السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كوريا الشمالية: تصفيات وانقسامات

9 أغسطس 2015 22:35
في 11 يوليو الماضي أعلنت كوريا الشمالية أثناء لقاء مع وفد عسكري من لاوس أنها عينت وزيراً جديداً للدفاع هو الجنرال باك يونج سيك. وهذا التعيين أكد مباشرة مزاعم استخبارات كوريا الجنوبية من أن الشمال أعدم سلف الجنرال يونج سيك. وإذا صح هذا، فسيكون الأحدث في سلسلة طويلة من عمليات الإعدام. وبحسب وزارة الخارجية لكوريا الجنوبية، فقد أعدم الزعيم الشمالي «كيم يونج أون» 70 من كبار المسؤولين منذ توليه السلطة في نهاية عام 2011. ووالده «كيم يونج إيل» لم يعدم إلا عشرة مسؤولين فحسب في أربعة أعوام من حكمه. وحتى بمعايير كوريا الشمالية الاستبدادية، فقمع «كيم يونج أون» للصفوة غير عادي ومثير للانتباه، لأنه يحدث في وقت ليس فيه عملية خلافة للقيادة، وهي الفترة التي عادة ما تجري خلالها عمليات إعدام في الأنظمة الشمولية. وهذا يعني تفاقم الاضطراب في الدولة المنعزلة التي تكافح لاحتواء كارثة اقتصادية ناتجة عن أسوأ جفاف خلال قرن قد يتسبب في عجز أكبر في المواد الغذائية. لكن رغم هذه التحديات الخطيرة لا يتوقع انهيار النظام الحاكم هناك في المستقبل القريب. لكن هناك أمران يشيران إلى أن النظام يتزايد ضعفاً. وأول هذه الأمرين هو تغير طريقة الشمال في قمع المستائين من الصفوة. فبدلا من استخدام طريقة الرعاية والإحتواء، كما كان يحدث في الماضي، تزايد استخدام عمليات التصفية. والثاني هو الفتور المفاجئ في العلاقات مع الصين. وفيما يتعلق بعمليات التصفية، فهي تكشف عن عدم قدرة كوريا الشمالية على شراء ولاء الصفوة. ففي السنوات القليلة الماضية اشترى نظام الشمال ولاء الصفوة بالبضائع الفاخرة والمساكن المترفة في بيونجيانج. وأفراد الصفوة السياسية والعسكرية في كوريا الشمالية يتباهون بالسيارات الفارهة والمنتجات التكنولوجية المتقدمة والمجواهرات الراقية. وهي مزايا منعت أي انشقاقات كبيرة تهدد القبضة القوية لأسرة كيم على السلطة. وهناك سببان لذلك؛ أولهما أن الفوائد الاقتصادية للمحسوبية أصبحت توزع على طائفة أكبر مع مرور الوقت بعد أن كانت مقتصرة على الدائرة الداخلية شديدة الولاء. وأعتقد أن الصفوة العسكرية والسياسية تطالب بمزيد من المزايا لتكون أكثر تميزاً عن الوافدين الجدد. وإذا صح هذا، فإن الظروف الاقتصادية القاسية التي تمر بها كوريا الشمالية قد تعني أن النظام لا يستطيع تلبية مطالب هؤلاء المسؤولين. وربما تكون التصفية هي الطريقة الوحيدة التي يستطيع بها كيم يونج أون أن يجهض عمليات المقاومة المنسقة داخل الدائرة الداخلية للنظام. والسبب الثاني أن كوريا الشمالية تعاني من شقاق أيديولوجي في ظل قيادة كيم يونج أون الذي اعترف علناً بهذه الانقسامات داخل الحكومة عندما وصف إعدام زوج عمته بأنه إزالة «قذارة طائفية». أما عن الصين، وهي الراعي الدولي الرئيسي لكوريا الشمالية ومزودها الأول بالطعام والأسلحة والطاقة منذ نهاية الحرب الباردة، فقد تزايدت العلاقات توتراً في ظل حكم كيم يونج أون. فبعد أن أطلق كيم يونج أون صاروخاً عام 2012 أيدت الصين تشديد الأمم المتحدة لعقوباتها ضد كوريا الشمالية في أول بادرة على فتور العلاقات. وعندما صعدت كوريا الشمالية تطوير تكنولوجيتها النووية أوقفت الصين صادراتها من النفط لكوريا الشمالية عام 2014 وطالبت علنا بإزالة الأسلحة النووية من شبه جزيرة كوريا. وفتور الدعم الصيني يمكن أن يفسر التعاون الاستراتيجي المتصاعد بين كوريا الشمالية وروسيا. وتشير تصرفات الصين على الأرجح إلى إدراك ضمني بأن نظام كوريا الشمالية هش وإذا تفاقمت الأمور قد تجد الصين صعوبة أكبر في التصدي للمسعى الأميركي الحالي للحصول على مزيد من النفوذ في منطقة الهادئ وآسيا. والخلاصة أن النظام الحاكم في الشمال أصبح أضعف وأكثر هشاشة. والمشكلات الاقتصادية وتصاعد عمليات الإعدام والتحول المفاجئ في العلاقات مع الصين، لا يمكن النظر إليها كأمور اعتيادية. بل أمور غير مألوفة وتوحي بمشكلات خطيرة كامنة وقد تكون لها دلالات أمنية عميقة في شبه جزيرة كوريا ومنطقة الهادئ عامة. صمويل راماني* *باحث في «سان انطوني كوليدج» بجامعة أوكسفورد ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©