الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ذكرى العشر الحزينة

ذكرى العشر الحزينة
13 أكتوبر 2006 01:28
إبراهيم النعيمي رمضان منذ تعرفنا عليه حين لا زلنا نتهجى الفاتحة ونقلد حركات الصلاة··حتى كبرنا وتوالت علينا رمضانات عديدة بحمد الله كان ولا يزال شهر الفرح والخير والمحبة·· شهر استثنائي في روحانياته وتجلياته وطقوسه الحياتية والتعبدية·· ولم يأتنا رمضان الكريم إلا بالفرح والحبور والسعادة·· إلا في حالة استثنائية واحدة ، في سنة كئيبة واحدة·· السنة التي غادرنا في رمضانها الشيخ الوقور والوالد الحبيب شيخنا زايد ''رحمه الله'' وغفر له مغفرة واسعة كان ذلك قبل عامين في مثل هذه الأيام أي سنة 1425 هجرية الموافقة لعام 2004 ميلادية في مستهل العشر الأواخر المباركات من ذلك الشهر وفي الثاني من نوفمبر·· انتقل زايد إلى جوار ربه وكأن الخيرين من الناس لا يرحلون إلا في خيار الشهور والأيام·· سبحان الله·· كان ذلك عزاءنا الذي خفف عنا الكثير من أسى الفراق وحرقة الدموع·· فلا شك ان من يختاره الله لجواره في مثل هذه الأيام المباركة هو إنسان حظيظ ومن أهل الجنة·· كيف لا·· والناس في تلك اللحظات من الفاجعة الكبرى·· يرفعون أكف الدعاء بعيون مغرورقة ابتهالاً أن يرحم الفقيد الغالي ويسكنه فسيح جناته ويجزيه عنا وعن أمتيه العربية والإسلامية خير الجزاء · يتضرعون في أجواء رمضانية معبقة بالنور والحزن في آن واحد ، في ليال مضيئة بالنفحات القرآنية حين كانت مكبرات الصوت في المساجد على مدار الساعة تبث آيات الذكر الحكيم ، لكنها ايضا كانت حالكة السواد ، حيث كان وقع الكارثة أكبرمن الاحتمال أو التصديق وأكبر من الوصف حتى انه لم يترك مجالاً لتفاؤل أو بارقة أمل في الغد لدى المكلوم المفجوع خصوصاً لمن أراد التعبير عما يجول في أعماقه شعراً· فلقد استهللت رثائيتي التي أرسلتها الى روح زايد الغالية في تلك الأيام والسواد يطغى على القلب والظلام يغمر آفاق الروح معبرا عما اكتنفها من حزن وأسى قائلا : كيف العزاء وأنت كنت عزاءنا في النائبات وفي المصاعب والمحن يا زايد الخيرات كنت ضياءنا أين الضـــــياء وحالك الظلماء جن يا زايد الأفضال كيف وجودنا كيف الحياة بلا وجودك والوطن أمســـى كئيبا والظــــلام يلفــــه بالرغم من أضوائــــها هذي المدن ثم تساءلت تساؤل من لا ينتظرجوابا : هل تبصر الأحداق في ظلمائها أم أنها تجري على اليبس السفن؟ يا بلسم الأحزان كنت شفاءنا كيف الشفاء الآن من هذا الحزن؟ أين الدواء وأنت كنــــت دواءنا؟ والصـــــــدر نهبا للمرارة والشجن ثم كانت الصورة التي تجسدت في آفاقي ومخيلتي·· صورة كئيبة حقا من أثر وقع الصدمة الشديدة : فارقتنـــــــا فتفرقـــــــت أحلامنــــــا وتركتنـــــــا كالظاعـــــنين بلا ظـــــعن أبكيتنــــا وبكت لفقــــــدك أمــــــة حتى الطيــــور الصادحات فقد بكن لا لا محال أن تطيب حياتنــــــا بعد افـــــــتقادك أو يطيب لنا وسن ما عاد عيد الفطر يأتي باسما بل مثقلا بالذكريات وبالشجن وكـــــذا فعيـــــــــد الاتحـــــاد كآبة فالعيد أنـــــــت وعيــــــدنا بك مقترن ·· لأنك يا زايد كنت نوراً وحضوراً وبشراً يملأ مكامن النفس ويسري مع نبضات القلب·· بل كنت القلب ذاته : أنت الذي للقلب كنــــــت رجــــــاءه والنفس كنت لها السكينة والسكن والعين تبصر من ضيائك موطنا يزهــــو وكل الناظـــــــــرين به افتتن والعقل يدرك من حديثك حكمـــــة من مــثلها من قبل ما سمعت أذن كنت الحكيم وكنت خير معلــــم علمتـــــنا من نور علــــــمك كل فن علمتنا أن الرجولـــــــــة معـــــــــــدن بالعلــــــم تصـــــقل بالمصاعب تمتحن علمتنــــــــا أن الأصالــــــة جـــــوهر لا يشـــــترى بالمال أو غالي الثمــــــن علمتنـــــا أن التســــــامح عــــــــــــزة تجلو عن النفس الضغائن والإحن وبفضل جهودك أقمت لنا دولة عصرية جميلة تحدث عنها الناس وأصبح لها صيت في كل محفل: أسستنا ورفعتـــــــــنا فوق الـــــــذرا وبنيت شــــــعبا بالعدالة مطـــمئن في دولـــــــة مرموقــــــــــــة ابدعتـــــهـا بالورد ترفل والطيور على الفنن يا صانع الأمجاد يا نهر العطا يا من بنيت لنا الحضارة والوطن هذي الإمارات التــــــي شـــــيدتها لولا جهودك ســـــــيدي لا لم تكن أنت الـــــــذي طوبتهــــــــــا لبناتهـــــا وأقمت في أرجائها أعلى الحصن وغرست في صحرائها أشجارها بالاخضرار تميس والوجه الحسن والماء قــد قطرتـــــــه مـــن بحرهــــــا عذبا زلالا كالهتـــــــون مــــــن المزن ولقد نشرت العدل في أرجائها وأجرت من يشــكو إليك من الزمن وبفضل عطائك وأياديك البيضاء التي تعطي بلا منة وكرمك الذي ليس يبلغه كرم ، فاضت مكارمك على وطنك وعلى أمتك وعلى المسلمين وغيرهم بلا استثناء فعرفت بزايد الخير ، وفي مثل هذه الايام نستذكر ذلك الفيض من العطاء : كم مســـــــتجير عند بابك قد أتــــى يشكو الزمان وفي ديارك قد أمن قد كنت للضعفـــــــــاء خـــــير مؤازر قد كنت للأيتـــــــام قلبا محتضــــــن قد كنت للمظلـــــوم خير مناصــــر بك يستجير الهاربــــون من المحن في كل أصقاع البسيطة قد سرت منـــــك القوافـــــل بالهبـــــــات وبالمؤن سارت مكارمك السخية في الورى سير الغمام الهاطلات على المدن وبعد ·· فذلك قليل من خيراتك وأفضالك التي امتدت أياديك الكريمة بها لتنشر الخير في البلدان والأصقاع·· لذلك·· فإن ذكراك لن تغيب يا زايد ولن يخفت ضوء حضورك وسماحة وجهك الطيب مهما طال الزمن·· وسيظل عزاؤنا الأكبر·· بوجود أبنائك قادة الوطن الذين يسيرون على نهجك من بعدك ، ودعاؤنا لهم في هذا الشهر المبارك بالتوفيق والسداد والصحة والعافية: لا لن تغيـــب فظــــــل مجــــدك وارف ستظل رمزاً خالداً طـــــــــول الزمن لا لم تغب فشــــموخ مجدك حاضر في كل ناحيـــــــــــة بســــــــر أو علــــــن ســـــــتظل ذكراك العزيـــــــزة دائمــــاً حبا شفيفا في الحشاشة مختزن سيظل اســــــمك عزنـــا ··وعزاؤنـــا بخليفـــــــــة ذاك الأمـــــــــــين المؤتمـــــن ســـــيظل مجدك عزنــــا ··وعــــزاؤنا بمحمد الخيرات والعقل الفطن ولآل نهيــــــــــــان الكـــــــرام وفاؤنــــــــا وولاؤنا لبنيك ·· ما دام الزمن رحمك الله ··زايد الخير واسكنك فسيح جناته مع الصديقين والشهداء والصالحين·· آمين
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©