السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الحليم» يصفح ويغفر مع القدرة ويقبل التوبة

«الحليم» يصفح ويغفر مع القدرة ويقبل التوبة
4 أغسطس 2012
أحمد محمد (القاهرة) - الحليم هو الذي يمهل ولا يهمل، ويستر الذنوب، يرزق العاصي كما يرزق المطيع، هو الذي يصفح مع القدرة. و”الحليم” من أسماء الله الحسنى والله حليم ومتصف بالحلم، وهي صفة كريمة تقوم على الحكمة والعلم والصبر، والحليم سبحانه صبور يتمهل ولا يتعجل، يمهل عباده الطائعين ليزدادوا من الطاعة والثواب، ويمهل العاصين لعلهم يرجعون إلى الطاعة والصواب، ولو أنه عجل لعباده الجزاء ما نجا أحد من العقاب، ولكن الله سبحانه هو الحليم ذو الصفح والأناة، استخلف الإنسان في أرضه واسترعاه واستبقاه في ملكه إلى يوم موعود وأجل محدود، فأجل بحلمه عقاب الكافرين وعجل بفضله ثواب المؤمنين. ورد الاسم في القرآن الكريم إحدى عشرة مرة، منها، قوله تعالى: (... واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه واعلموا أن الله غفور حليم)، وقوله سبحانه: (قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم). وقول الله عز وجل: (.. والله يعلم ما في قلوبكم وكان الله عليما حليما)، وقوله: (..إنه كان حليما غفورا). وحلم الله تعالى عظيم، عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ما أحد أصبر على أذى يسمعه من الله، يدعون له الولد ثم يعافيهم ويرزقهم”، وعن ابن عباس، كان النبي يدعو عند الكرب يقول “لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب السموات والأرض ورب العرش العظيم”. صفات يقول الإمام الغزالي، الحليم هو الذي يشاهد معصية العصاة ويرى مخالفة الأمر ثم لا يستفزه غضب، ولا يعتريه غيظ، ولا يحمله على المسارعة إلى الانتقام مع غاية الاقتدار عجلة وطيش، كما قال تعالى: (ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة). فهو الحليم بعباده، عظم حلمه فستر، وسبق حلمه غضبه فغفر، خيره ورزقه وفضله إلى العباد نازل وشرهم إليه صاعد، يطاع فيشكر ويعصى فيغفر، الذي له الحلم الكامل وسع أهل الكفر والفسوق والعصيان وأمهلهم ولم يعاجلهم بالعقوبة، ومن كمال عفوه أن المسرفين على أنفسهم إذا تابوا إليه غفر لهم كل جرم صغير وكبير، وأنه جعل الإسلام يجب ما قبله، والتوبة تجب ما قبلها. والحليم لا يكون إلا حكيماً، واضعاً للأمور مواضعها، عالماً قادراً، ويقول العلماء، الحلم أفضل من كظم الغيظ، لأن كظم الغيظ تكلف الحلم. وقال السعدي في تفسيره، الحليم الذي يدر على خلقه النعم الظاهرة والباطنة، مع معاصيهم وكثرة زلاتهم، فيحلم عن مقابلة العاصين بعصيانهم، ويستعتبهم كي يتوبوا، ويمهلهم كي ينيبوا. ومن حلمه سبحانه أن جعل للعباد أجلاً ينتهون إليه، ويحاسبون فيه، وهو يوم القيامة، والله “الحليم” هو الذي يرغب في العفو لا يسارع بالعقوبة، بل يتجاوز عن الزلات ويعفو عن السيئات ويؤخر العقوبة عن بعض المستحقين، وقد يتجاوز عنهم، وقد يعجل العقوبة لبعض منهم. وحلم الله سبحانه عن عباده من صفات كماله، فحلمه ليس لعجزه عنهم، وإنما هو صفح وعفو أو إمهال لهم مع القدرة، فإن الله لا يعجزه شيء. وحلمه عن علمه بما يعملون فهو العليم الحليم الذي يعلم خائنة العين وما تخفي الصدور. الحجة وقال الأصبهاني في “الحجة في بيان المحجة”، حليم عمن عصاه، لأنه لو أراد أخذه في وقته، فهو يحلم عنه ويؤخره إلى أجله، وهذا الاسم وإن كان مشتركاً يوصف به المخلوق، لكن حلم المخلوق حلم لم يكن في الصغر، ثم كان في الكبر، وقد يتغير بالمرض والغضب والأسباب الحادثة، ويفنى حلمه بفنائه، وحلم الله عز وجل لم يزل ولا يزول، والمخلوق يحلم عن شيء ولا يحلم عن غيره، ويحلم عمن لا يقدر عليه، والله تعالى حليم مع القدرة. قال الحليمي في معنى “الحليم”، إنه الذي لا يحبس إنعامه وأفضاله عن عباده لأجل ذنوبهم، وقال العلماء إن الله الحليم صفّاح عن الذنوب ستار للعيوب، هو الذي غفر بعدما ستر، يحفظ الود ويحسن العهد، وينجز الوعد، يسبل ستر عفوه على العصاة ويسحب ذيل عفوه على الفجار. وصفة الحلم تعني الأناة ومعالجة الأمور بصبر وعلم وحكمة، قال تعالى في وصف سيدنا إبراهيم (إن ابراهيم لأواه حليم)، وعن إسماعيل (فبشرناه بغلام حليم)، يعني لديه أناة وبصيرة وحكمة من صغره. وروى أن إبراهيم عليه السلام رأى رجلاً مشتغلاً بمعصية فقال، اللهم أهلكه، فهلك، ثم رأى ثانياً وثالثاً فدعا فهلكوا، فرأى رابعاً فهم بالدعاء عليه فأوحى الله إليه، قف يا إبراهيم فلو أهلكنا كل عبد عصى ما بقي إلا القليل، ولكن إذا عصى أمهلناه، فإن تاب قبلناه، وإن أصر أخرنا العقاب عنه، لعلمنا أنه لا يخرج عن ملكنا. والحلم من الخصال العظيمة التي يريد الله من عباده أن يتخلقوا بها، وهي خصلة يحبها الله ورسوله كما قال - صلى الله عليه وسلم - لأشج عبد القيس: “إن فيك خصلتين يحبهما الله الحلم والأناة”. قال القرطبي، فمن الواجب على من عرف أن ربه حليم على من عصاه، أن يحلم هو على من خالف أمره، فذاك به أولى حتى يكون حليماً فينال من هذا الوصف بمقدار ما يكسر ثورة غضبه ويرفع الانتقام عمن أساء إليه، بل يتعود الصفح حتى يعود الحلم له سجية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©