الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

توجس صيني من تخفيض تصنيف الائتمان الأميركي

11 أغسطس 2011 00:32
في أول تعليق لاذع على قرار خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة من قبل مؤسسة "ستاندار أند بورز"، والتي اعتبرت خطوة تاريخية غير مسبوقة، دعت الصين واشنطن إلى "علاج إدمانها على الدين"، و"تعلم العيش بما يوافق إمكاناتها"، فقد أنحت بكين التي تعد أكبر مشتر للديون الأميركية باللائمة على "الصراعات السياسية قصيرة النظر في واشنطن" باعتبارها السبب الرئيسي وراء الفوضى المالية التي تهدد اليوم بتقويض الاقتصاد العالمي ودخول مرحلة أخرى من الركود الاقتصادي. وأشار التعليق الصيني الرسمي في البيان الذي نشرته وكالة الأنباء الصينية، إلى أن "الصين باعتبارها الدائن الأكبر للقوة العالمية الوحيدة لها كامل الحق في مطالبة الولايات المتحدة بمعالجة مشكلة الدين الهيكلية وضمان سلامة الموجودات الصينية من الدولارات". وأضاف البيان إنه "ما لم تعمل الولايات المتحدة على خفض مهم في نفقاتها الدفاعية الكبيرة والحد من كلفة الرعاية الاجتماعية المتضخمة لديها، فإن التخفيض الائتماني الأخير سيكون مجرد مقدمة لتخفيضات قادمة أكثر ضرراً للاقتصاد العالمي، وهو ما سيهز الأسواق المالية في أنحاء العالم". وليس هذه المرة الأولى التي تعبر فيها الصين عن قلقها البالغ بشأن استثماراتها بالدولار الأميركي، حيث كانت آخر التصريحات المعبرة عن هذا القلق الذي يؤرق المسؤولين في بكين ما صرح به يوم الأربعاء الماضي محافظ البنك المركزي الصيني من أنه على الولايات المتحدة تفادي التخلف عن سداد الديون وخفض عجزها المالي المخيف. فالصين بالإضافة إلى حيازتها لنحو 2.1 تريليون دولار من سندات الخزينة الأميركية فإن ثلثي احتياطاتها من العملات الأجنبية البالغ قيمتها 2.3 تريليون دولار متوفر بالعملة الأميركية، وفي حال تراجع قيمة الدولار، وهو ما سيحصل فعلاً، بسبب التخفيض الائتماني وتراجع الاقتصاد الأميركي، ستفقد الصين قيمة مدخراتها في الخزينة الأميركية. وكان التخفيض الائتماني الأول في تاريخ الاقتصاد الأميركي الذي أصدرته "ستانداردز أند بورز" قد جاء مطابقاً لتخفيض آخر أصدرته وكالة صينية مغمورة، لكنه انتقد فور صدوره على أنه تقييم مسيس لا يعكس قوة الاقتصاد الأميركي، فقد أقدمت وكالة "دادونج جلوبال كريديت" على خفض الملاءة الائتمانية للولايات المتحدة مرتين، كان آخرها يوم الأربعاء الماضي. واللافت أن الأسباب التي اعتمدت عليها الوكالة الصينية المغمورة هي نفسها التي ساقتها الوكالة الأميركية من أن المشاكل البنيوية للسياسة الأميركية في واشنطن، والصراعات المزمنة بين الأطراف السياسية تقف حائلاً دون معالجة مشكلة الدين المتفاقم، لكن بعد تأكد صحة التقييم الذي وافقته "ستاندارد أند بورز"، نشرت وكالة الأنباء الرسمية في الصين افتتاحية يوم السبت الماضي تقول فيها "رغم تخفيض وكالة "دادونج جلوبال كريديت" للتصنيف الائتماني للولايات المتحدة في السنة الماضية، قوبل هذا التخفيض باستعلاء وارتياب واضحين من قبل المعلقين الغربيين. واليوم تؤكد الوكالة الأميركية ما كان معروفاً في السابق وهو "عدم قدرة أميركا في ظل مشكلة الديون الحالية على علاج العجز المالي". وقد عبر "جين كانرونج"، عميد العلاقات الدولية بجامعة "رينمين" الصينية عن مخاوف بلاده من سقوط العالم في ركود ثان بعد الأول الذي ضرب في عام 2008 لأن المسؤولين الصينيين استنفدوا إجراءات التحفيز المالية التي لجأوا إليها للتخفيف من حدة الأزمة المالية الأولى، وهو ما يتركهم اليوم من دون خيارات حقيقية لمواجهة الكلفة السياسية والاجتماعية للتراجع الاقتصادي، ويشكل هذا السيناريو "كابوساً حقيقياً للسلطات الصينية" على حد قول "كانرونج". وكـان للتوسـع الكبير فـي عمليـات الإقراض التي دعمتها الحكومة الصينية ابتداء من عام 2008 لتعزيز النمو الاقتصادي أثر سلبي على معدل التضخم الذي ارتفع إلى مستويات غير مسبوقة، كما ساهمت التسهيلات الائتمانية التي انخرطت فيها الصين خلال تلك الفترة في تغذية فقاعة عقارية تهدد اليوم بالانفجار، والتسبب في اضطرابات اجتماعية ناتجة عن فقدان مئات الآلاف من الصينيين لوظائفهم في قطاع الإنشاءات. لكن الاعتماد الصيني المكثف على تمويل الدين الأميركي وحيازة مدخرات بالدولار كان خياراً ذاتياً للصين حركته رغبتها في تفادي قوى السوق والتدخل لتحديد قيمة عملتها، وإبقائها منخفضة لدعم صدارتها بأسعار منخفضة. وسيكون على البنك المركزي الصيني التخلي عن تريليونات من العملات الأجنبية لضمان بقاء عمليتها مخفضة. والمشكلة بالنسبة للصين أن سندات الخزينة الأميركية تبقى الوحيدة الكبيرة بما يكفي لامتصاص المدخرات الصينية من العملات الأجنبية، ورغم تعهد المسؤولين في الصين أكثر من مرة بتنويع احتياطاتها النقدية وعدم الاقتصار على الدولار تبقى الخيارات الحقيقيـة أمامهـم قليلـة ويظـل الدولار الملاذ الأخير. ديفيد بيرسون - بكين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©