الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

الميليشيات العراقية ظاهرة سياسية أم إفراز طائفي؟

7 أكتوبر 2006 01:20
بغداد - حمزة مصطفى: لم يعرف العراق قبل عام 2003 ، وهو عام سقوط صدام، أي ظواهر مسلحة خارج سيطرة الدولة أو توجيهها· وحتى عندما استولى حزب البعث على السلطة مرتين في العراق خلال عامي 1963 و1968 فإن ما عرف بالحرس القومي الذي رافق تجربة 1963 التي لم تستمر سوى بضعة شهور، والجيش الشعبي الذي رافق تجربة 1968 التي استمرت 35 عاما، لم يكونا في الواقع ميليشيات منفلتة من عقالها بقدر ما كانت قوى سياسية وايدولوجية تحت سيطرة الدولة والحزب الذي يقود السلطة· ليس هذا فقط فإن النظام السياسي والاجتماعي في العراق لم يكن يسمح حتى بأنظمة الحراسات الخاصة للأفراد أو الشركات أو المنظمات ما عدا الدولية والاقليمية· تعرض عدي صدام حسين، الى محاولة اغتيال كادت تودي بحياته عام ،1996 لم يكن معه سوى صديق شخصي· بعدها فقط حظي بموكب حماية وهو ما انسحب فيما بعد على عدد من كبار المسؤولين الذين ظهر أنهم كانوا على لائحة التصفيات من قبل خصوم النظام· غير أن الأمر تغير جذريا بعد التغيير الذي حصل في العراق· فمع انحدار مستوى هيبة الدولة بسبب الاجراءات التي اتخذها الحاكم الأميركي للعراق آنذاك بول بريمر مثل حل الجيش والمؤسسات الأمنية والاستخبارية، تنامت ظاهرة البحث عن البديل المناسب لسلطة الدولة والقانون· ولما كان العراق مجتمعا عشائريا تتصارع فيه سلطتان سلطة رجل الدين وسلطة شيخ القبيلة فإن هاتين السلطتين وجدتا متسعا كبيرا من الفاعلية والغلو بسبب انكسار هيبة الدولة· إزاء هذا الوضع المضطرب ظهرت الجماعات المسلحة التي راح بعضها يحارب باسم مقاومة الاحتلال فيما راح بعضها الآخر يحارب باسم الحفاظ على ما تحقق من مكاسب لهذه القومية او الطائفة على حساب تلك· وفيما حسبت بعض الجهات او المناطق مثل العرب السنة وعموم المنطقة الغربية حتى الموصل شمالا بالكامل على نظام صدام، فإن جهات ومناطق اخرى صنفت على انها من ضحايا النظام مثل الشيعة والمنطقة الجنوبية من العراق والأكراد القاطنين في اقليم كردستان· اذن نمت الدافعية لنشوء المليشيات المسلحة التي حملت كل منها أجندة خاصة وتبريرا ترى انه منطقي ومعقول فدولة بلا جيش اعطت المبرر للمجتمع المنقسم على نفسه طائفيا وعرقيا ومذهبيا وعشائريا ان ينتج جيوشه الخاصة التي تتباين مهماتها بين الحفاظ على المكتسبات او الدفاع عن الذات· ولما كان لا بد للدولة التي اسمها العراق ان تستمر بوصفها كيانا موجودا ومسجلا في الامم المتحدة والجامعة العربية والمؤتمر الاسلامي وعدم الانحياز فإنه لا بد لهذه الدولة من جيش وطني موحد·· غير ان الطامة الكبرى ان هذا الجيش الذي يفترض ان يكون ''وطنيا'' و''موحدا'' لم يكن في الواقع سوى حاصل جمع الجيوش المنقسمة على نفسها والمتحاربة مع بعضها·· أي جيوش الطوائف والاحزاب والعشائر والمذاهب والاعراق· على اثر ذلك تنامى العنف الطائفي في العراق والذي كسبت جولته المليشيات التي اعتبرها الكثيرون حلا ضروريا في الماضي لمقاومة النظام من اعتبارين·· الأول أن قادتها وممثليها منخرطون في العملية السياسية بالكامل فمنهم الرؤساء والوزراء والنواب · والثاني قدرتها الذاتية وحصانتها المتأتية من حاضنة مجتمعية ما زالت ترى في جيش الطائفة او المذهب اوالعرق أفضل وأقوى من جيش الدولة او الحكومة·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©