الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الخوف من الله أمان وآمال

11 أغسطس 2011 22:17
فرق كبير بين ما يمارسه بعض الناس من أساليب التخويف في حق أبنائهم بدعوى التربية والردع، وقد يصل الحال بهم إلى فقد بعض حواسهم أو طمس شخصيتهم، وبين ما ينتهجه القرآن الكريم من مسالك التخويف في سياق تأصيل القيم والفضائل، وتقويم المجتمع واجتثاث مظاهر الفساد منه. وقد يعترض البعض على أسلوب التخويف في القرآن الكريم ويرى فيه عاملاً يعطل اندفاع الإنسان ويشل حركة الأفراد والمجتمع، وينمي في الإنسان الخضوع والذل، وللأسف إن كثيراً ممن لهم معرفة بقواعد علم النفس والتحليل النفسي يبررون رفضهم للتخويف، وقد يكونون على حق إذا كان التخويف من صنع الإنسان عندما يغالي في التخويف بشتى الصور إلى حد الترهيب، دون وعي لما قد يتوقع للنتائج العكسية، أما حقيقة التخويف التي يعلنها القرآن الكريم أساسها الإيمان العميق بالله تعالى، فإذا حلت هذه الحقيقة العظمى في القلوب أخذت من قوة الله تعالى قوة على تحدي المصاعب وتذليلها. فالنفس التي آمنت وعرفت ربها، وآمنت أن قوة الحق أقوى من كل بأس، استلهمت من كل ذلك مشاعر القوة والثقة فيما عند الله من خير، فالخوف من الله هدى للنفوس الحيارى وأمان لها من الضياع، إن الذي يخاف الله ويخشاه لا تلتبس عليه السبل أصلاً، يضيء له خوفه مسلك الحق، وهو الطريق المستقيم الذي لا يضل متبعه ولا يشقى، قال تعالى: (هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ) “الأعراف، 154”. وخوف الله يدفع الغرور عن النفس ويزيد في يقظتها ويوالي صقلها وتجليتها، عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: يَا رَسُولَ اللَّهِ (الَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا أَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) أَهُوَ الرَّجُلُ يَزْنِي وَيَسْرِقُ وَيَشْرَبُ الْخَمْرَ قَالَ لَا يَا بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ أَوْ لَا يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ وَلَكِنَّهُ الرَّجُلُ يَصُومُ وَيُصَلِّي وَيَتَصَدَّقُ وَهُوَ يَخَافُ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُ (المستدرك: 2/395)، فخوف الله يجعل المؤمن من المتقين يتطلع إلى مقامات أعلى، يسمو بقصده وجهده، إلى مراقي الإخلاص لله تعالى. والخوف من الله رقيب باطني يجعل علاقة الناس فيما بينهم نقية واضحة لا خداع ولا غش، وهو ميزان الربح والخسارة في الدنيا والآخرة. والخوف من الله تعالى ليس كما يطن البعض قيدا يقيد الإنسان ويعطل التقدم، بل خشية الله قوة تدفع طاقات الفرد إلى الأمام، يقول تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) “فاطر، 28”، فالعالم الحق هو الذي ينظر في الكون ونظامه ودقة صنعه وإبداع تركيبه وفي سنن الاجتماع البشري وطرق نموه، وكلما ازداد الفرد علما زاد معرفة بخالقه، ورأس الحكمة مخافة الله تعالى، لذلك جعل الله للخائفين منه في الدنيا ميزة كرامة بين يديه يوم القيامة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©