الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الاستثمارات التركية في مصر تواجه تعقيدات الموقف السياسي

الاستثمارات التركية في مصر تواجه تعقيدات الموقف السياسي
10 أغسطس 2013 21:26
محمود عبدالعظيم (القاهرة)- تتوقع دوائر الأعمال المصرية تراجع النفوذ الاستثماري التركي في السوق المصرية خلال الفترة المقبلة، على خلفية الموقف التركي من تطورات الأحداث في مصر. وتستند هذه التوقعات إلى تنامي رفض المستثمرين المصريين حصول المستثمرين الأتراك على عدد كبير من المزايا التفضيلية خلال فترة حكومة هشام قنديل في الشهور الأخيرة، وهي المزايا التي تمثلت في حق الشركات التركية في استجلاب عمالة أجنبية للعمل في المصانع التابعة لها، خاصة مصانع الغزل والنسيج، الأمر الذي ترتب عليه وصول أعداد هؤلاء العاملين إلى أكثر من 15 ألف عامل، في الوقت الذي تسجل فيه معدلات البطالة بالبلاد ارتفاعاً كبيراً بلغ 13%، وفقاً لأحدث المؤشرات المعلنة من جانب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. وشملت هذه المزايا أيضاً الحصول على مساحات واسعة من الأراضي لإقامة ثلاث مناطق صناعية خاصة، منها منطقة بنظام المطور الصناعي بمدينة السادس من أكتوبر، ومنطقة أخرى في شرق خليج السويس، وإمداد هذه المناطق بخدمات البنية التحتية وفي مقدمتها الغاز الطبيعي. وتستند هذه التوقعات إلى موقف الخط الملاحي التركي المعروف باسم خط «الرورو» والذي كانت تركيا تستخدمه في تصدير بضائعها إلى أسواق دول الخليج العربي، بعدما تعذر على الشركات التركية استخدام الأراضي السورية للعبور إلى أسواق الخليج بعد اندلاع الثورة السورية. ويتضمن هذا الخط وصول شاحنات البضائع التركية من ميناء ميرسين التركي، الى ميناءي الإسكندرية ودمياط، ثم تنقل الشاحنات براً، باستخدام الطرق المصرية مقابل رسوم عبور، إلى ميناء سفاجا على ساحل البحر الأحمر، ومنه إلى موانئ السعودية وبقية دول الخليج العربي. وتوقف هذا الخط بعد ثورة 30 يونيو مباشرة، نتيجة رفض قوات الشرطة المصرية تأمين شاحنات البضائع، وإعلان الهيئة العامة للطرق أن إجمالي الرسوم التي تم تحصيلها من خط «الرورو» على مدار عام كامل لم تتجاوز 5 ملايين دولار، لا تقابل التكلفة التأمينية وإهلاك الطرق، الأمر الذي يعود بالسلب على الجانب المصري، مقابل تحقيق مصالح الشركات التركية بوصول بضائعها إلي أسواق التصدير بأقل تكلفة ممكنة. ورغم وجود عدد كبير من الشركات التركية العاملة في السوق المصرية، والتي تبلغ استثماراتها الإجمالية نحو 1,5 مليار دولار، وحركة تبادل تجاري بين البلدين تدور حول 4 مليارات دولار سنوياً، وكان مخططا الوصول بحجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 6 مليارات دولار خلال عامين، فإن دوائر الأعمال المصرية تشير إلى أن العديد من الشركات التركية بدأت تعيد النظر في خطط التوسع في السوق المصرية. وتؤكد هذه الدوائر، أن الشركات التركية سوف تنسحب لاحتمال قيام الحكومة المصرية بسحب أو إلغاء المزايا التفضيلية التي حصلت عليها في وقت سابق، خصوصاً وأن بعض هذه المزايا ترتب عليها منافسة غير متكافئة مع بقية أنواع الاستثمارات الأجنبية، بل مثلت ضرراً لبعض الشركات المحلية التي تعاني جراء عمليات إغراق البضائع التركية للسوق المحلية. ولم تقتصر عمليات الإغراق على السلع سريعة الاستهلاك، بل امتدت إلى منتجات الصناعات التحويلية التي تستلزم استثمارات ضخمة، وفي مقدمتها مصانع الحديد المصرية التي عانت منافسة غير متكافئة مع الحديد التركي المستورد، مما دفعها إلى التقدم بشكوى رسمية إلى جهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكار، طالبت فيها بفرض رسم وارد على الحديد التركي،الأمر الذي استجابت له الحكومة بالفعل حيث تم فرض رسم الوارد بمعدل 200 جنيه لكل طن حديد مستورد ولمدة 6 أشهر. وشهدت السوق المصرية على مدار العامين الماضيين، موجة استثمارية تركية واسعة النطاق شملت العديد من القطاعات الصناعية والخدمية، بهدف اتخاذ السوق المصرية نقطة ارتكاز لوصول البضائع التركية إلى الأسواق الأفريقية، إلى جانب الاستفادة من سوق استهلاكي قوامها 90 مليون مستهلك، وعمالة مدربة منخفضة التكلفة وتيسيرات ضريبية وتوافر قطاع خدمات مالية متطور. وترتب على دخول شركات تركية جديدة إلى السوق المصرية في الشهور الأخيرة، تنامي حجم الاستثمارات التركية لتحتل مرتبة متقدمة على خريطة الاستثمارات الأجنبية لتمثل المركز الخامس في هذا المجال، بعد أن بلغت قيمتها اكثر من 1,5 مليار دولار وحاولت هذه الموجه الوصول إلى أعلى نقطة استثمارية في السوق المصرية، من خلال الاستحواذ على أحد البنوك العاملة في السوق المصرية، بهدف خدمة مصالح الشركات التركية في البلاد، ومساندة حركة التجارة المتنامية بين البلدين. وتصدى بنك «اتيشر» التركي لمحاولة تنفيذ هذا الهدف، وتقدم بعروض شراء أكثر من بنك، وقام بعمليات الفحص النافي للجهالة لكل من بنك «بيريوس» اليوناني، إلا أن إدارة البنك الأم قررت عدم بيع البنك، ودخل ذات البنك التركي في منافسة مع بنك قطر الوطني في صفقة الاستحواذ على البنك الأهلي سوستيه جنرال، إلا أن الصفقة كانت من نصيب الجانب القطري. واكتفى البنك التركي مرحلياً بوجود مكتب تمثيل تابع له، لدراسة أوضاع السوق وانتهاز فرصة عرض أي بنك آخر للبيع للتقدم لشرائه. وبعد الأزمة السورية، وجد الجانب التركي في الأراضي المصرية ممراً بديلا لتصدير بضائعه سواء للأسواق الأفريقية أو الخليجية، ومن ثم دخل مفاوضات سريعة مع الحكومة المصرية لإنشاء خط «الرورو»، وهي المفاوضات التي لقيت استجابة مصرية سريعة، رغم استخدام بعض السفن التركية في دخول آلاف السوريين بطرق غير شرعية إلى مصر. ويرى خبراء اقتصاديون أن النشاط التركي بدأ يواجه في الفترة الأخيرة مأزقاً صعباً، نظرا لحصوله على تسهيلات كبيرة من جانب الحكومة، وهي التسهيلات التي من الصعب استمرارها وبالتالي على الشركات التركية مواجهة الحقيقة، والعودة إلى الأوضاع الطبيعية، والاستعداد لمنافسة متكافئة مع بقية أطراف السوق والمتوقع أن يحدث نوع من الانكماش الاستثماري من جانب هذه الشركات في الفترة المقبلة. ويؤكد المهندس حسين صبور رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين، أن من الطبيعي أن تكون هناك منافسة متكافئة على نفس الأسس والقواعد، وتتاح نفس الفرص لكل الأطراف الاقتصادية، في إطار من الشفافية والعدالة الكاملة، وعلى أي شركة أجنبية ترغب في الاستثمار والعمل في السوق المصرية أن تعرف ذلك، بهدف تشجيع جميع الاستثمارات الأجنبية على قدم المساواة، مما يصب في صالح السوق والمستثمرين الأجانب أنفسهم. وأضاف أن الوجود الاستثماري التركي في مصر يعد وجوداً مهماً، نظرا للحجم الكبير لهذه الاستثمارات وتنوعها في العديد من القطاعات، خصوصاً قطاع الصناعات التحويلية، ومن ثم يصبح من المهم الحفاظ على قوة دفع هذه الاستثمارات، ومساعدتها على التوسع والنمو في المرحلة القادمة لأن السوق المصرية متفتحة على الجميع وراغبة في التعاون مع مختلف الأطراف الاستثمارية. ورأى د. فؤاد شاكر الخبير الاقتصادي والأمين العام السابق لاتحاد المصارف العربية، أن المزايا التفضيلية التي حصلت عليها الشركات التركية في مصر خلال الفترة الأخيرة لأسباب سياسية يجب أن تتوقف، مضيفاً أن العملية الاقتصادية يجب أن تخضع للشفافية والمحاسبة وتكافؤ الفرص. وقال إن الاستثمارات التركية سوف تستمر في السوق المصرية، لأن لديها مصالح في السوق وتحصد أرباحاً جيدة، ومعظم هذه الاستثمارات عبارة عن مصانع من الصعب تفكيكيها ونقلها، وبالتالي من المهم العودة إلى منافسة متكافئة، والبعد عن التأثير السياسي، وهو ما تستوعبه الشركات التركية العاملة في مصر في الفترة القادمة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©