته الخاصة· استياء الفقراء لا يزال هذا المسلسل مستمراً بالعرض على الشاشة السورية، لكن الغريب والمفاجئ أن سكان الأحياء الفقيرة الذي يتحدث عنهم المسلسل، هم أول من عبّروا عن الاستياء والاحتجاج، لأن هذا المسلسل شوّه صورتهم، ولم يعكس حقيقتهم كأسر كريمة وأصيلة، لا يعيبها الفقر، بل يشرفها العمل· ورأى نقاد أن هذا العمل يشبه (فانتازيا) اجتماعية تضخم المشكلات والظواهر السلبية، وتعكس حياة الفقراء بمنظار أسود، لا فسحة أو نافذة بيضاء فيه· وربما تكون هذه هي المغامرة التي أقدمت عليها المخرجة الشابة رشا شربتجي، وكاتب النص فؤاد حميرة، فهل هي مغامرة حقاً؟!
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©