خيام بدوية في حدائق عصرية

الخيمة الإماراتية، أو بالأصح الخيمة العربية البدوية، أو ما يطلق عليها باللهجة المحلية “بيت الشَعر”، بالفتحة على الشين، حيث يقصد به شعر الإبل أي المطية، لكن بوضع الكسرة على الشين، نكون قد اقتربنا من استخدام الشعر والشعراء للخيمة، حيث تغنى بها الكثيرون ممن اتخذوا منها منبرا رئيسيا لإلقاء ما تجود به ألسنتهم من قصائد في الغزل أو المدح، الهجاء أو الرثاء، يقول فيها الشاعر زياد مشهور مبسلط: فخيمتكم وجلستكم أعادتني بأشواقي إلى الماضي وأجدادي، وتاريخي وأمجادي تذكّرني بماضينا.. أغانينا... بوادينا وفرسان ٍ وشجعان ٍ وخيـــل ٍ في بوادينا وبيت ِالشّعر ِوالدّلـه ْ وعبق ِالهيـل ِيروينا لذيذ البـن ِّنشربه ُ فناجيناً فناجينا أصالة وتراث كانت الخيمة العربية البدوية من أهم وسائل النقل والترحال التي ابتكرها البدو في القديم بطريقة بسيطة وتقليدية، حيث كان العرب الرحالة يجوبون بقاع الأرض باحثين عن الزرع والماء، وأينما وجدوه نصبوا خيامهم واستقروا بالمكان قد يتجاوز المئات من السنين أو القرون، إن لم يطرأ طارئ طبيعي كالفيضان أو الجفاف أو بشري كالمعارك والغزوات، فكان وجود الخيام دليلا على وجود منابع المياه، فيأتي الرعاة بأغنامهم وإبلهم ويستقرون رفقة زوجاتهم وأولادهم، متخذين من تلك الخيمات بيوتاً تقيهم حر الصيف وبرد الشتاء، ولعل أهم ما يميز بيت الشعر هو قدرته العالية في التكيف مع المناخ والجو الخارجي، حيث يكون بارداً ويعمل عمل المكيف في قيظ الصيف، فيما تتماسك خيوط الشعر متلاصقة فيما بينها لمنع تسرب ونفوذ الماء في حال هطول الأمطار، فرغم بساطة المكونات إلا أنهم حققوا بذلك عبقرية في الابتكار! مكونات بيت الشعر كما تتميز بيوت الشعر بخفتها في عملية التنقل وسهولة صيانتها، حيث بإمكان المرأة البدوية إصلاحها دون الحاجة للمساعدة من أشخاص آخرين، أما عن أقسام بيت الشعر ومكوناته فيمكن تلخيصها فيما يلي: غطاء الخيمة الذي يصنع من السدو حيث تترك به فتحات صغيرة للتهوية بفصل الصيف، أما عن هطول الأمطار فتتضخم خيوط الشعر وتضيق حلقاتها، وبذلك لا تتسرب المياه إلى الداخل، كما أن هذه الفتحات تسمح بعبور الدخان الناجم عن النار التي يوقدها أهل الخيمة قصد الدفء أو الطبخ. أما عن مكونات بيت الشعر الأساسية فتتمثل أساسا في الصوف وشعر الحيوانات، وتستعين المرأة البدوية بالأدوات التالية: المطرق: هي عصا مستخلصة من غصون الأشجار كالسدرة، والتي تستخدم لتنظيف الشعر وتنقيته. الكرداش: قطعتان خشبيتان لكل واحدة منهما مقبض لليد وفي سطح كل واحدة منهما عدد من الأسنان ويوضع فيهما الشعر لتنظيفه من الشوائب. التغزالة: قطعة خشبية تستخدمها المرأة البدوية لتسهيل عملية الغزل. المغزل: يستخدم لبرم الشعر وغزله. الدجة: هي كرة خيوط الشعر المغزولة والمبرومة بواسطة المغزل. السدو: إذا أرادت المرأة البدوية أن تعمل نوعا من أسدية، فيجب أن يكون لديها عدد كاف من الدجج وإذا كان لها العدد الكافي من الدجج تستطيع أن تبدأ عملية إنتاج السدو. وتستخدم المرأة البدوية لحياكة وخياطة الخيمة المخيط والخلال، أما الأطناب فهي تلك الحبال المصنوعة من صوف الضأن أو الماعز أو الإبل وتستخدم لشد بيت الشعر وتثبيته، وتثبت هذه الأطناب عن طريق المنساب أو الفهر الذي يقصد به الأوتاد، أما المحالة فتصنع من الحديد أو الخشب ووظيفتها تسهيل عملية سحب الطنب الذي يحتاج إلى المزيد من القوة عند تثبيته بواسطة المنساب في الأرض، فيما تصنع الأعمدة من خشب الاثل أو الطلح وطولها يكون بحدود المترين ترفع بيت الشعر. أصالة وعصرنة أصبح الكثير من مواطني دول الخليج، خصوصاً مواطني دولة الإمارات العربية المتحدة يولون اهتماما بالغا للخيمة عند تصميمهم لمنازلهم، حيث صارت البيوت الواسعة والفلل تخصص مساحات لا بأس بها من أركان الحديقة، لتنصب بها الخيمة التي يكون شكلها تراثيا من الخارج، وعصرياً من الداخل، حيث أصبحت مكيفة وتحتوي شاشات تلفزيون كبيرة، ومطارح أو ما يعرف بالجلسات العربية في ديكور يمزج بين الأصالة والحداثة، فيحلو فيها السمر وتقدم فيها القهوة العربية وشاي “كرك”، اضافة الى سلات الفواكه المتنوعة، واقامة الولائم التي تقدم خلالها الذبائح والمشروبات من كل شكل ونوع. ديكور تقليدي من دلال نحاسية وجرار طينية تزين محيط الخيمة بخضرة نباتاته وأزهاره الباهية.