الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما ونتنياهو.. علاقات مختلة

أوباما ونتنياهو.. علاقات مختلة
27 أغسطس 2014 22:50
أضرت أزمة غزة كثيراً على ما يبدو بالعلاقات الأميركية الإسرائيلية. وبعد الهجمات الشعواء على وزير الخارجية الأميركي جون كيري وتصريحات إدارة أوباما بشأن الطبيعة «المروعة» للضربات الجوية الإسرائيلية التي تتسبب في ضحايا من المدنيين والتدقيق الشديد في شحنات الصواريخ الأميركية إلى إسرائيل استنتج بعض المراقبين أن ما حدث من أسوأ الخروق في ثوب العلاقة. لكن من الأفضل أن يهدأ القلقون والذين يحدوهم الأمل في أن تصبح العلاقة الخاصة أقل خصوصية بكثير حتى تمر حالتهم المزاجية تلك. فمهما يكن من أمر الخلل في العلاقة بين الرئيس باراك أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فإن الرابطة بين إسرائيل والولايات المتحدة تقوم على قيم مشتركة ومصالح سياسية متبادلة حتى في أوقات التوترات. وعلى خلاف ما قيل عن بنك ليمان برازرس، فإن العلاقة بالفعل «أكبر من أن تفشل». ولن يزيد التهديد المتصاعد من «داعش» والجهاديين الآخرين هذه العلاقة إلا قوة. صحيح أن العلاقة بين البلدين ليس في أفضل حالاتها. والخلل في العلاقة كامن في قمتها بين الرئيس ورئيس الوزراء، فكلاهما لا يحب ولا يثق في الآخر. نتنياهو يعتقد أن أوباما بارد الأعصاب ولا يفهم بالمرة ورطة إسرائيل كدولة صغيرة وسط جوار خطر. وأوباما يعتقد أن نتنياهو تاجر مخادع يراوغه بشأن السلام في الشرق الأوسط ولا يحترم المصالح الأميركية. وعادة تزيد الأزمات الطين بلة. ونتنياهو قلق من أن إدارة أوباما لا تفهم فعلياً مدى خبث «حماس». واقتنع كيري وأوباما، غير السعيدين بالفعل من عدم مضي نتنياهو قدماً في التوصل إلى اتفاق إطار عمل مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بأن رئيس الوزراء ليس لديه استراتيجية بشأن السلام ولا يفعل أقل القليل ليقلص عدد الضحايا من المدنيين الفلسطينيين في حربه مع «حماس». ما يجعل الخلل في العلاقة بين أوباما ونتنياهو كبيراً هو أن الطرفين ليس لديهما حتى الآن مشروع مشترك يتفقان عليه أو يتعاونان فيه لتحقيق مصالح سياسية للجانبين، على خلاف الفترات الأخرى التي توترت فيها العلاقة بين الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي. وهناك خلافات حقيقية تجعل التعاون صعباً سواء تعلق هذا بعملية السلام أو بإيران أو بغزة. لذا فإذا كانت الأمور بالغة السوء هكذا، فما الذي يمنع أن نكون على شفا تغيير مهم في العلاقة؟ وها هي الأسباب: أولاً: العلاقة أكبر من أن تفشل. فبصرف النظر عن الطريقة التي يرى بها الرجلان أحدهما الآخر فمازال كلاهما يحتاج للآخر. نتنياهو يعرف أن سوء إدارة علاقته بواشنطن قد يقوض فترة ولايته. وأوباما لن يستطيع من دون نتنياهو أن يحقق أي شيء بدءاً بتحقيق الاستقرار في غزة وانتهاء بالمسعى الخيالي لكيري في تحقيق السلام. وهناك إيران، وسواء تم التوصل إلى اتفاق أم لا بشأن القضية النووية بحلول الموعد النهائي في نوفمبر، سيتعين على أوباما أن يحظى بنفوذ في إسرائيل كي تساعده في دعم الاتفاق أو في محاولة منع نتنياهو من شن ضربة عسكرية ضد إيران. كما أن أصدقاء أوباما في المنطقة قلة. والعلاقات مع مصر والسعودية فاترة والأردن مؤيد لكنه ضعيف، ولن يحصل رئيس أميركي على الكثير من الدعم من الفلسطينيين. ومن المثير للسخرية، أن المصريين والإسرائيليين لديهم نقاط اتفاق في عدد من القضايا المحورية أكثر مما لديهم من اتفاق مع أوباما. ومع تصاعد احتمالات التدخل العسكري الأميركي في العراق وربما في سوريا، لا تحتاج الولايات المتحدة لمشاكل مع إسرائيل. فمازال الإسرائيليون جزءاً محورياً بالفعل فيما يتعلق بالحرب والسلام. وأوباما يعرف هذا. ثانياً، الأطراف العربية أسوأ من إسرائيل. بالنسبة لمنتقدي إسرائيل فهذا غير صحيح سياسياً، ويزعجهم جداً أن يعترفوا به، لكن أكثر الحجج فعالية في الدفاع عن إسرائيل هي سوء حال الأطراف العربية المحورية مما يجعل سلوك إسرائيل يبدو معتدلا عند المقارنة بهم. ومازالت استطلاعات الرأي الأميركية تظهر دعماً قوياً لإسرائيل، ويرجع هذا في جانب منه بسبب تصرفات العرب. وبدأ هذا مع هجمات الحادي عشر من سبتمبر و»القاعدة»، وزاد سوءاً مع تحول «الربيع العربي» إلى العنف والإرهاب وقمع الدولة. فعند النظر إلى مصر في ظل حكم «الإخوان المسلمين» أو الجيش والحكم الدموي للرئيس بشار الأسد في سوريا واستخدامه الأسلحة الكيماوية ضد شعبه، إضافة إلى «داعش» التي أعلنت إحياء الخلافة. فإسرائيل المؤيدة للغرب تتناقض بشكل واضح أمام عالم عربي ينصهر في جحيم العنف والتطرف. وكل هذا يدعم قضية إسرائيل. وبإضافة حماس التي تعتبرها إدارة أوباما منظمة إرهابية، فمن الصعب على الإدارة الأميركية أن تتشدد مع الإسرائيليين. ولفت «أندرو كوت» من مركز «بيو» لأبحاث الرأي العام نظري إلى حجة قوية في مقابلة عام 2008. فهو لم يتوقع إمكانية تراجع في العلاقات الأميركية الإسرائيلية إلا مرة واحدة عندما رأى الأميركيون في أنور السادات بطلاً عربياً يستطيعون إقامة علاقات معه. ثالثاً: أوباما لا يتحمل صراعا الآن، والصراع مع إسرائيل لا مفر منه لأي رئيس أميركي يريد أن يحقق تقدما وخاصة في قضية السلام. لكن يتعين التأكد من أن يؤدي الصراع لنتيجة إيجابية وأن يكون توقيته صحيحاً. وأمام أوباما أقل من ألف يوم في المنصب، ويبدو أن كيله قد فاض بالمشكلات في الداخل والخارج. وانتخابات التجديد النصفي في الكونجرس مقبلة. وقد يفقد «الديمقراطيون» سيطرتهم في مجلسي الشيوخ والنواب. وآخر ما يحتاجه أوباما هو الصراع مع حليف أميركي له أصدقاء أصحاب نفوذ في واشنطن ما لم يكن هذا الصراع يستحق ذلك فعلا. لكن ما الذي يستحق الصراع عليه الآن؟ عملية السلام المتوقفة؟ الطبقة الحاكمة في إيران؟ أم حماس؟ والإجابة هي أنه بالنسبة لرئيس محاصر، لا طائل من جعل العلاقة الأميركية الإسرائيلية أسوأ مما هي عليه. الدولتان استطاعتا من قبل العبور بأزمات شديدة لأن قواعد العلاقة متينة. ومن المرجح أن يحدث هذا هنا أيضاً. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. انترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©