السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رزيقة الطارش: اعتزازنا باللهجة المحلية يتحدى «هجين» الألفاظ الدخيلة

رزيقة الطارش: اعتزازنا باللهجة المحلية يتحدى «هجين» الألفاظ الدخيلة
3 أغسطس 2012
الحوار مع الممثلة رزيقة الطارش يتزين بالنكهة العريقة، فهي من حاملي راية الدفاع عن اللهجة الشعبية التي تعتز بها، عبر قولها وهي تتحدث عن ذكرياتها خلال شهر رمضان، «لهجتنا المحلية هي هويتنا الوطنية»، وترى في الاعتزاز بها تحدياً لـ«هجين» الألفاظ الدخيلة، لذلك تصر على استخدام المفردات المحلية في أعمالها الفنية. واستعرضت رزيقة الطارش حلاوة الأيام في الماضي، وكيف كانت قوة العلاقات الاجتماعية بين الناس، وما أصابها من وهن في الحاضر، بحجة ظروف الحياة أو ضغوط العمل. (أبوظبي) - تتذكر رزيقة الطارش أول عهدها بالصيام عندما كانت في التاسعة من عمرها، وتقول إنها لم تلتزم به بشكل جدي ومتواصل إلا عندما بلغت سن الـ 11، وتستعيد أياما خلت عندما كانت طفلة صغيرة تشرب الماء وتأكل بضع حبات من التمر في نهارات رمضان بعيداً عن أعين الأهل، لكن كثيراً ما كانت أمها تكتشف فعلتها وتنصحها بمحاولة التصدي للجوع في اليوم التالي، وكيف أنها بالرغم من ذلك لم تكن تفوت موعداً للسحور إلا وتكون أول من يستيقظ في البيت على وقع «أبو طبيلة». روحانية الشهر وتذكر رزيقة الطارش «أبو طبيلة»، وهو المسحراتي القديم الذي كان يمر في دروب الفريج، ممسكاً بدابته بواسطة الحبل، وكان شكله من بعيد يثير الرهبة في نفوس الصغار، عندما كان يسير على مهل منادياً بأعلى صوته «أصح يا نايم وحد الدايم، يا صايم قم لَيفوتك السحور وتندم باشر». وتشير رزيقة إلى أنه في تلك الأيام لم تكن هناك مكبرات للصوت في المساجد، ولم تكن التقنيات المستحدثة موجودة، وكان جيران الفريج يعتمدون على أبو طبيلة، ليس للسحور وحسب، وإنما كذلك لمقاربة موعد صلاة الفجر، حيث تضاء الأنوار الخافتة بين البيوت وتعم الأجواء الروحانية أرجاء المكان كله. وتستطرد: رمضان شهر عظيم وأعظم ما فيه ليلة القدر التي أكرمنا الله بها، فأنا أشعر خلال الشهر الفضيل بمعاناة الفقراء الذين لا يجدون قوت يومهم، وأتحسس معنى الجوع الذي لا يدركه حقا إلا من يجربه”، وتعتبر الممثلة الإماراتية أن أعمال الخير التي تكثر في رمضان من زكاة وتصدق وإحسان إلى المحتاجين، تقرب الناس من بعضهم بعضاً وتزرع الرحمة في القلوب، وهي تحرص خلال الشهر الفضيل على زيارة الأقارب والأصدقاء ممن تمنعها عنهم مشاغل الحياة ولم تتمكن من رؤيتهم منذ فترة، وشهر رمضان بالنسبة لها هو فرصة لصلة الأرحام، ترجو أن يكون عبرة لأشهر السنة كلها، إذ إنها تتحسر فيه على أيام زمان عندما كانت العائلات تتزوار بشكل يومي، في حين أن نمط الحياة السريع بات يبعد بين الأقارب وحتى بين الأم وأبنائها ما لم يكونوا يعيشون في بيت واحد، ولا يعجبها كيف أن ظروف العمل باتت تمنع الناس من القيام بالواجبات الاجتماعية، إذ إن كثيرين يكتفون اليوم بالتحادث عبر الهواتف وبالمعايدة عبر الرسائل الإكترونية. اللقيمات وتتحدث رزيقة الممثلين رزيقة الطارش عن يومها في شهر رمضان، والذي يبدأ باكراً، فهي تفضل أن تخرج لقضاء بعض الاحتياجات وتعود إلى البيت قبل أذان الظهر، وتقول إنها عادة لا تعمل في التمثيل خلال الصيام لأن المنتجين عموماً ينهون التصوير قبل بدء شهر رمضان، غير أنها تضطر في حالات استثنائية إلى إتمام الحلقات الأخيرة من مسلسل ما خلال الأيام الأولى من رمضان، وهذا لا يتعارض أبداً مع التزامها بواجباتها الدينية التي تستمتع بأدائها أثناء الصيام. وتذكر رزيقة الطارش أنها تعشق المطبخ وتستمتع بقضاء جزء كبير من اليوم في تحضير الطعام والتفنن في الأكلات الشعبية، وأكثر ما تحبه منها«المجبوس» على أنواعه، و«الثريد» مع «الصالونة» على طريقتها الخاصة، وكذلك طبق «الهريس» الذي مع أنها تحبه غير أنها لا تتقن تحضيره لما يتطلبه من وقت ومتابعة، وبرأيها فإن مذاقه لا يحلو إلا في شهر الصيام، لأنه دسم ويحمل الطابع التقليدي، ومثله اللقيمات التي لا تخلو منها مائدة رمضانية، وتعرف باللهجة المحلية باسم «الخنفروش» أو«لقمة القاضي»، وتحضر معها «الشيرة»، وهي عبارة عن كوبين من الماء مع السكر والزعفران والهيل وماء الورد، وتمزج كلها وتغلى على النار قبل أن تصب على حبات اللقيمات الشهية، وهذه هي الطريقة الأصلية لـ«الشيرة» التي يستعيض عنها البعض بالعسل، وتدخل رزيقة الطارش عند الثالثة عصراً إلى المطبخ لتباشر تحضير مائدة الإفطار، حيث تحرص على الطهي بنفسها ولا تطلب من الخادمة أن تساعدها إلا بتقطيع الخضراوات وحسب، إذ تعتبر أن متعة الأم تكمن في تجهيز الأطباق لأبنائها كل بحسب طلبه، وهي أم لولد وبنت وجدة لـ 4 أحفاد هم بالنسبة لها زينة البيت ومهجة قلبها. كان يا ما كان وتنصرف رزيقة الطارش بعد صلاة الظهر إلى مشاهدة بعض المسلسلات التلفزيونية، التي ليست راضية عنها بالشكل الكافي، وحول غيابها هذه السنة عن الدراما على الشاشات المحلية تقول: بعد هذا العمر وهذه الخبرة لا يمكنني أن أرضى بما لا يليق باسمي، ثم إن الأعمال التي عرضت علي لهذا الموسم جاءت متأخرة وكنت قد التزمت مع جهة أخرى. وتؤكد الممثلة القديرة أنها ليست من النوع الذي يرفض الأدوار القصيرة إذا كانت قيمة، إذ إنها تحرص على الكيف وليس على النوع، ولا تمانع حتى في أداء مشهد واحد في المسلسل إذا شعرت بأهميته، وعرض عليها بأسلوب راق ومقنع، غير أنه من غير المنطقي حسب قولها أن تقبل بأدوار قصيرة وغير مجدية لفنها، ولاسيما إذا قدمت إليها على عجالة وبشكل لا يتناسب مع مكانتها المهنية. وتطل رزيقة الطارش في شهر رمضان من خلال المسلسل الكوميدي السعودي «أي خدمة»، الذي تتقاسم فيه البطولة مع محمد العيسى وبشير غنيم والوجه الجديد آزار، وكذلك من خلال شاشة قتاة سما دبي عبر برنامج تلفزيوني للأطفال اسمه «كان يا ما كان»، وتقدم من خلاله قصة يومية على شكل إرشادات محببة للأطفال ومجموعة من النصائح التي عملت على المشاركة في إعدادها. وتتطرق من خلالها إلى الأمور الدينية وأهمية بر الوالدين والقيام بالواجبات المدرسية، وهي معجبة بعدد قليل من الأعمال الرمضانية بينها الجزء الثالث من «ريح الشمال»، و«خطوط حمراء» لأحمد السقا، و«شربات لوز» للفنانة يسرا، و«سيدنا السيد» لجمال سليمان. ألفاظ دخيلة وتورد الممثلة رزيقة الطارش المعروفة بحرصها على النطق باللكنة القديمة، أنها تفرض دائما شرطا أساسيا في كل عمل تؤديه، وهو أن تتكلم بالطريقة المحلية التي تفخر بها، وتقول إنها أينما سافرت للمشاركة في أي مسلسل خليجي، تتحاور مع المخرج على ضرورة إيجاد توليفة درامية تبيح لفظها باللهجة الإماراتية، فإذا كان العمل كويتيا يشار إلى أنها إماراتية متزوجة من كويتي وتعيش في الكويت وهكذا، وهي تعتبر أنه لإجادة التمثيل بشكل محترف لابد أن يكون التركيز على أداء الدور نفسه وليس على أداء لهجة لا يتقنها الممثل. وتشدد على ضرورة الحفاظ على اللهجة المحلية وحمايتها من الألفاظ الدخيلة، إذ إن الكثير من الأعمال المحلية تشارك فيها وجوه لا تنطق اللفظ المحلي الصحيح، وتذكر أنها لو قدمت النصح لأي من الوجوه الجديدة بتصحيح النطق، لما وجدت أي تجاوب إيجابي، وثمة حادثة تسترجعها، عندما حاولت توجيه إحدى الممثلات وتصحيح كلمة لفظتها بشكل خاطئ أثناء التصوير، وتقول رزيقة الطارش: نظرت إلي باستغراب، وجاءت إلى موقع الاستديو في اليوم التالي تحذر فريق العمل مني قائلة: احفظوا السيناريو جيدا لأن«أم العريف» موجودة بيننا، وهذا بالنسبة لها أمر مؤسف إذا ما قورن بأيام زمان، حيث كان جميع الممثلين والمخرجين والمنتجين والمصورين يعملون على قلب واحد، ويتبادلون النصائح بما فيه صالح العمل، ومن هؤلاء الكبار الممثل أحمد الأنصاري الذي كان دائما يسألها عما إذا كان ينطق الكلمات بشكل صحيح، وكذلك الممثل أحمد الجسمي الذي يردد لها أنه يأخد دائما بكلامها، ومثله المخرج عارف الطويل الذي يخبر الجميع بأنه راض بأي أمر تقوله رزيقة الطارش لأنها خبيرة باللهجة الإماراتية وحريصة عليها. مسيرة لا ينسى متتبعو فن رزيقة الطارش أن موهبتها برزت في عمر 12 عاما عندما لعبت دورا مهما في برنامج «المرأة» الذي كانت تقدمه المذيعة سامية مراد، حيث كانت تشارك في تمثيل القصص القصيرة، وفي مراحل لاحقة دورها في البرنامج التمثيلي «صواب أم صواب»، الذي نال نسبة مشاهدة عالية وكان يدور حول قصص زوج وزوجته يبحثان في مشاكلهما اليومية، ومن أشهر الأعمال التي قدمتها رزيقة الطارش للتلفزيون مسلسل «عندما تغني الزهور»، حيث كانت منذ البدايات متمسكة باللبس التقليدي والمصطلحات المحلية، ومسلسل «أشحفان» المعروف في الوسط الإماراتي والذي قدمت من خلاله شخصية ميثا المجنونة. إضاءة تأثرت رزيقة الطارش بالفن الكوميدي الذي قدمته السينما المصرية، ولاسيما بأعمال الممثلات الراحلات ماري منيب ووداد حمدي وزينات صدقي، وهي تعتبر أن الكوميديا من أكثر أنواع التمثيل التي تتطلب جهدا وطبيعية في آن، وهي تفضلها عن التراجيديا لأنها تنظر إلى إسعاد الناس ولو بضحكة عبر الشاشة الصغيرة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©