الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

موظفون يثبتون أقدامهم في سوق العمل خارج نطاق تخصصاتهم

موظفون يثبتون أقدامهم في سوق العمل خارج نطاق تخصصاتهم
25 يناير 2014 22:11
التحاق خريجي الجامعات بوظائف تناسب تخصصاتهم العلمية له أثر كبير في نجاحهم المهني على اعتبار أن الكفاءة مطلوبة، وهي من العناصر التي تخلق توازناً دقيقاً في بيئة العمل، لكن الظاهرة الأكثر شيوعاً في هذا العصر تتمثل في أن هذه المنظومة أصبحت غير متوافرة، إذ إن عدداً كبيراً من خريجي الجامعات له آمال وطموحات لا يلبيها التخصص، ما يجعلهم يتحولون عن المسار الطبيعي حين يلتحقون بسوق العمل، حتى إن بعض الاستطلاعات التي نشرتها مواقع إلكترونية، أفادت بأن عدداً كبيراً ممن شملهم الاستطلاع يعملون في غير تخصصاتهم، ما يطرح تساؤلات تبحث عن إجابات للوقوف على أسباب هذه الظاهرة. أشرف جمعة (أبوظبي) - على الرغم من أن المؤسسات الخاصة والعامة بها العديد من الموظفين الذين يعملون في غير تخصصاتهم، إلا أن هناك من يرى أن الواقع العملي شيء والدراسة النظرية شيء آخر، فضلاً عن أن سوق العمل فرض مفاهيم خاصة جعلت العديد من الكفاءات يغيرون مسارهم ويلتحقون بوظائف لا تمت بصلة لنوع دراستهم، بالإضافة إلى أن معايير الرواتب تلعب دوراً كبيراً في إغراء العديد من خريجي الجامعات بالالتحاق بمؤسسات لا تشترط أن يعمل الموظف في تخصصه، شريطة أن يكون لديه مظهر ويجيد بعض اللغات ويعرف جيداً كيف يتعامل مع التكنولوجيا الرقيمية بكفاءة عالية. حلقة مفقودة حول هذه النظرة المختلطة للحصول على وظيفة تؤمن المستقبل من دون النظر إلى ضرورة أن يعمل المرء في تخصصه، يقول الخبير في شؤون التوظيف عبدالرحمن الطنيجي «الأفضل أن تتكامل جوانب الوظيفية من خلال وجود العناصر كافة التي تتمثّل في الكفاءة الوظيفية، وأن يوضع الموظف في مكانه الصحيح وفقاً لتخصصه ومؤهلاته والدورات التي حصل عليها، وفي هذه الحالة سيكون لدينا موظف لديه القدرة على معرفة مهامه الوظيفية بسهولة، ومن ثم القيام بالأدوار المناطة به». ويلفت الطنيجي إلى أن ظاهرة وجود موظفين يعملون في وظائف لا تتناسب مع مؤهلاتهم ليس أمراً طبيعياً لأنه خارج نطاق السياق، وإن كانت هذه الظاهرة لها جذور قديمة، حيث كان في السابق يعمل في مهنة الصحافة مثلاً أناس لم يدرسوا الإعلام ولم يتخصصوا فيه، لكن العديد منهم برع في هذه المهنة وأصبح يُنَظّر لما يقوم به من أعمال، وهذا الأمر الذي يكسر القاعدة كان له جمالياته الخاصة، إذ أن الموهبة الحقيقية وما يتبعها من ميول وقدرات خاصة تستطيع الإبداع خارج نطاق التخصص، بل من الممكن أن تضيف إلى الوظيفة التي يعمل بها هذا الصحفي الموهوب أو ذاك والأمثلة الحية التي تسير على هذا النسق كثيرة، لكن بشرط أن تتوافر الموهبة الحقيقية التي تتسق مع الميول الشخصية. طموح الخريجين يقول الطنيجي «منذ زمن وسوق العمل تفرض بين الحين والآخر أنماطاً جديدة لكنها على كل حال دائماً تطلب الكفاءات في المجالات كافة، وعلى الرغم من قواعد سوق العمل وأهدافها الواضحة والمعلنة إلا أننا لا نستطيع إغفال الطرف الآخر، وهو الخريج الجديد الذي يطمح إلى الحصول على وظيفة تؤمن له راتباً عالياً، وهو ما يجعل بعض الخريجين الجدد يبحثون عن الوظائف الحكومية ويغضون الطرف عن المؤهل والخبرة، وفي الوقت نفسه مدى ملاءمة الوظيفة لإمكاناته». ويضيف «لو عممنا هذه النظرة واعتقدنا أن سوق العمل تعج بالموظفين الذين يعملون خارج نطاقات تخصصاتهم، فإننا سنقع فريسة اختيار لا ثاني له وهو أن سوق العمل يعاني والشركات تخسر لعدم وجود الكفاءة وهذه النظرة تفتقر إلى الواقع العملي، إذ إنه قبل إصدار الإحكام على حقيقة وجود العديد من الموظفين في غير مواقعهم الأصلية، فإنه من الطبيعي أن تكون لدينا إحصاءات دقيقية وصادرة عن مراكز متخصصة ولها كينونتها في المجتمع». شهادة عليا من بين الذين يعملون في غير تخصصهم الدراسي سعاد لطفي، التي حصلت على شهادة عليا في اللغة العربية وآدبها وتعمل مصممة في إحدى شركات الدعاية والإعلان. وتبين أنها اضطرت للعمل في إحدى الشركات الخاصة بما يتناسب مع مواهبها الفردية التي لا تتعلق مطلقاً بتخصصها الجامعي. وتلفت إلى أنها لم تكن لديها رغبة منذ البداية في هذا النوع من الدراسة، لكن أمها التي تعمل معلمة للغة العربية أجبرتها على مواصلة الدراسة في هذا التخصص، وعلى الرغم من أنها أحبت دراستها وتفوقت فيها إلا أنها لم تنفصل عن مواهبها الخاصة في التصميم، وفور تخرجها لم تجد فرصة للالتحاق بوظيفة تتناسب مع المؤهل، فاضطرت إلى أن تلتحق بوظيفة لها علاقة بما تمتلك من قدرات قي مجال التصميم، وبعد مرور عام على وجودها في هذه الوظيفة اكتشفت أنها لا تستطيع العمل في أي وظيفة أخرى حتى ولو توافرت لها فرصة العمل بما يتماهى مع شهادتها العليا. وتؤكد أن هناك العديد من زملائها في الدراسة الجامعية التحقوا أيضاً بوظائف لا تتناسب وطبيعة مؤهلاتهم العلمية وسوق العمل يتسع لهم. بين الموهبة والتخصص لا يخفي إبراهيم المرزوقي تعجبه من أنه اكتشف في المؤسسة التي يعمل بها أن عدداً كبيراً من الموظفين الذين يعملون منذ سنوات طويلة لا يحملون المؤهل العلمي المناسب لطبيعة الوظيفة، لكنه تعجب مرة أخرى حين وجد أن أغلبهم يتمتعون بكفاءة عالية ويمتلكون بخبرات واسعة ترتقي بمنظومة العمل وترتفع بها دائما. ويذكر المرزوقي أنه أصبح على يقين بأن الموهبة أقوى من التخصص الدراسي ومتطلبات سوق العمل نفسه، ويرى أن الكثيرين يلتحقون بتخصصات علمية ليست على هواهم، وهو ما يجعلهم يبحثون عن الوظائف التي تحقق طموحاتهم الفردية، وتغذي جوانبهم الإنسانية وتجعلهم في حالة من النشاط والحركة المتصلة. معادلة صعبة لا يؤيد سعيد الحوسني فكرة أن تطغى الموهبة على التخصص في العمل، ويقول «التخصص العلمي يعطي زخماً للموظف، ويجعله يمتلك أدواته المهنية بصورة كبيرة. أما هؤلاء الذين يبحثون عن العائد المادي المرتفع فهم دائماً يبحثون عن وظائف تؤمن لهم هذا الجانب بغض النظر عن الالتحاق بعمل يتناسب مع المؤهل». ويضيف «لا أنكر الإبداع الفردي والموهبة الحقيقية، لكن مثل هذه القدرات لا تتوافر لكل الناس، لذا فإنه لابد من أن تسهم مؤسسات العمل في تحقيق المعادلة الصعبة، التي تتمثل في أن تتوافق قدرات الموظف مع طبيعة العمل نفسه حتى لا تختل المنظومة في النهاية». إقصاء المواهب يشعر سعيد العامري بالقلق من ظاهرة «الواسطة»، التي لم يكن لها وجود من قبل في المجتمع، لكنها في الوقت الحالي بدأت تتسلل إلى بعض المؤسسات وهو ما يخلق حالة من الارتباك، حيال تعيين موظف ليست لديه خبرة أو معرفة بآليات وظيفة ما لأنه جاء عن طريق أحد المعارف والأصدقاء. ويلفت إلى أن هذه الظاهرة لها رواج أكثر داخل بعض مؤسسات العمل الخاص، والتي إن ظلت تنتهج هذا الإطار فإنها بذلك ستسهم في قتل المواهب الحقيقية، ومن ثم إقصاء التخصصات المطلوبة، ووضع موظفين في أماكن عمل غير ملائمة لهم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©