السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الفوالة..

الفوالة..
7 أكتوبر 2006 22:11
بعد الفطور وقبل السحور، تجتمع الأسر الإماراتية على وجبة رمضانية خاصة، تعتبر طقسا من طقوس رمضان المحببة، وتحرص عليها أغلب الأسر الإماراتية على اختلاف مستوياتها· وجبة الفوالة هي تسمية عامة لصحون الفواكه التي تقدم كدليل ترحاب بالضيوف في الإمارات تتجاوز هذه التسمية في رمضان، لتشمل فيما تشمله صحون الهريس والبثيث وحبات (النخي) و(الباجلا) المسلوقة· وقد تكبر وتتسع لدى البعض فيضاف إليها الثريد وبعض الحلويات الرمضانية التي تقدم ساخنة مع القهوة العربية ومدخن البخور· فتحية البلوشي: تعرف موزة سالم (أم فهد) الفوالة بأنها كمية من الفاكهة والتمر وبعض الحلوى التي تقدم للضيوف ترحيبا بهم مع القهوة، لكنها في رمضان تصبح ذات بعد آخر لأن مكوناتها تزداد حتى تصبح وجبة مستقلة لوحدها· إفطار خفيف وتتابع: ''عرف الإماراتي القديم نظامه الصحي بالفطرة، وأدرك أن تناول الطعام بكمية كبيرة بعد الصوم يجعله كسولاً لا يرغب في القيام بأي نشاط، وينعكس ذلك على العبادة المطلوبة منه في رمضان تحديدا، لهذا السبب قسمت الأسرة الإماراتية وجبة الفطور إلى ما يشبه الوجبتين، الأولى هي وجبة الإفطار التي كانت تتكون من اللبن والتمر وشوربة (السخونة) وهي عبارة عن خليط من الطحين والسكر والسمن العربي والهيل والحليب، أو شوربة اللحم إذا كان أهل البيت قد أعدوا لحما كوجبة رئيسية، وبعض الفواكه مثل البطيخ والشمام· ولا يكثر أهل الإمارات من الأطعمة على وجبة الفطور لأن الرجال يجب أن يؤدوا صلاة المغرب بالمسجد، ولذلك يحبون أن يحتفظوا بنشاطهم لصلاة التراويح· أما الوجبة الثانية فهي وجبة الفوالة التي يمكن القول انها الفطور الحقيقي بعد الصيام، وتقدم بعد صلاة التراويح، وتتكون من الطبق الرئيسي الذي أعدته سيدة المنزل وقد يكون طبق برياني أو مكبوسا أو رزا مع السمك وغيرها من الأطباق الخليجية، والثريد الذي يعتبر سيد مائدة رمضان بشكل خاص بالإضافة إلى الحلويات الشعبية من بلاليط وعصيدة وخبيصة وغيرها· قبل هذا كله بالطبع، دلة القهوة العربية والفواكه، وحول هذه السفرة العامرة تجتمع الأسرة للتحدث في مختلف الأمور، وسرد القصص الشعبية أو الاستماع للراديو في أول عهد الإماراتيين به· تغير الزمان··· والعادات وتؤكد شريفة عبدالرحيم (أم سلطان) على ما قالته أم فهد وتتابع: ''الإفطار القليل سنة نبوية يحرص عليها الناس، فضلاً عن أن تناول كمية كبيرة من الطعام بعد الصوم يشكل مفاجأة للمعدة التي لم تستقبل شيئا طوال النهار، لهذا ما زالت بيوتنا لليوم تحتفظ بعادة الإفطار القليل وتقديم الطبق الرئيسي في وجبة الفوالة''· وتضيف: ''لعل قلة المشاغل في الزمن الماضي كانت السبب الأهم للتلاحم العائلي والاجتماعي، فقد كانت الجارات يخرجن ليجتمعن على (الفوالة) في بيت إحداهن بالتناوب ويحضرن معهن بعض ما حضرن من أطباق رمضانية، ويتسامرن حتى الساعة الحادية عشرة وكان ذلك الوقت يعتبر متأخرا جدا في الزمن الماضي، بعدها يعدن لرعاية منازلهن والجلوس مع الرجل الذي كان يعود لمنزله في نفس الوقت· وفي منتصف الليل تقريباً يخلد الكل للنوم، ويستيقظون قبل الفجر للسحور وصلاة الفجر، وبالطبع لا يعودون إلى النوم بعد الصلاة بل ينشغلون بأعمالهم المختلفة لأن نهارهم يبدأ من مطلع الشمس''· أما اليوم -تتابع أم سلطان- فقد غرق الناس بانشغالاتهم المختلفة وصار اجتماعهم على الإفطار هو الاجتماع الوحيد الذي يتفرقون بعده كل إلى عمله· وصار الإفطار هو الوجبة الرئيسية التي يقدم فيها الطبق المنزلي الخاص، والأطباق الجانبية من بلاليط وخبيص وغيره، حتى أن الشوربة تنوعت وصارت كل أسرة تقدم طبقين من الشوربة على الأقل، فيما يأتي الصائم ليتناول بعض التمرات والفاكهة ثم يشبع ولا يعود يرغب بالمزيد· وحتى جلسات الجارات تغيرت، وصارت النساء يعتقدن أن دخول إحداهن بطبقها الخاص في جلسة تعدها صاحبتها انتقاصاً من أمر المضيفة واتهاماً لها بأنها لا تعد الطعام الكافي لضيفاتها· الأب عماد الجلسة وفي جلسات الفوالة التي يكون عمادها الأب تعتمد فاطمة العلي (أم عبدالله) على زوجها في متابعة الصغار وما يفكرون به وتقول: ''أحب أن يجلس والد الصغار معهم في وقت الفوالة، فهو يتابع أفكارهم وحواراتهم، ويسأل عن دراستهم لأنه عادة لا يحب الدخول معهم في نقاشات طالما هو صائم، لكن بعد الفطور وعلى وجبة الفوالة يحلو النقاش والحديث ويصبح التفاهم مع الصغار أكثر فائدة من الطعام نفسه''· وتشير أم عبدالله إلى حرصها على تقديم الإفطار الخفيف لأبنائها الصائمين وترك الأكل الدسم إلى موعد الفوالة بعد صلاة التراويح ''كي يعتبر الصغار أن هذا الطعام هو العشاء ويسرعون للنوم لتجنب السهر وبالتالي سهولة الاستيقاظ في النهار للمدرسة· أما الكبار فأضع لهم الفوالة في ركن من الصالة وأحرص على تغطيتها وحفظها في الأواني جيدا كي يتناولوها بعد عودتهم من جولاتهم الرمضانية مع أصحابهم، وهكذا يعتبرونها سحورا ويأكلون منها ثم ينامون''· وتتابع: ''الغريب أن الكل صار يقدم وجبة الفوالة بالتزامن مع أوقات المسلسلات التلفزيونية الرمضانية، وأصبح اجتماع النساء حول الفوالة يتم في مكان فيه تلفزيون تتابع منه النساء المسلسل المفضل، مما جعل اجتماع النساء منحصرا على مشاهدة أحداث الدراما أو الحديث عن آخر التجهيزات للعيد، وأفقد وجبة الفوالة النسائية طابعها الاجتماعي المعروف''·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©