الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«القانون الناعم» يحمي أصحاب الأعمال المنهوبة

«القانون الناعم» يحمي أصحاب الأعمال المنهوبة
18 نوفمبر 2018 01:58

أحمد السعداوي (أبوظبي)

شهد «فن أبوظبي 2018»، أمس الأول جلسة حوارية بعنوان «تداول الأعمال الفنية المزورة في الأسواق الناشئة»، برزت أهميتها مع ارتفاع قيمة الأعمال الفنية المتداولة في المنطقة في السنوات الأخيرة وبلوغها عشرات الملايين من الدولارات سنوياً. تحدثت في الجلسة المحامية أزمينا جاساني، والقيّم الفني صالح بركات، وأدارت الجلسة ندى شبوط، الأستاذة في تاريخ الفن ومنظمة سلسلة برنامج الحوارات، التي قدمت المتحدثين.

توافر المعلومات
تحدثت جاساني، عن وجهة النظر القانونية فيما يتعلق بحركة النقل غير القانونية للأعمال الفنية، مشيرة إلى انعدام الكفاءات الموجودة في سوق الفن، ما يؤدي إلى جرائم فنية، وهناك نوعان من السرقة الفنية الأولى هي السرقة بالقوة والثانية من خلال الخداع والغش. وفيما يتعلق بنهب الملكيات الثقافية هناك سياسات يمكن تطبيقها في الشرق الأوسط لإعادة بعض الأعمال إلى مكانها الأصلي.
وأورت أنه كي تكون كفوءاً في التعاطي مع الأعمال الفنية ومعرفة قيمتها الحقيقية، لابد من توافر المعلومات بتكلفة معقولة وهو ما لا يتوافر في سوق الفن، وهنا لابد من الانتباه إلى أهمية معرفة متطلبات بيع وشراء العمل الفني، وما يتعلق بذلك من طرح الأسئلة والتأكد من صحة المعلومات. وأعربت عن دهشتها من شراء البعض لمقتنيات فنية غالية القيمة دونما اللجوء إلى هذه المبادئ، علماً بأن تدفق المعلومات في أيدي أشخاص بعينهم من جانب وفرادة هذه الأعمال من جانب آخر، يعزز قيمة هذه المعلومات لمقتني الفنون لكي يعرفوا ويتأكدوا عن صحة وقيمة هذا العمل أو ذاك.
وأكدت جاساني وجود سلبيات تسهل وقوع البعض فريسة لعمليات التزوير تلك، ومنها السرية الموجودة في عالم الأعمال الفنية، فحين نسأل عن أعمال فنية معينة نجد صعوبة شديدة في الحصول على تفاصيل المعلومات ما يستلزم إنفاق الوقت والمال والصبر للتأكد من مصداقية العمل. وهذه المكونات التي لا تتوافر في كثير من الأحيان تؤدي لانعدام الكفاءة. فضلاً عن أن الخبراء الذين يفحصون هذه الأعمال يتعرضون للانتقاد من التجار وقضايا ودعاوى قانونية تشعرهم بالتهديد في عملهم.

صالح بركات خلال الجلسة

فضيحة «نودلر»
ولفتت جاساني إلى أن السرقة عن طريق الغش ليست وليدة هذا العصر وإنما تعود إلى مئات السنين وتحديداً إلى عصر النهضة، فالتجار دوماً سيجدون وسيلة لغش القطع الفنية. وأحدث مثال لذلك ما حدث مؤخراً في قاعة «نودلر» في نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ورغم أن القاعة لها تاريخها الذي يعود لأكثر من 100 عام، إلا أنها أغلقت بعد اكتشاف بيعها 40 عملاً فنياً تبين أنه مغشوش. وهو ما كان يمكن تجنّبه إذا تم فحص هذه الأعمال والتأكد من صدقيتها، وعقب هذه الواقعة قاموا بتخصيص خبراء لفحص أعمالهم، وبالفعل وجدوا الكثير منها مزوراً ما صنع فضيحة في نيويورك. وهنا على جامعي المقتنيات الذين ينفقون ملايين الدولارات لجمعها الانتباه لوجود إجراءات معتمدة للتأكد من الأعمال الفنية.
وأشارت إلى أن مشكلة نقص المعلومات الأساسية ليست في الغرب فقط، وإنما في الشرق الأوسط أيضاً وغيره من مناطق العالم. وما يجب فعله للتغلب على هذا التحدي، يجب على كل طرف أن يقوم بدوره بشكل صحيح، سواء كان فناناً أو جامع تحف، أو معرضاً، فالفنان عليه أن يهتم بأرشفة وتوثيق أعماله بشكل احترافي. وجامع المقتنيات عليه اللجوء لمتخصصين للتأكد من صدقية القطعة الفنية. وكذلك المعرض عليه التأكد تماماً مما يطرحه على الجمهور في قاعاته وصالته وأنها أعمال حقيقية مائة في المائة.
وحول السرقة بالقوة، أكدت جاساني، أن تجارة الأعمال المنهوبة مزدهرة في الشرق الأوسط وهناك اتفاقيات عالمية لمواجهة ذلك ومنها اتفاقية اليونسكو للمحافظة على الملكيات الثقافية لكل دولة وضرورة التعاون في إطار ذلك. وأشارت إلى ما يعرف بـ«القانون الناعم» في الولايات المتحدة الأميركية، ويعتبر مثالياً في الوصول لحل عادل لضحايا الفن المنهوب، والحل يكون ملزماً للطرفين، وهو ما يقوم به المعنيون يومياً لحل هذه المشكلات خارج إطار القانون، ما يعطي القانون الناعم أهمية كبرى كوسيلة فعالة في مجابهة السرقات بالقوة.

أزمينا جاساني خلال الجلسة (تصوير خالد الدرعي)

تجربة شخصية
من ناحيته تطرق صالح بركات إلى تجربته في عالم المعارض الفنية التي بدأت في العام 1990، واصفاً عالم الفن والمقتنيات آنذاك بأنه كان محصوراً في مجموعة قليلة من الشغوفين بهذا المجال وأنهم يعرفون بعضهم البعض وكانت أغلى قطعة لا تتجاوز 5 آلاف دولار، ما يمنع أي دوافع للسرقة أو الغش.
وشرح أنه تدريجياً وبمعرفته لفنانين كبار مثل محمد القاسمي، فاتح المدرس، إسماعيل فتاح، صار على دراية أكبر بالفنون ولديه عين متدربة، إلى أن بدأ العمل في الفنانة سلوى شقير عام 1999، وهي ذات شأن في العالم المنحوتات وذهب إلى الولايات المتحدة الأميركية لمقابلة خبراء في المنحوتات الذين تعجبوا من عدم وجود أرشيف لأعمالها، وبالفعل بدأ في حينها تجربة أول أرشيف لأعمالها بغرض الحفاظ عليها وحمايتها من التقليد. مشيراً إلى صعوبة جمع أعمال بعض الفنانين والتأكد من صدقيتها، ما يتوجب منهم القيام بأرشفتها والعمل على توثيقها لحمايتها، مشيداً بتجربة بعض الفنان في هذا الإطار ومنهم سامي حلبي.

التطور التكنولوجي
وأشار بركات، إلى أن التطور التكنولوجي يمكن الإفادة منه في عمليات الأرشفة والتوثيق بشكل كبير، خاصة وأنه في السنوات العشر الأخيرة ارتفعت أسعار الأعمال الفنية في العالم العربي بشكل كبير، ما قد يصيب البعض بالهلع من التعرض لعمليات غش أو خداع. ولكن من واقع تجربته لازالت الأمور في لبنان تحت السيطرة ونحو 90% من الأعمال الفنية في لبنان مراقبة.
وشرح القيّم الفني، أن نجاح الفنان سيؤدي إلى ظهور من يحاول تقليده والإفادة من اسمه وشهرته، ولكن مع كثير من الوعي والعناية والإدراك نستطيع تطوير سلوك جيد، يعلمنا ماذا يجب أن نفعل في دور المزادات وعلى الدار أن تمر عبر الدولة في كافة أعمالها وإذ لم توافق الدولة يسحب هذا العمل أو تلك اللوحة.
أعقب ذلك نقاش مفتوح مع بعض الحضور وخبراء الفن الموجودين في القاعة، خلصوا من خلاله إلى بعض الأساليب المتبعة لمواجهة التزوير والسرقات الفنية، مشددين على أهمية الاستعانة بالتكنولوجيا كوسيلة ناجعة في حماية وتوثيق الأعمال الفنية عبر إنشاء منصات إلكترونية لمختلف الفنانين تضم مختلف التفاصيل والبيانات المرتبطة بكل عمل فني وتفيد أن كلا من جامع المقتنيات والمعرض وحتى الجمهور العادي المتابع للحركة الفنية ويدركون قيمة تلك المقتنيات.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©