الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الشعبوية «المضادة» في المكسيك!

5 فبراير 2017 21:58
ما إن يُوضع الحجر الأخير في قمة الجدار الذي يعتزم الرئيس دونالد ترامب بناءه على الحدود الأميركية- المكسيكية، فمن المرجح أن شخصاً شديد العداء للولايات المتحدة سيتقلد السلطة في الدولة المطلة على حدودها الجنوبية. وبفضل ترامب، سيكون هذا الشخص على الأرجح هو «أندريه مانويل لوبيز أوبرادور». وهذا السياسي المعروف محلياً باسم «أملو» هو المرشح المتصدر في استطلاعات الرأي الأولية لتولي رئاسة المكسيك في سباق 2018. وذلك في حد ذاته قد لا يعني الكثير، فاستطلاعات الرأي لا يمكن الاعتماد عليها، خصوصاً أن المعركة الانتخابية لا تزال طويلة، و«لوبيز أوبرادور» خسر في الانتخابات مرتين قبل ذلك في دولة لا تزال بمعزل عن الموجة الشعبوية في أميركا اللاتينية، وحافظت على ارتباط اقتصادها بالولايات المتحدة الأميركية. بيد أنه حظ سعيد لمن يروجون لهذه العبارة بين المكسيكيين في الوقت الراهن. فالزخم في صفوف مؤيدي «أملو» ملموس. وفي خضم نوبة الغضب الوطني المتعصب، يتعاطف الناخبون بشكل كبير مع صرخات قادم متطرف من الخارج يَعد بإنهاء علاقة «الخنوع» للولايات المتحدة، وإعادة بناء الاقتصاد الوطني. وبعبارة أخرى، مهّد «ترامب»، بوعوده البراقة لإعادة صياغة اتفاقية «نافتا» التجارية وإصراره على أن تدفع المكسيك فاتورة بناء الجدار، مناخاً مثالياً لمعادة ترامب عند حدود بلاده الجنوبية. وغردت «إيان بريمير»، رئيسة مجموعة «أوراسيا» للأبحاث الأسبوع الماضي، على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي قائلة: «إن المستفيد الأول من حالة الجدل الأميركي المكسيكي في الوقت الراهن هو (أندريه مانويل لوبيز أوبرادور)»، مضيفة: «نأمل أن يتطلع ترامب إلى التعاون معه!». وحتى إذا لم يصل الأمر إلى هذا الحد، فإن العلاقات تزداد توتراً، بينما تنجذب الأحزاب الرئيسية في المكسيك في اتجاه «أملو». وقد ألغى الرئيس المكسيكي «إنريك بينا نيتو»، الذي لا يستطيع الترشح لإعادة انتخابه، زيارة كانت مرتقبة إلى الولايات المتحدة خلال الأسبوع الجاري. وبدأ التشديد على أهمية تعزيز الاقتصاد المحلي، وزيادة الأجور، وإن كان إبقاؤها منخفضة في الوقت الراهن، لجعل المكسيك جاذبة للشركات الأميركية، كانت سياسة حكومية فعالة على مدار عقود. وانخفضت العملة المكسيكية «البيسو» زهاء 10 في المئة منذ فوز ترامب بالانتخابات. وجعلت كل تصريحات الرئيس الأميركي منذ توليه السلطة بشأن المكسيك المستثمرين في حالة قلق، بينما زاد غضب المكسيكيين. وخلال الأسبوع الماضي، على سبيل المثال، أشارت التقارير إلى أنه اقترح أن ترسل الولايات المتحدة قوات للتعامل مع «الأشرار هناك»، وهو تعليق تم التقليل من شأنه لاحقاً، باعتبار «مزاحاً». وتبدو المشاعر الشعبية في المكسيك جياشة بدرجة لا تترك خياراً أمام السياسيين سوى الانحياز إليها. وتدعو حملات عبر شبكات التواصل الاجتماعي المكسيكيين إلى قضاء عطلاتهم في الداخل، وتطالب حكومات محلية ونشطاء بمقاطعة المنتجات الأميركية. ونشر كثير من المكسيكيين صورة العلم الوطني على صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي. بيد أن مثل هذه الدعوات لم يعد من المقنع أن تأتي من قادة بنوا حياتهم المهنية على العلاقات الوثيقة مع الولايات المتحدة. وتراجعت معدلات تأييد «بينا نيتو» إلى 12 في المئة فقط. وقال «خوسيه هيرنانديز سوليز»، البائع البالغ من العمر 56 عاماً لدى مشاركته في حشد مؤيد لـ«أملو» بمدينة مكسيكو يوم الاثنين الماضي: «بالتأكيد لم يكن مقنعاً». وفي حشد لأنصاره، فعل «لوبيز أوبرادور»، البالغ من العمر 63 عاماً، ما يفعله عادةً، بتوجيه اللوم إلى «الليبرالية الجديدة» على تفشي انعدام المساواة والعنف، وتعهد بحماية المزارعين المحليين من منافسة الشمال. وقال: «إن كل شيء يعتمد على تقوية المكسيك، لذا يمكننا مواجهة العدوان الخارجي بهذه القوة». وكادت تمنحه هذه التصريحات الرنانة الفوز بالرئاسة في 2006. وخسر «لوبيز أوبرادور» تلك الانتخابات بأقل من نقطة مئوية واحدة. وأغلق أنصاره مدينة «مكسيكو» لأسابيع بعد إعلان النتيجة، وزعموا تزوير النتيجة. وأزعج إغلاقُ المدينة كثيراً من المكسيكيين، وربما أسهم ذلك في هزيمة «أملو» أمام «بينا نيتو» في 2012، بهامش أكبر. غير أن فوز «أملو» بالرئاسة قد يصبح خطوة على طريق المجهول بالنسبة إلى المكسيك، ذلك أن حزب القادم الجديد «مورينا» عمره عامان فقط، وعلى النقيض تمتد جذور حزب «بينا نيتو» إلى زمن الثورة المكسيكية قبل أكثر من قرن مضى، وظل في السلطة منذ ذلك الحين، باستثناء 12 عاماً فقط. يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©