الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مأمون فندي يناقش تجاوز الإعلام وحدود السياسة في العالم العربي

مأمون فندي يناقش تجاوز الإعلام وحدود السياسة في العالم العربي
26 فبراير 2009 00:03
يكشف الباحث الأكاديمي والإعلامي مأمون فندي في مقدمة كتابه ''حروب كلامية: الإعلام والسياسة في العالم العربي'' عن الأهداف التي يتوخى تحقيقها في هذه الدراسة بعد احتدام الجدل في الغرب حول قناة ''الجزيرة'' التي ظهرت بعد أحداث 11 سبتمبر وكأنها تختزل صورة الإعلام العربي، حيث يحاول تصويب هذا الجدل الدائر نظرياً ومعلوماتياً وتوجيهه وجهة علمية من خلال تقديم دراسة معمقة لحالة ''الجزيرة'' من حيث البرامج التي تقدمها وطريقة عرضها للأخبار وعلاقتها بالدولة القطرية· بداية يبحث المؤلف في كيفية ارتباط مجموعة من وسائل الإعلام المختلفة بدول المنطقة وصراعاتها السياسية الداخلية والخارجية، من خلال معرفة تاريخ الإعلام العربي وواقع ملكية وسائل الإعلام والصراعات القائمة بين الدول العربية وبين كل دولة عربية والتنظيمات المعارضة لها· وفي هذا السياق ينوه بأن الاستناد إلى النظريات الإعلامية الغربية المعاصرة لا تسعف الباحث في تقصي وفهم قناتي ''الجزيرة'' أو ''العربية'' لأن تلك القنوات لا توجد في أميركا أو فرنسا أو غيرها من الدول الغربية· كذلك فإن محطة ''الجزيرة'' لا تختزل الإعلام العربي لا سيما وأن وسائل الإعلام الإخبارية العربية تسيطر عليها دول أو وكلاء عن دول أو مجموعات دينية وأيديولوجية، لذلك يقترح المؤلف منهجية جديدة للتفكير في دراسة الإعلام في العالم العربي يهدف من خلالها تحرير الجدل حول وسائل الإعلام العربية من هاجس علاقات المقابلة بين الشرق والغرب لكي يصبح حواراً داخل الشرق نفسه ما يستوجب دراسة قناة ''العربية'' باعتبارها صوتاً سعودياً ضد ''الجزيرة'' ما يدل على أن الإعلام العربي محكوم بتلك العلاقات الأفقية بين الدول العربية أكثر من كونه محكوماً بكراهية الغرب، ما يدل على أن محركات هذا الإعلام داخلية· ويرى الباحث في هذا التوجه المنهجي إمكانية إثراء الدراسة وتغذية التنظير العام حول الإعلام العالمي· بين إعلامين وينتقل الباحث إلى توضيح حقيقة الدور الذي تقوم به وسائل الإعلام اللبنانية مثل المحطة اللبنانية للإرسال وتلفزيون ''المستقبل'' وغيرهما من الوسائل اللبنانية الأخرى في إطار الصراع الدائر على الساحة اللبنانية بين القوى السياسية والمذهبية والإثنية، وبين القوى السياسية الموالية لسوريا والمناهضة لها· إن هذا الواقع الراهن للإعلام العربي يعكس مقدار تدخل الدولة في الإعلام العربي الذي يتميز بسمات عديدة في مقدمتها الطابع الإقليمي له، كما يتضح من خلال مدة البث الموجهة للخارج مع المدة اليسيرة التي تخصص للشؤون المحلية للبلد الذي تتبع له تلك الوسيلة الإعلامية إضافة إلى أن البرامج التي تقدمها تلك الوسائل تخدم مصالح ذلك البلد في حين أن البرامج التي تقدم على المستوى المحلي تتحدد وظيفتها في حشد الدعم لسياسات النظام الحاكم فيه، أما الصحافة المستقلة فهي تعتمد على كرم أولئك الممسكين بزمام السلطة· يتخذ الباحث من دراسة الإعلام المصري مدخلاً لفهم الواقع الحالي للإعلام العربي مع أنه يشير في مقدمة الكتاب إلى تمايز هذا الإعلام عن غيره من إعلام الدول الأخرى· ومما يستند إليه في تبرير ذلك أن هذا الإعلام يلعب دوراً مهماً في تشكيل الرؤى المحلية والإقليمية وفي صياغة اللغة والمصطلحات الإعلامية السائدة، إضافة إلى تصديرها القوانين والتشريعات التي تحكم إمكانية البث عبر الموجات الهوائية، وأنماط ملكية وسائل الإعلام، والكثير من المحظورات الاجتماعية والسياسية إلى الدول العربية الأخرى· ولفهم حقيقة هذا الدور يتناول أولاً العلاقة بين الإعلام والسلطة في مصر مبيناً الحالة الضبابية للسياق الذي يتحرك فيه هذا الإعلام وما تمثله علاقته بالسلطة من تداخل مع هذا السياق معتمداً في تحليله على الوقائع والحالة التي تجري فيها إدارة تلك الوسائل والتحكم في مواقع الإنتاج الإعلامي· وفي الفصل الثاني الذي يحمل عنوان ''قطر والسعودية حرب الفضائيات'' يرتكز الباحث في دراسته لواقع هاتين المحطتين إلى ما يسميه ملاحظات المشارك إلى جانب تحليل محتوى البرامج والمقابلات حيث يشير إلى أن فهم بروز دور الإعلام السعودي والقطري لا يمكن فهمه من دون مقاربة التغيرات التي حدثت في المشهد السياسي العربي، ثم يعود لدراسة حال الإعلام المصري من خلال الدور الذي كان تلعبه إذاعة صوت العرب، وبعد ذلك صعود الإعلام السعودي بعد تنامي الدور السعودي في العالم العربي في السبعينات من القرن الماضي، إلى أن جاء غزو الكويت ليبرز الدور المهم والصاعد للفضائيات العربية وفي مقدمتها قناة ''الجزيرة'' وحقيقة ما يقال عن استقلاليتها، وكذلك قناة ''العربية'' التي جاء إنشاؤها رداً على بروز قناة ''الجزيرة''· وفي هذا الإطار يقوم الباحث بدراسة مقارنة للمادة الإعلامية التي تقدمها هاتان المحطتان· ظاهرة الإعلام اللبناني وفي الفصل الثالث يبحث المؤلف في ظاهرة إعلامية أخرى هي ظاهرة الإعلام اللبناني بوصفه يمثل صراعاً داخل الدولة الواحدة فيعد إلى تحليل محتوى هذه الوسائل وتحديد ملكيتها لفهم توجهاتها ومواقفها والسياسات التي تنتهجها لاسيما وأن الانقسام السياسي الحاصل في لبنان ينعكس على المستوى الإعلامي، وهو انقسام لا يقف عند حدود الخلاف السياسي المحلي بل يتجاوزه إلى الصراع العربي والإقليمي الذي تنخرط فيه تلك القوى والأحزاب اللبنانية· وكمدخل للدراسة يتناول واقع قوانين الإعلام في لبنان والتي قد لا يتطابق معها ما يتم على أرض الواقع، ولذلك يرى الباحث أن فهم وسائل الإعلام اللبنانية يتطلب معرفة التركيبة السياسية والاجتماعية في لبنان· وهكذا يبدأ بالمؤسسة اللبنانية للإرسال التي تمثل محطة المسيحيين الموارنة الذي شكلوا أحد الفصائل الأساسية في الحرب الأهلية اللبنانية، يتناول بعدها تلفزيون ''المستقبل'' الذي جاء ليعكس توجهات رئيس وزراء لبنان الراحل رفيق الحريري· كذلك يتناول محطة ''المنار'' التابعة لحزب الله اللبناني· وفي مقاربة للتوجهات المتباينة التي تعكسها وسائل الإعلام اللبنانية يتخذ من المواقف المتباينة التي اتخذتها تلك الوسائل من عملية اغتيال رفيق الحريري وما أعقب تلك المرحلة من ظهور للصراع السعودي القطري عبر سياسات تلك الوسائل· ولا يتوقف عند واقع حال الفضائيات اللبنانية بل ينتقل منها إلى وسائل الإعلام الأخرى مثل جريدة ''النهار''· المهنة والسياسة إذا كانت فصول الكتاب الأولى تظهر تأثير الحكومات على الإعلام الخليجي وتأثير المجموعات الاثنية والطائفية على وسائل الإعلام اللبنانية، فإن الإعلاميين العرب الذي يسيطرون على المنظومة الإعلامية العربية هم من أبناء المنظومة السياسية والثقافية العربية سواء كانوا من الموالين للحكومات أم كانوا من المعارضين· ولفهم شروط العمل التي توجه عمل الإعلاميين العرب في دول الخليج العربي أو في أوروبا يقاربها من زاوية الظروف والقوانين التي تحكمها بوصفها جزءاً من منظومة العلاقات المكرسة على مستوى القوى العاملة المختلفة مبيناً هوس وسائل الإعلام بقضيتي فلسطين والعراق اللتين تشكلان من خلال تطورهما أخباراً آمنة للصحفي العربي لا ترتب عليه أي كلفة أو مسؤولية على خلاف التغطية للأحداث السياسية العربية· ينتقل المؤلف بعدها للإجابة عن سؤال يطرحه حول من يقف وراء الدعاية المضادة لأميركا في ضوء تحديد العوامل المسببة لتلك المناهضة عربياً ومحلياً كما يناقش ظاهرة تنامي انتشار الصحفيين اللبنانيين خارج لبنان ودور الإيديولوجيا القومية العربية والإسلامية في تشكيل هوية إعلاميي محطة ''الجزيرة''· وفي الفصل الخامس والأخير يبحث في الجديد الذي توجهه القنوات العربية للمشاهد العربي ثم يبحث في إمكانية قدرة الإعلام على إحداث تغيير في الواقع السياسي العربي·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©