الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

متحف ماليزيا تمثيل واقعي للعالم الإسلامي

متحف ماليزيا تمثيل واقعي للعالم الإسلامي
2 أغسطس 2012
عبر أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمان مارس الصُناع والفنانون في أرجاء دار الإسلام من حدود الصين شرقاً إلى الأندلس غرباً أعمالهم المعتادة في إنتاج ما تحتاجه المجتمعات الإسلامية من أدوات ومصنوعات للاستخدام اليومي في الطعام والشراب والمنازل ودور العبادة وجاءت جميعها وبغض النظر عن رخص أسعارها حافلة بالزخارف والألوان التي تعبر عن جماليات ووحدة الفن الإسلامي وتسابقت المتاحف العالمية على اقتنائها لعرضها في قاعاتها. وإذا كانت أيدي تجار العاديات قد فرقت التحف الإسلامية على أركان الكرة الأرضية فإن العزاء يبقى أنها حيث استقرت تتحدث عن ماضينا وتراثنا الفني التليد. د. أحمد الصاوي (القاهرة) - في العاصمة الماليزية كوالالمبور يوجد أحد أكبر متاحف العالم المتخصصة في الفنون الإسلامية ويقع المتحف في مواجهة المسجد الوطني “نيجارا” على الطريق المؤدي لحديقة بردانة الشهيرة بالعاصمة. وقد افتتح هذا المتحف في ديسمبر عام 1998م، وهو يحتل مساحة 30 ألف متر مربع وسط محيط من الحدائق المورقة المطلة على بحيرة كوالالمبور وتعرض مقتنياته من التحف التطبيقية التي تتجاوز 7000 قطعة داخل 12 قاعة عرض فضلاً عن مكتبة استثنائية من كتب الفن الإسلامي. وتنبع فلسفة العرض في المتحف من هدفه الرئيس في خلق مجموعة من المعروضات تمثل العالم الإسلامي تمثيلاً واقعياً، ولذلك فهي تضم أصغر قطع المجوهرات إلى جانب أكبر نموذج معروف في العالم وهو المسجد الحرام بمكة، والذي يتوسط معرض نماذج العمارة الإسلامية وهذا المعرض يضم نماذج مصغرة لبعض المباني المعروفة في تاريخ العمارة الإسلامية مثل تاج محل “الهند”. ومن بين المعارض الخاصة بالمتحف معرض المأثورات العثمانية سواء من صناعة تركيا أو سوريا وجناح معرض القرآن الكريم الذي يضم أكثر من 200 مخطوطة إسلامية نادرة من بينها 30 نسخة من المصحف يعود تاريخها إلى عهد أسرة “منك”. “أنغام وآيات” ويفخر متحف الفنون الإسلامية بمقتنياته من أعمال الخطاطين المسلمين من مختلف أرجاء العالم والتي توضح كافة أنواع الخط العربي الذي سجلت به اللغات العربية والفارسية والتركية والأردية. وللمتحف معرض متنقل يعرف باسم “أنغام وآيات” يحوي نماذج من روائع الخطوط الفارسية من نسخ ونستعليق وشيكسته، وقد بدأ رحلاته في عام 2004م بسنغافورة وعاد لماليزيا في العام التالي قبل أن يصل إلى مصر في عام 2007م، حيث عنيت مكتبة الإسكندرية بنشر كتالوج مميز لمحتوياته. ومن روائع هذا المعرض صفحة من مصحف يرجع تاريخ نسخها إلى عام 1818م، وهي بخط “محمد شفيع تبريزي” وقد كتبها بخط النسخ الأسود داخل إطارات على هيئة سحب محددة بالسواد على خشب طبيعي مذهب، ويعتبر محمد شفيع التبريزي بن ميرزا محمد علي كشنوي من أبرز الخطاطين الذين عملوا بمدينة تبريز الإيرانية خلال القرن التاسع عشر. ويعرض القسم الخاص بالقرآن الكريم في المتحف عدداً من مخطوطات المصاحف منها مصحف من الرق يغلب على الظن أنه من شمال أفريقيا في القرن الثاني للهجرة “8 م” فضلاً عن أعداد من مصاحف الصين والملايو، ولكن في الفترات الإسلامية المتأخرة. وتعطي قاعات الفن الإسلامي في كل من الصين والهند والملايو هذا المتحف شخصيته المتفردة لا سيما وأن فلسفة العرض فيها تهدف لتوضيح أن الحضارة الإسلامية في الملايو قد اكتسبت ملامحها من انصهار التقاليد الصينية والهندية في بوتقة الملايو. ففي قاعة الهند يتم التركيز على مقتنيات تنسب لدولة أباطرة المغول بالهند التي حكمت شبه القارة الهندية فيما بين عامي 1526م و1828م، وهي تضم منمنمات مغولية تعبر عن مهارة الرسامين في فن الصور الشخصية “البورتريه” ومجموعة متفردة من أدوات المائدة التي تبرهن على رقي فن صناعة المعادن بالهند خلال العصر المغولي فضلاً عن فوارة نادرة من المرمر الأبيض تتوسط واجهك العرض. القاعة الصينية أما القاعة الصينية فهي تعبر بمعروضاتها عن الطابع الصيني الخاص الذي أثر على الفنون الإسلامية في الأجزاء الغربية من الصين، بل والجنوبية التي أقام بها المسلمون. وتوضح معروضات القاعة الإسهامات التي رفد بها المسلمون الصينيون الأقاليم المجاورة لبلادهم منذ القرن التاسع الهجري “15 م” وخاصة المصاحف التي كتبت بطريقة لفائف الخط الصينية، حيث اعتبر الخط لدى الصينيين شكلاً من أشكال التبجيل وإن كانت منتجاتهم في هذا المضمار تختلف بشكل ظاهر عن بقية الأقاليم الإسلامية. وتمنح ألوان المينا الناصعة تلك المعروضات شخصية فريدة وهيئة مميزة. ومن المقتنيات المهمة في القاعة الصينية أوعية من البرونز كانت تنتج في الأصل كمذابح للعبادات التقليدية “البوذية” وتم تكييفها لتلائم أذواق الزبائن المسلمين مما يشير بوضوح لمعنى تمازج الثقافات في ذلك الركن القصي من الشرق الآسيوي وبقاعة الملايو عدد من المقتنيات التي تنتمي لمدن الأرخبيل والتي كانت على مدى القرون الخمسة الأخيرة بمثابة الحدود الشرقية للعالم الإسلامي. وتفصح المعروضات من المنسوجات التي أنتجها المسلمون في الملايو عن تميزها باستخدام زخارف من رسوم النباتات المحورة عن الطبيعة والفواكه إلى جانب رسوم السحاب الصيني “تشي”. كما تزخر القاعة بمنتجات خشبية رائعة وأيضاً بمصنوعات معدنية ولا سيما من الخناجر التي اشتهرت الملايو بإكسابها طابعاً فنياً مميزاً من الجمال الزخرفي وزخرفة أغمادها الخشبية أيضاً. قاعة المجوهرات ومن أهم قاعات متحف الفنون الإسلامية قاعات المجوهرات التي تضم معروضات تمثل الأنماط المألوفة من المجوهرات الإسلامية التقليدية والحلي القبلية المحلية على امتداد العالم الإسلامي من “شينجيانج” بالصين في أقصى الشرق إلى صحراوات الشمال الأفريقي بالغرب الإسلامي وإن احتلت مجوهرات الهند المغولية مركز الصدارة بين كل تلك المقتنيات الثمينة. وتظهر معروضات القاعة الطابع الفني المميز للمجوهرات الإسلامية من قلائد وأقراط وحلقات للأنف بعضها صنع من الذهب وأغلبها من الفضة المرصعة بالعقيق الأحمر والألماس والزمرد والياقوت جنباً إلى جنب مع اللؤلؤ وأنواع شتى من الأحجار شبه الكريمة المعروفة على نطاق واسع في القارة الآسيوية. وفي قاعة خاصة تعرض أشهر المنسوجات الإسلامية من النسيج والسجاد والمنتجة في الهند المغولية وإيران في العصر الصفوي، وهي تكتسب بزخارفها النباتية قيمة فنية ومادية كبيرة سواء كانت منتجة من الحرير الخاص بالأثرياء أو من القطن الذي حظيت منسوجاته بشعبية كبيرة. وقد خصص قسم من المعروضات للنسيج الصوفي المنتج في إقليم كشمير، وخاصة من الشالات الكشميرية الشهيرة والتي قامت مصانع بيزلي في اسكتلندا بتقليدها في القرن الماضي. ومن نعومة الحرير إلى خشونة الأسلحة والعتاد الحربي ينتقل زائر المتحف إلى قاعة الأسلحة التي تضم الأسلحة البيضاء والأسلحة النارية معاً. وتعرض هناك السيوف والخناجر الفولاذية المرصعة بالذهب والأحجار الكريمة والمنقوشة بآيات من القرآن الكريم وخاصة السيوف الدمشقية الشهيرة والبنادق المغولية والغدارات التركية العثمانية وجميعها لا يخلو من الزخرفة والترصيع. وبقاعة المعادن الإسلامية تختلط المعروضات من النقود الإسلامية الذهبية والفضية بالأختام المعدنية وحتى بتلك المتخذة من أحجار كريمة مثل اليشب والعقيق الأحمر.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©