الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

سمات الفكر العربي

سمات الفكر العربي
16 فبراير 2008 01:23
الأمة التي لا تحظى برؤية مفكريها تشغل فراغاً في عمقها، بل تصاب بالخدر، فلا تقوى على تشكيل حاضـرها، ولا تعنون كثيراً لمستقبلها· وهذا ما تعانيه الأمة العربية من لا منهجية ولا ثبات على الفكر كعامل من عوامل النهضة!! فيغيِّب من ذاكرتها فكرها الرائد، حتى تبدو ملكومة بمفكريها حين لا ترقى بالشيء اليسير من أصول الفكر العربي التي أثرت في الأمم، وأضاء بجذوة العِلم بقاع الأرض! فلا هناك وعاء فكرياً بالأوساط العربية يشرعون من خلاله خلاصة فكرهم للسياسيين والاقتصاديين· وهل من فكر يغذي الحياة الثقافية، ويحرِّك الماء الراكد· وإذا ما سألت الإنسان العربي عن النَّهضة الفكرية فإنه يظل يبحث ويقلِّب عن شيء يذكر فلا يجد! فمجمل النظريات الفكرية العربية غائبة أو لا تجد من يحتضنها، بينما هناك التزام بالفكر الغربي يتداول كما هي السِّلعة الغربية، مثلما هي الثقافة الغربية أصبحت تموج في الحياة الاجتماعية والثقافية العربية، وتفرز سيطرة تامَّة على حاضر الأمة، وتضع مستقبلها في أزمة حقيقية· بفقدِ الفكر العربي المؤثِّر، يشعر المرء بأن الأمة تفقد هويتها وخصائصها حيث تُلاحظ المأساة التي تصيب وتشلُّ الحراك الاجتماعي والاقتصادي والحياتي للأمة وكأنها ـ أي الأمة ـ بلا سمات في تشكُّلها، بينما نموها هجين وموسوم بالفكر القادم من مختلف بقاع الأرض، فالأمة التي كانت تصدر عبر تاريخها الفكر والقيم، باتت اليوم تستقبل ما دون الفكر، وما دون القيم!· وما يحلق بالأفق شيء من السمات الفكرية الغريبة في رسم الحياة العربية أو هكذا تبدو إذا ما أحسن المرء منّا قراءة واقعها الفكري المرير، حيث يرى المتفحِّص بأن ليس الفكر وحده مغيَّباً، وليس المفكِّر نفسه مُحاصراً، وإنما الأمة بأسرها تتخالط فيها الرؤى، وهذه ليس محض ادعاءات، إنما حقيقة واقعة· الأمة العربية أذن، بحاجة إلى فكر فاعل ومؤثر وقادر على بلورة أيديولوجية عربية!! فالبضاعة الفكرية المستوردة أحياناً مغلوطة أو مغشوشة· وأحياناً لا يمكن لها أن تتغلغل بثقافتنا ولا بفكرنا، وأصبحت تشوِّه تراثنا؛ فالمسخ الفكري الذي تعيشه الأمة العربية بلور حالة السخط الاجتماعي على المفكِّرين العرب كونهم لم يقدموا خلاصة فكر حقيقية! فمن سماتهم الفشل، كما أن السخط ذاته يمتد ليشمل بعض عُلماء الدين الذين يسطرون فتاوى غريبة يبتغون من شأنها أن تتواكب مع العصر، بينما هي في طبيعتها تشكِّل تراجعاً وانحساراً يدلِّل على تراجع الأمة فكرياً وثقافياً· حين يختل الأساس الفكري يتلاشى من نطاق الحياة الكثير، وهذا ما يجعل النسق الفاتر يطفو على حساب الفكر والمفكِّرين!! فإذا ما أردنا أن نقدِّم الفكر العربي على أصول حديثة قابلة أن نقطف ثماره، ولو بعد حين، فعلينا أن نهيئ لذلك السُّبل الكفيلة والبيئة المُثلى، ولا نكتفي بالهيئات الفكرية الغير مجدية! فمنها تشريع منظومة فكرية تشرع التوصيات وتصل بها إلى حيز التفاعل والتجدد الفكري الناضج، فالمساحة شاسعة للفكر ولها أفقها والندوات الجامعية خير مثال من تشريع الفكر العربي للأمة والثبات على حصيلة مؤثرة !! amarat_h@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©