الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الشريعة والمصلحة

9 أكتوبر 2006 22:26
المصلحة العامة احتلت مقاماً بارزاً في الشريعة الإسلامية ، ولابد أن نبحث عنها (فالشريعة عدل كلها ورحمة كلها ومصالح كلها وحكمة كلها) كما قال ابن القيِّم في الأعلام وخلص رحمه الله إلى أنه (أينما يكون العدل فثمة شرع الله) • نعم لقد نفى ساداتنا الشافعية فكرة أن المصلحة العامة مصدر من مصادر التشريع، ولكنهم في نفس الوقت طبقوها ولكن بأساليب مختلفة، فالإمام الغزالي وهو شافعي المذهب قال في المنخول والمستصفى (إن المصلحة هي المحافظة على مقصود الشرع الذي يحفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال) فوسع الدائرة رغم أنه كان يريد تضييقها• المصلحة العامة في الشريعة أساس للتعديل بل وحتى للإلغاء فهذا سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه غير حكم الثلاث طلقات دفعة واحدة، فبعد أن كانت تحسب في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه وصدراً من عهده بواحدة جعلها ثلاثة لاستهانة الرجال بها وحسبها بينونة كبرى وخالف ما يفهم من قوله تعالى (الطلاق مرتان )، وهذه مسألة والأخرى عقاب الزاني ثبت بالقرآن أن غير المحصن يجلد وأضافت السنة تغريبه عاماً ولكنه ألغى التغريب حينما نفى ربيعة بن أمية بن خلف وذلك لالتحاقه بالروم، وأمر ثالث منعه إعطاء المؤلفة قلوبهم من الصدقات، وقال (من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر وقد أعز الله الإسلام وأغنى عنهم وبيننا وبينهم السيف) ـ كما ذكره الشوكاني في نيل الأوطار والسيوطي في الدر المنثور ـ وحادثة رابعة منعه رضي الله عنه الزواج بالكتابيات خشية الإعراض عن المسلمات رغم إباحة ذلك في القرآن وقد ذكر ذلك الإمام النووي في المجموع وقصة خامسة له رضي الله عنه وهي رفع عقوبة قطع يد السارق الواردة في القرآن عندما عمت المجاعة في عام الرمادة ، وأخرى سادسة وهي نهيه عن بيع أم الولد وهي الأَمَة التي أنجبت من سيدها وقوله لقد خالطت دماؤنا دماءهن رغم إباحة ذلك كما ذكره ابن رشد في بداية المجتهد وابن القيم في الأعلام وحكاية سابعة وهي زيادته رضي الله عنه في حد شارب الخمر من أربعين جلدة إلى الضعف ـ ثمانين جلدة ـ تنكيلاً وزجراً، واعتبر سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه هذه الزيادة وعدمها سنة، وأجمع الصحابة رضوان الله عليهم على هذه الزيادة، وزاد سيدنا علي بأن قال لسيدنا عمر يا أمير المؤمنين من شرب الخمر فقد هذي ومن هذي فقد قذف وعقوبة القاذف في كتاب الله ثمانين جلدة، وثامنة أختم بها وهي جعله رضي الله عنه الدِّية على الديوان وليست على العاقلة أي القبيلة، كما ذكر ذلك ابن حجر في الفتح ولقي هذا التحويل للدية معارضة عند الشافعية • إن المسائل التي ذكرناها تعتبر مجرد نماذج لرجاحة عقل سيدنا عمر وتخطيطه لتأسيس دولة الإسلام• وقد تبعه غيره فسيدنا عمر بن عبد العزيز مثلاً حرم على الولاة أخذ الهدية وجعل حكمها حكم الرشوة وجعل دية الذمي نصف دية المسلم ، وقد كانت إلى قبل عهده مماثلة له كما ذكره صاحب الاعتصام•
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©