الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«كاميرات المراقبة» تحقق الأهداف المنشودة سلوكياً وتربوياً

«كاميرات المراقبة» تحقق الأهداف المنشودة سلوكياً وتربوياً
26 يناير 2014 10:13
قوبلت تجربة إدخال «كاميرات المراقبة» في المدارس في بداية الأمر بكثير من الانتقادات أو عدم الارتياح لدى البعض، ورفضتها غالبية القاعدة الطلابية العريضة ولا سيما في مدارس الحلقة الثانية والمرحلة الثانوية. مَن لم يستوعب الأهداف المتوخاة من التجربة اعتبرها تقييداً للحرية، واختراقاً لخصوصية الطالب.أما رفض الطلاب فكان منطقياً ومتوقعاً لأنهم وجدوا فيها وسيلة فعالة ترصد تجاوزاتهم ومخالفاتهم للنظام والانضباط. أما الذين تحمسوا لها منذ الوهلة الأولى فغالباً هم من الآباء والأمهات والتربويين المهمومين بمصلحة أبنائهم وسلامتهم بالدرجة الأولى. المهم أن نجاح مجلس أبوظبي للتعليم في تركيب «كاميرات» مراقبة تليفزيونية لـ 80 مدرسة على مستوى أبوظبي والعين والمنطقة الغربية كمرحلة أولى، جعل كثيرين يعيدون النظر في إيجابيات التجربة بعد أن لمسوا جدواها وفوائدها العديدة في الحد من السلوكيات السلبية بين الطلاب، بل والقضاء على السلوكيات المنحرفة تماماً، وهو في حد ذاته نجاح كبير يتحدث عن نفسه. خورشيد حرفوش (أبوظبي) ـ كل شيء مرصود ومكشوف، والطالب المنضبط ذاتياً لا يخاف.. ومن يفكر في المخالفة أو المشاغبة يفكر ألف مرة لأنه مكشوف لنا».«الأعداد الكبيرة هذه كانت تحتاج إلى جهد كبير للسيطرة.. أما الآن فالوضع اختلف». «رؤيتنا للحالات الطارئة في نفس اللحظة ومعرفة مكانها من أهم الميزات». هكذا وصفت بعض الإدارات المدرسية واقع الحال بعد مضي الفصل الأول من العام الدراسي الحالي. أما الآباء والأمهات، فقد أكدوا أنهم أصبحوا «أكثر اطمئناناً على أبنائهم»، و«بتنا لا نفكر في أبنائنا أثناء وجودهم بالمدرسة لأنهم أمام عيون الإدارة طيلة الوقت». أما الطلاب، فقالوا: «لابد أن نتعامل مع الواقع.. ولا مجال لارتكاب أي مخالفة». إلى أي حد يمكن تقييم التجربة إذن؟ تحقيق الانضباط الخبير التربوي محمد أبوكساب، مدير مدارس المنهل الدولية الخاصة في أبوظبي، يشير إلى أن المدرسة طبقت نظام «كاميرات المراقبة» منذ سنوات، وقبل أن يقرها مجلس أبوظبي للتعليم، عن قناعة تامة بأهميتها مع اتساع أعداد الطلاب من مختلف المراحل، واتساع رقعة المدرسة، وتعدد ممراتها وجوانبها وردهاتها وساحاتها، سواء لمدارس البنين أو البنات. ويضيف: ما من شك أن المشكلات السلوكية اليومية للطلاب ستتزايد بالتأكيد إن تركت دون رقابة، ولم تبادر الإدارة المدرسية لرصدها مبكراً، واتخاذ كافة الإجراءات للحد منها واستئصالها من الوسط المدرسي، لأن مثل هذه المشكلات ستسبب خللاً مؤكداً في انضباط ونتائج العملية التعليمية، لأن متابعة المشكلات الطلابية من سلوكيات عدوانية، ومشاجرات، وكتابة على الجدران، أوالتدخين أو اقتناء وحمل وتبادل أشاء ممنوعة، قد تحتاج في كثير من الأحيان إلى جهد لرصدها وضبطها وتحديد المسؤولية فيها، وقد يكون التدخل المبكر العامل الحاسم في تناول مثل هذه المشاكل. تجربة ناجحة كذلك تشير مفتية حيدر، المشرفة العامة لقسم التعليم الأساسي، إلى أن هذه التجربة نفذت في المدرسة منذ عدة سنوات، وثبت نجاحها وفعاليتها في رصد وتقليل المشاكل أو الاحتكاكات أو المشاجرات التي تتم بين الطلاب في هذه السن. إن الرقابة جانب مهم ومطلب تربوي في هذه السن، وعلينا أن نقر بأن انتشار الكاميرات في كافة أرجاء المدرسة والأماكن التي يوجد فيها الطلاب من فصول وممرات ومخارج وصالات ومرافق رياضية أو غيرها، طوال اليوم الدراسي، من شأنها أن تحد كثيراً من مثل هذه المشاكل، فضلاً عن منعها لأية انحرافات سلوكية قد تحدث، لأنّ الطالب يشعر بأنه مراقب، ومن ثمّ لا يقدم على أي فعل يتنافى مع النظام أو الأخلاق، ولن يجرؤ على أن يعرض نفسه للمحاسبة من قبل إدارة المدرسة. ومثل هذه التقنية تفيد في الحد من المشاكل إلى حد كبير، وتساعد في رصد وتحديد المسؤولية بدقة بدلاً من توزيع الاتهامات أو الظـنون والاحتمـالات، فضـلاً عن أهمية التعاون الإيجابي بين إدارة المدرسة وأولياء الأمور فيما يتعلـّق بأية ظاهـرة سلوكية سلبية، ولا سيما حالات التعدي والتحرش أو خلافه، ولعلّ أفضـل الصـيغ التربويــة هي التي تقوم أساساً على الثقافـة الإيجابية والحوار الدائم بين الأبناء الطلاب في كافة مراحلهم الدراسية. التدخل المبكر كذلك تقول سامية عبده، الاختصاصية الاجتماعية: «بغض النظر عن المشاكل اليومية الطبيعية التي تحدث بشكل طبيعي بين الطلاب، فإن نظام المراقبة بالكاميرات لا يستهدف إلا تحقيق الأهداف التربوية والتعليمية ومصالح الأبناء الطلاب وحمايتهم من أنفسهم ومن أخطائهم وتجاوزاتهم، والحد من أية انحرافات سلوكية إن وجدت. فالهدف الرئيسي للعمل بالكاميرات المدرسية أو الاعتماد عليها في مراقبة الطلاب، ليس تقييد حرية الطالب أو التدخل في خصوصياته، وإنما هي وسيلة احترازية ووقائية تُسهم إلى حد كبير في الحد من معظم المشاكل التي قد تحدث، فاتساع بعض المدارس وكثرة عدد الطلاب وتنوع وتعدد الثقافات التي ينتمي إليها الطلاب، من شأنه أن يوجِدَ بين حين وآخر بعض المشاكل السلوكية المتوقعة، وبالتالي تصبح مسألة التدخل المِهني من قبل الإدارة أو الاختصاصي الاجتماعي أمرا مهما وعاجلا للحد من تفاقم أية مشكلة». من جانب آخر، تشير سعاد الهاملي «معلمة» إلى أن التوسع في تركيب كاميرات المراقبة والاعتماد عليها في مراقبة سلوكيات الطلاب مهم للغاية في كافة المراحل الدراسية، سواء الحلقة الأولى أو الثانية، فلكل مرحلة مشاكلها الخاصة المرتبطة بالعمر. أما سحر مومني «مسؤولة الأنشطة»، فتشير إلى أن التحرشات والاحتكاكات والتجاوزات بين الطلاب تختلف من مكان إلى آخر، ودائماً ما يشكو الطلاب من بعضهم سواء إذا كانت تلك التصرفات اعتيادية أو تتضمن تجاوزا مقصودا أو انحرافات سلوكية، أو يصطحب البعض منهم أشياء ممنوعة كأجهزة التلفون المحمول أو الأقراص المدمجة أو الأسلحة البيضاء أو تدخين البعض، وهذه مخالفات قد توجد بين حين وآخر، ومن ثم فإن وجود كاميرات للمراقبة يساعد الإدارة المدرسية والاختصاصي الاجتماعي على كشف كل من يرتكب أياً من هذه المخالفات في وقت مبكر، ومن ثم تتم السيطرة والتدخل التربوي والإداري المطلوب أو المناسب. خوف إيجابي كذلك يؤكد جعفر عبد الرحمن البلوكي، الاختصاصي الاجتماعي بمدرسة خليفة بن زايد بمنطقة المقطع «بين الجسرين»، أن وجود كاميرات المراقبة في ممرات وطرقات المدرسة مهم للغاية، لأن كثيراً من الطلاب يخافون من اصطحابهم للأشياء الممنوعة مثل الأسلحة البيضاء أو الأجهزة والألعاب الإلكترونية التي كثيراً ما كانوا يبالغون في استخدامها في فترات الراحة والفرصة المدرسية الطويلة، وهو خوف إيجابي بكل تأكيد. وأحياناً كان البعض من الطلاب يتغيب متعمداً، عن حضور الدروس وينشغل في مثل هذه الألعاب، وبالتالي فوجود الكاميرات يحد من غياب الطلاب واستهتارهم عن حضور الدروس. أما والدة الطالب «محمد عبد الله العرياني» بمدرسة خليفة بن زايد، فتؤكد ارتياحها كأم، وتقول: «إن هذه المراقبة لا نفهمها على أنها كبت لحرية الطالب أو أنها انتهاك لخصوصيته أو تقييد لحريته أو إساءة الظن به، وإنما هناك مطلب تربوي لهذه المراقبة، منها الحد من السلوكيات السلبية والسيطرة على التصرفات المشينة أو الخروج عن المألوف، أو عندما يتعلم الطفل الصغير عادة أو سلوكاً غير سوي من رفاق السوء، فهذه المراقبة تتيح للإدارة المدرسية أن تتدخل في الوقت المناسب، وأتمنى أن يأتي اليوم الذي أجد فيه جميع دور الحضانة ورياض الأطفال والمدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية مشمولة بمثل هذه الكاميرات، وأهيب بكل أولياء أمور الطلاب والطالبات التجاوب الكامل مع تدخلات الإدارة المدرسية عندما تكون هناك ضرورة لذلك، فتعاون المدرسة مع الأسرة من شأنه أن يُحد كثيراً من مشاكل أبنائنا الطلاب». أمر حيوي الطالب سليمان محمد علي «الصف الحادي عشر» يرى أن وجود كاميرات للمراقبة في المدارس أمر ضروري ومهم للغاية في كافة المراحل الدراسية المختلفة، فنحن كآباء وكأسرة نرتاح كثيراً إذا ما شعرنا بأن هناك رقابة جادة على تصرفات أبنائنا في المدرسة، وخارج حدود الصف الدراسي، وأدعو من جانبي جميع أولياء الأمور إلى التعاون الإيجابي مع إدارات المدارس في هذا الأمر، والحرص على تكرار الزيارات المدرسية، والتدخل الأسري المناسب بالتعاون مع الإدارة المدرسية في حالة ما إذا تم رصد أي مخالفة سلوكية على الطالب، لأن ذلك يصب بالنهاية في مصلحة أبنائنا ومستقبلهم الدراسي. كما يرى حمدان القبيسي «طالب بالصف الحادي عشر»، أنه: من الفوائد المهمة لوجود نظام المراقبة بالكاميرا في المدارس، أنها تسجل كافة التجاوزات والمخالفات والمشاجرات والانحرافات. وهو ما اتفق مع رأي الطالب عبد الله ياسين الحوسني «الصف الثاني عشر»، الذي يتحمس لنظام المراقبة بالكاميرات، ويرى أنه يفيد الإدارة المدرسية في حسم كثير من المشاكل ومعرفة المتسبب الحقيقي فيها دون إلقاء التهم على الطلاب جزافاً، خاصة أن هناك من الطلاب مَنْ يُنكر ويُخفي تجاوزاته ويلقي باللوم على زميل آخر وخاصة عند المشاجرات أو عند الاشتراك في ارتكاب خطأ ما، فالكاميرا ترصد كل ما يدور ولا مجال للادعاء ولا الكذب أو إلقاء اللوم على الآخرين دون سبب، كما أن الطالب المنضبط في نظره لا يهمه ولا يعنيه وجود كاميرا تراقبه أم لا. السلبيات محدودة ولا مجال للمقارنة عوض الله محروس، الاختصاصي الاجتماعي بمدرسة خليفة بن زايد، يوضح أن لكل تجربة مميزات وجوانب إيجابية، وأخرى سلبية، فالسلبيات التي تقترن بنظام المراقبة بالكاميرات تكاد تكون محدودة للغاية، ولا تقارن بالإيجابيات التي أفرزتها التجربة على أرض الواقع، منها حساسية المرحلة العمرية للطلاب في سن المراهقة، ومقاومتهم لكل ما هو مفروض عليهم، ولإحساسهم بأنهم مراقبون طيلة الوقت، فقد يسبب ذلك شعوراً غير مريح لديهم، لكنهم استوعبوا الحالة، واستوعبوا أن هناك مصلحة عليا تتعلق بكل الطلاب، وأن عليهم تقبل النظام والانضباط، وأظنهم يفكرون ألف مرة قبل ارتكاب أي خطأ أو مشاغبة، أو أي شيء يعكر صفو الانضباط المدرسي. ويضيف محروس: «إن وجود كاميرات المراقبة في المدارس ذو فعالية كبيرة في مراقبة سلوكيات الطلاب وخاصة طلاب الحلقة الأولى، حيث يصعب السيطرة عليهم ولاسيما في أماكن اللعب والممرات وخارج حدود الصف الدراسي والمداخل والمخارج ودورات المياه، نظراً لطبيعة سلوكيات الطلاب في هذه المرحلة التي تتسم بالحركة الزائدة، والمشاكل الناجمة عن المشاغبات والاحتكاكات ومشاكل اللعب. وهذه الكاميرات من شأنها أن تُيسر للإدارة المدرسية بشكل مستمر وطيلة الأوقات التي يوجد فيها الطالب في المدرسة، مراقبته وتوجيهه وتلافي المشاكل والانحرافات إن وجدت في وقت مبكر».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©