الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مروان حامد: دخلت إلى عالم الغرائبيات

مروان حامد: دخلت إلى عالم الغرائبيات
27 أغسطس 2014 20:40
كعادته في التحضير لعمل فني كبير والتكتم على تفاصيله ومراحل إخراجه، فاجأ المخرج الشاب مروان حامد جمهور وعشاق السينما، بفيلمه “الفيل الأزرق” المأخوذ عن رواية الكاتب الشاب أحمد مراد، والذي يعرض حاليا في دور العرض المصرية. والفيلم استطاع بعد أسبوع واحد فقط من عرضه أن يحتل الصدارة، ويحقق طفرة حقيقية سواء في حجم الإيرادات التي حققها أو حجم الجمهور الذي أقبل على مشاهدة الفيلم، أو الأصداء الرائعة من جانب النقاد والمهتمين بالفن السابع عموما. وعن أسباب اختياره لرواية “الفيل الأزرق” وتحويلها إلى فيلم سينمائي، قال المخرج: الروائي أحمد مراد صديقي، وأتابعه منذ أصدر روايته الأولى “فرتيجو”، ومن بعدها “تراب الماس”، وبعد أن أصدر روايته الثالثة “الفيل الأزرق” أهداني نسخة منها وبمجرد انتهائي منها أدركت أنني أمام عمل “مثالي” للسينما، ويحمل كل عوامل نجاحه شريطة أن يتم التعامل معه بوعي وحرص شديدين. وما توقعته من نجاح للرواية فاق تصوري، فـ”الفيل الأزرق” “ضربت” و”كسرت الدنيا”، وحققت نجاحا غير مسبوق وطبعت أكثر من 10 طبعات، كما أنها وصلت للقائمة القصيرة (البوكر العربية)، مما أكد ما رأيته فيها من عوامل الجذب والتشويق، سواء على مستوى القصة الرئيسية للعمل، أو على مستوى أشخاصها وأبطالها الذين مثلوا بالنسبة لي “أبطالا” دراميين نموذجيين، رسمها مراد بحرفية وبراعة. عناصر النجاح ورفض حامد أن يكون الدافع لاختياره الرواية استثمار النجاح الجماهيري الذي حققته لإخراج الفيلم، مؤكدا أن هذا النجاح ليس هو الأساس في فكرة تحويلها إلى “فيلم”، فالرواية تحمل كل مواصفات العمل السينمائي الجماهيري الناجح، والجمهور الأكبر الذي استقبل العمل بكل هذه الحفاوة هو ذاته العمود الفقري للجمهور الذي سيشاهد الفيلم، عدا الشرائح الأخرى التي لم تقرأ الرواية لكنها ستشاهد الفيلم. هذا الجمهور هو الذي استهدفه وأتوجه إليه بالفيلم، لأنه جمهور جديد مختلف كما ونوعا عن الجمهور القديم للسينما. ويقول: أنا على قناعة بأنك إذا لم تحترم وتقدر الجمهور الذي سينزل من بيته ويذهب إلى دار العرض ويشتري تذكرة سينما لمشاهدة فيلمك، فإنه لن يحترمك ويقدرك مرة أخرى، والجمهور يبحث عن الجديد والمختلف وينفر من المألوف والنمطي والتقليدي، جمهور يبحث عن “مغامرة” ويستهدف المتعة والإفادة معا، جمهور ذكي ولماح بكل المقاييس، موضحا أن الرواية نفسها قدمت دراما جديدة، توغلت في باطن شخوصها وأبرزت أزماتهم ومشكلاتهم الإنسانية والحياتية، ومزجت بين الدراما النفسية والإثارة البوليسية، في الوقت الذي انفتحت فيه على غرائبية مدهشة واقتحمت عالما خفيا لا مرئيا “عالم الجن والسحر الأسود والأحلام”. وردا على التساؤل الخاص بمدى اعتبار إخراج فيلم مثل “الفيل الأزرق” مغامرة محفوفة بمخاطر شديدة نظرا لتجسيد المشاهد الغرائبية التي تعتمد على الأحلام والهلاوس وتحتاج إمكانات ضخمة تفوق الطاقة الإنتاجية لصناع السينما في مصر، قال: أنا شخصيا ضد هذا الرأي، لأنه يمكن صنع فيلم متقن في ظل ما هو متاح، بقدر من الإتقان والوعي والتوفر على دراسة كل جوانب العمل والاهتمام بالتفاصيل، وجزء أساسي من صناعة السينما في العالم قائم على تقديم المغامرة والجديد والمختلف، ولا شك أن الرتابة والملل أعداء الفن، خاصة وأن السينما الآن تواجه منافسة كبيرة وشرسة من فنون أخرى، من حيث التقنية ووسائل العرض وخيارات الرؤية والمشاهدة، والسينما سحرها هو الدهشة، وإذا فقدت السينما الدهشة الامتاع فهي لا تعني شيئا. الجديد والمنافسة وأكد مروان حامد أن السينما تتعرض لمنافسة خطيرة من التليفزيون الذي يتيح تقديم دراما عالية المستوى وبتقنيات حديثة ومتقدمة، وأيضا “البلاي ستيشن” الذي أصبح جاذبا لقطاعات واسعة من الشباب والفئات العمرية الصغيرة، مشيرا الى أن تمكين السينما من المنافسة والوصول إلى متلقيها وجذب مشاهدها، يتطلب البحث عن الجديد والمغاير في إطار عناصرها المعروفة، من حيث التركيز الزائد على الدراما والتعقيد في الحبكة وتتبع الشخصيات، والمؤثرات الخاصة التي يمكنها تجسيد ذلك وإبرازه على شاشة السينما بشكل مختلف وناجح وقادر على الوصول إلى المشاهد. واعتبر أن البحث عن الجديد لا يعني بالضرورة تكلفة إنتاجية عالية، مشددا على انه يمكن انتاج عمل سينمائي جيد وجديد ومختلف بما هو متاح، وبذل قدر عال من التركيز والدراسة والتحضير للعمل، حتى يتم إخراجه على أقرب صورة ممكنة من الجودة والكفاءة. وعن الصعوبات والعقبات التي واجهته خلال مشوار إخراج الفيلم، قال: لا يوجد عمل جاد لا تقابله صعوبات، ومقدرة فريق العمل الحقيقية والتحدي الكبير في التغلب على هذه العقبات وتحويلها إلى عوامل مساعدة لإنجاز الفيلم، وهو ما حدث في “الفيل الأزرق”، فكان هناك صعوبات خاصة بأماكن التصوير، فمثلا عندما طلبنا التصريح بالتصوير داخل مستشفى الأمراض النفسية والعصبية الشهيرة بالعباسية، فوجئنا بأن ذلك لن يكون ميسورا لاعتبارات كثيرة لا داعي للخوض فيها الآن، وبناء عليه قررنا بناء ديكور كامل “لوكيشن تصوير كامل” وهو ما جاء في صالح الفيلم وأتاح لنا حرية الحركة ومنح الكاميرا مساحات وزوايا ربما لم تكن بمثل ما خرجت به المشاهد لو صورنا في الموقع الأصلي، كذلك مشاهد الأحلام، وهي من المشاهد الصعبة لأنها لا تقوم على منطق، فمنطقها “اللا منطق” بما فيها من كسر للزمان والمكان والواقع، الخيال فيها هو البطل، ومن هنا كان اللجوء إلى اللقطة الطويلة الممتدة دون انقطاع مع حركة الكاميرا، ناهيك عن الديكورات الخاصة بالمشاهد التاريخية والتراثية من أزياء وملابس وخلفيات. وكشف أن نجاحه في انجاز مشاهد “الجرافيك” في الفيلم بحرفية وجودة عالية تطلب دراستها منذ الخطوات الأولى للإعداد والتحضير للعمل، والبحث عن شركة عالمية متخصصة لتنفيذ مشاهد الأحلام والهلاوس، وقال: سافرت إلى فرنسا وقابلت هناك المخرج “هونكر واي”، وتم الاتفاق على أن تقوم شركته “الجرافيكس العالمية BUFالفرنسية” وهي واحدة من أهم وأكبر الشركات في العالم، اشتركت في تنفيذ أفلام “لايف أوف باي”، و”ماتريكس”، و”باتمان بيجنز”، و”أفاتار” وغيرها من الأفلام العالمية الضخمة بتنفيذ تلك المؤثرات البصرية والحيل السينمائية التي اعتمدنا في مشاهدها اللقطة الطويلة المتصلة في الأحلام، بالاشتراك مع شركة “أروما” المصرية بإخراج مشاهد الفيلم. وعن تقييمه لتجربة “الفيل الأزرق” ومدى اضافتها لمشواره الفني، قال: بكل صدق، كانت تجربة ممتعة للغاية، سعدت فيها كثيرا بالتعاون مع فريق العمل كله، من أكبر نجم وحتى أصغر عامل في اللوكيشن، وربما يستغرب البعض من أنني لم أشعر بأي تعب أو إرهاق أثناء تصوير الفيلم، الذي استغرق فعليا سبعة أسابيع على مدار العام ونصف، وهو زمن قياسي لإنجاز فيلم بهذه الضخامة ويتطلب كل هذه الإمكانيات، ورغم أن هذه هي المرة الأولى التي أتعاون فيها مع كريم عبدالعزيز، إلا أنني وجدت “كيميا” خاصة وسريعة بيني وبينه، واكتشفت أنني أمام ممثل هائل، يمثل كنزا ثمينا لأي مخرج، طاقته التمثيلية تفوق الوصف، ممثل محترف استعد للعمل وقبل البدء في تصوير أول مشهد من الفيلم بخمسة أشهر كاملة، تفرغ خلالها تفرغا كاملا لدراسة كل جوانب وتفاصيل الشخصية. وأيضا خالد الصاوي، الذى تعاونت معه من قبل في “عمارة يعقوبيان” وهو ممثل “غول” يدرس الشخصية بإتقان عجيب، ويؤديها ببساطة متناهية، والأمر ذاته مع نيللي كريم وباقي فريق التمثيل في الفيلم، كلهم كانوا مدركين وواعين بأهمية العمل وتعاونوا معا بكل الحب والإخلاص حتى ظهر الفيلم بالصورة التي يراها الجمهور الآن على شاشة السينما.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©